تقارير سياسية

الدواء في السودان … النقد الأجنبي وضُعف الإمكانيات يُهددان التصنيع والإستيراد .

الخُرطوم – إيليا روماني وليم 

ولم يعُد سراً التغييرات التي طالت إدارة المجلس القومي للأدوية والسموم

يشهد قطاع إستيراد الدواء والتصنيع الدوائي إضطراباً كثيراً ليس هو وليد اللحظة بل مُمتد لأعوام سابقة أهمها عدم توفُر الإمكانيات وشُح النقد الأجنبي الذي ظل شبخاً ماثلاً أمام تنامي هذا القطاع والوفرة الدوائية ضِف الي ذلك ضُعف البني التحتية وليس بعيداً عن ذلك الجدل الواسِع الذي أثارته تسعيرة الدواء المُنتج محلياً والتي قام وزير الصحة الإتحادي د. أكرم على التوم بإلغائها لإيجاد صيغة مُناسبة تُقلل تكلفة المُنتج ومنها تقليل الأعباء على المواطِن ، وإضراب بعض مصانع الأدوية المحلية وعودتها للعمل وبيان الجنة التسييرية لشعبة مستوردي الأدوية عن مشاكل الدواء ، ولم يعُد سراً التغييرات التي طالت إدارة المجلس القومي للأدوية والسموم .

إحصائيات مُتباينة :-

تباينت إحصائيات تصنيع وواردات الدواء خلال الأعوام الثلاثة الماضية وشهدت تراجعاً ملحوظاً ظهر أثره اكثر في سوق الدواء وفي توفر الأدوية للأمراض المختلفة من حيث الندرة أو نقصها أو اللجوء للحصول عليها من مهربين .

وبحسب إحصائيات رسمية فإن قيمة واردات الدواء في العام 2017م كانت 458.9 مليون دولار وفي العام 2018م كانت 320 مليون دولار وفي العام 2019م كانت 367.2 مليون دولار .

فيما كان إنتاج الأقراص الدوائية في العام 2018م 2.2 مليون قُرص ، والكبسولات 360.3 مليون قُرص ، ومعلقات شراب 22.9 مليون زجاجة ، سوائل شراب 22 مليون زجاجة ، محاليل وريدية 4.1 مليون عبوة ، حقن طبية 38.7 مليون حقنة ، بدرة ظروف 2.2 مليون ظرف ، مراهن 905.3 الف صباع ، محاليل غسيل الكلى 577.7 الف لتر .

شعبة مستوردي الأدوية :-

و كانت اللجنة التسييريّة لشعبة مستوردي الأدوية أصدرت بيان في 9 مايو الجاري أكدت فيه عدم توفر عملة حرة ( للإستيراد ) تبلغ 25 مليون دولار شهريا بالسعر الرسمي لبنك السودان أو يتم توفير هذه المبالغ وفق ما تراه الدولة مناسباً لضمان ثبات الأسعار التي تحددها بحسب البيان .

 طالبت شعبة مستوردي الأدوية بضرورة إيجاد حلول من أجل سداد الديون المستحقة للشركات الخارجية على الشركات المحلية و قدرها حوالي 60 مليون دولار

و طالبت شعبة مستوردي الأدوية بضرورة إيجاد حلول من أجل سداد الديون المستحقة للشركات الخارجية على الشركات المحلية و قدرها حوالي 60 مليون دولار والتي تراكمت بسبب عدم توفر العملة الحرة بالسعر الرسمي في زمن استحقاق السداد وأن هذه الأدوية قد تم بيعها بتسعيرة الدولة التي تعتمد السعر الرسمي فقط .

مُشكلة النقد الأجنبي :-

 نُعاني مُنذ أعوام من عدم ثبات سياسات الدولة حول الدواء مما خلق أزمات مُتعددة

وأكد د. حاتم عثمان حسن المدير القُطري لشركة سيغما للصناعات الدوائية لـ (السودان اليوم Sudan2day) أن المجلس القومي للأدوية والسِموم هو الجهة المسنود لها تنظيم الشأن الدوائي بالبِلاد ، من تسجيل المصانِع وصلاحية الأدوية ومُراقبتها بعد التوزيع بالإضافة إلى وجود FORMULA لتسعيرة الدواء ترتبِط إرتباطاً مُباشراً بسعر صرف الجنيه ببنك السودان المركزي و أوضح :
نُعاني مُنذ أعوام من عدم ثبات سياسات الدولة حول الدواء مما خلق أزمات مُتعددة وعدم توفُر العُملات الأجنبية للإستيراد خاصة وأن التصنيع المحلي يُغطي فقط 40٪ من حاجة السودان هي أيضاً بها مواد مُستوردة RAW MATERIALS للتغليف وغيره و 60 ٪ من حاجة السودان للدواء يُغطيها المستوردون بمشاكِلهِ المعروفه بعدم توفر HARD CURRUNCY لتغطيه الإحتياجات ثم تسعير الدواء .

و نبه د. حاتم عثمان حسن إلى مشكلة سعر صرف الجنيه السوداني وتأثيرها و قال : تظل في جميع الأحوال مُشكلة إنخفاض سعر صرف الجنيه هي العائق الأساسي أمام الشأن الدوائي بالبلاد و علينا أن نواجِه بكل بشجاعة هذه الحقيقة.

وكشف د. حاتم عثمان أنهم اقترحوا على الحكومة الإستمرار في دعم الأدوية المنقذة للحياة موضحاً : إقترحنا سابقاً أنهُ يُمكِن للحكومة أن تستمِر في دعم الأدوية المُنقذة للحياة وهي حوالي 50 مُنتج وتحرير بقية الأصناف فمن الأفضل أن يكون هنالك دواء وبسِعر حُر من أن لا يكون موجوداً تماماً وهذة أيضاً لديها عدد من المُعالجات .

و أشار د. حاتم إلى أن المعمل هو أحد الإشكالات التي نتحدث عنها مُنذ زمن ، حيث لا تتوفر به الإمكانيات اللازمة فهو عبارة عن EQUIPMENT’S أجهزة ومُعدات مُهمتها فحص العينات لبيان النسب المكونة للدواء وأصبحت غير كافية مع كثرة الفُحُصات والضغط عليها .
وأضاف : كان هُناك قرار مُتبع الآن غير موجود أنه في حالة لم تظهر النتيجة خلال إسبوعين يحِق للمَالِك بيع الدواء وإذا نتجت آثار من إستخدام المُنتج يتم إعادته وهو شي ليس بغريب بل موجود بكل دول العالم يتم سحب المُنتج من السوق وهذا هو الوضع الطبيعي حتى يتم تطوير المعمل ليستوعب كل الكميات ويتم تطويره لتفادي كثير من المستثمرين الخسارة الأكيدة في سوق الدواء .

مشاكل تواجه المُصنعين


 كانت بعض الردود تتحدث عن أن المعمل به مشاكل إقترحنا عليهِم أن يُحلل المُنتج بدولة خارجية أو أي معمل داخلي يختارونهُ هُم وسنتحمل كافة المصاريف على ذلك فكانت الإجابة ” أن ذلك غير مُمكِن “


أحد مُصنعي الأدوية فضل حجب إسمه تحدث لـ (السودان اليوم Sudan2day) وطلب ألا يتم ذكر أسمه قال :
أنه أثناء مرحلة التشييد لمصنعه قام بإستيراد أدوية ( Antibiotics ) هي التي سيقوم بتصنيعها لاحقاً وإستوفي جميع مراحل التسجيل والزيارات والسفريات اللازمة لذلك ، وحصل على موافقة لإستيراد الدواء وفعلاً وصلت إلى البلاد 4 رسائل من الدواء أولها شهر سبتمبر 2019م ما يُعادًل قيمتهُ 1.2 الي 1.3 مليون دولار ( بالسِعر الرسمي ) الذي أيضاً قام بتوريدهُ من حصائل الصادر خاصتهِ ووفق الإجراءات المُتبعة قدم عينات من الرسالة الأولى التي وصلت للبِلاد بغرض عمل التحاليل اللازمة بالمعمل القومي ، و أضاف : مُنذ ذلك الحين ورغم المُخاطبات العديدة لم يتم تسليمنا نتيجة الفحص المعملي وكما تعلمون أن لأي مُنتج تاريخ إنتهاء صلاحية والمصروفات المُصاحبة لتخزين المُنتج من ترحيل وإنارة وتكييف وغيرها والأهم من ذلك الحوجة العالية له بالسوق خصيصاً في ظِل ظروف شُح الدواء الحالي ، وكانت بعض الردود تتحدث عن أن المعمل به مشاكل إقترحنا عليهِم أن يُحلل المُنتج بدولة خارجية أو أي معمل داخلي يختارونهُ هُم وسنتحمل كافة المصاريف على ذلك فكانت الإجابة ” أن ذلك غير مُمكِن ” ولستُ أنا الوحيد وأخرين ما جُملة قيمة الأدوية ما يُقارب 13 مليون دولار .

تشجيع الصناعة الوطنية :-

 في هذه الحالة لن يتضرر المواطِن لأن ” الدواء أهم من الرغيف ” والدواء لا بدائل لهُ

وأكد الطبيب الصيدلي د. معاذ صُباحي مُدير عام شركة إيفا فارما الدوائية لـ (السودان اليوم Sudan2day) أن الحل الجذري لمُشكلة الدواء في السودان يكمُن في الصناعة الوطنية وتشجيعها عبر تسهيلات حقيقة وليست مُجرد حديث وفي تشجيع الصناعة يمكن جذب المُستثمر الأجنبي للخبرة الكافية في قطاع الدواء، مضيفاً :
علينا أن نكون صادِقين في خدماتنا التي نُقدمها للمُستثمرين عبر منطقة صناعية مُهيأة وخدمات وغيرها .

وكشف د. معاذ صباحي أن مشكلة الدواء تتعلق بتوفير العُملة الأجنبية الكافية لإستيراد الدواء في شكل المُنتج النهائي وفي مُدخلات الإنتاج الصِناعية أو تحرير سعر صرف الدولار الخاص بإستيراد الدواء ، مضيفاً : هذا غير مُمكِن حالياً دون أن يتوفر إستقرار لمنظومة التأمين الصحي على الأقل في الأدوية للأمراض المُزمنة والأدوية المُنقذة للحياة و في هذه الحالة لن يتضرر المواطِن لأن ” الدواء أهم من الرغيف ” والدواء لا بدائل لهُ ، و أوضح : الدواء في السودان في حاجة للإدارة والرقابة والتوظيف الجيد لمحدودية الأموال الأجنبية والإختيار الأمثل للأصانف الدوائية التي لنا فيها حوجة ونقص .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى