مزامير

متوكل الدسوقي يكتب : الضل الوقف ما زاد

الزعيم الافريقي نيسلون مانديلا ظل رمزا للنضال والحرية فقد ناضل من اجل حرية السود في جنوب افريقيا تحمل صنوف من العذاب والاعتقال والسجن لقرابة ثلاثة عقود دخل السجن شابا وخرج منه شيخا هرما رفض كل المغريات التي قدمت له ليتناسى قضية شعبه بالرغم انها كانت كفيلة بأن تجعله اغنى رجل بأفريقيا ولكن ايمانه بقضية الحرية والمساواة جعلته يرفض كل العروض التي قدمت له وفضل السجن حتى انتصرت الارادة الوطنية وخرج مانديلا من السجن زعيما ورمزا للارادة الافريقية .
وبعد رؤيته لمآلات الاوضاع الافريقية واصرارها على العيش في ظل الاستعمار الغربي وعدم تقبل الاخر الذي جعل افريقيا كلها تعيش في وطأة الحروب الاهلية وحكم الدكتاتوريات العسكرية والقبلية البغيضة والتنافس في حب السلطة قال قولته الشهيرة :
( إني أتجول بين عالمين ، أحدهما ميت والآخر عاجز أن يولد ، وليس هناك مكان حتى الآن أريح عليه رأسي ) .

ما قاله نيسلون مانديلا ينطبق علينا في السودان وبصورة اكثر حدة ، قاد السودانيون عدة ثورات شعبية أطاحت بأنظمة عسكرية دكتاتورية ابتداءً بثورة اكتوبر التي اطاحت بحكم عبود مرورا بثورة ابريل التي اطاحت بنظام نميري واخرها ثورة ديسمبر التي أسقطت نظام الانقاذ الذي جثم على صدر الوطن ثلاثين سنة ، ولكن للأسف لم نحسن استغلال تلك الثورات فعقب كل ثورة يأتي حكم ديمقراطي لا يصمد كثيرا لانه لا يلبي اشواق وطموحات الشعب فتعود الساقية لدوران الانقلابات العسكرية والحكم الشمولي .

جبلنا كشعب سوداني على عدم تقبل الاخر وتخوينه لذلك تظل الصراعات موجودة ونخشى ألا نستفيد من تجارب الماضي لتعود ساقية العسكر الصدئة الى وأد ثورة ديسمبر التي راح ضحيتها شباب ضحوا بحياتهم لينعم الشعب بوطن حدادي مدادي وطن خير ديمقراطي .

ولكن البعض اراد ان يشكك في الثورة بتخوين كل من يخالفه الرأي ووصفه بـ(الكوزنة) وهذا من شأنه ان يضعف الجبهة الداخلية ويجعلها لقمة سائغة للمتربصين وعابدي ( البوت) .

تسربت في الايام الماضية ( كبشرة) لاحدى قروبات الزملاء الاعلاميين دار فيها نقاش عن الاوضاع الراهنة فسرها البعض على انهم ( كيزان ) مندسين يساندون النظام البائد عبر مخطط اعلامي محكم يخدم ( حشد ) وبسبب ذلك تعرض بعض الزملاء الى هجوم عنيف و حملات تشكيك واسعة بسبب مشاركتهم في هذا القروب رغم مساندة بعضهم للثورة في منذ شرارتها الأولى ومواقفهم المعروفة للكل ليس دفاعا عنهم لمعرفتنا بأغلبهم ومعرفة نواياهم ، ومثل هذه الاحكام تصدر في كل التجمعات حتى الاسرية ولمة الاصدقاء .

عدم تقبل الاخر سيعود بكارثة حقيقة على البلاد ، فقد مضى عام على الثورة ولا زلنا نتحدث عن المؤتمر الوطني المباد بشيء من التفخيم واعطيناهم اكبر من حجمهم كأننا لا نصدق انهم ذهبوا الى مزبلة التأريخ .

من المفترض ان نتناسى كل مرارات الماضي ونوجه طاقاتنا الى التنمية وكيفية الخروج من عنق الزجاجة والمحافظة على الثورة التي مهرت بدماء وارواح طيبة من المؤلم ان تضيع سدى .

لا يمكن ان نتقدم ونحن اسرى الخوف ونظراتنا دائما للخلف وننتظر الفرج .

ماذا فعلنا من اجل سوداننا الجديد الذي نحب ونشتهي؟

ماذا فعلنا لنعبر بأشواقنا من المحطات الحزينة الموحلة الى الانجاز والعبور ، السودان يسع الجميع اذا تخلصنا من شبح العبودية والتشكيك والذكريات المؤلمة .

● مزمار اخير :

بناديها ..
وبعزم كل زول يرتاح
على ضحكة عيون فيها
بفتش ليها في اللوحات
وفي احزان عيون الناس
وفي التاريخ ..
واسأل عنها الاجداد
واسأل عنها المستقبل
اللسع سنينو بعاد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى