مع الجيش الأبيض

تأثير كورونا على الوضع الصحي في السودان

كتب : معاذ صهيب حمدالله أحمد
لا يخفى لدى جميع من في العالم الآن التأثير الكبير جدا لجاحئة كورونا على مختلف الأصعدة، الإجتماعية و الاقتصادية و السياسية و غيرها لكن بشكل أساسي أظهر لنا هذا المرض حجم النظام الصحي العالمي بحيث لا يدع مجالا للشك بأن هذا النظام الصحي لم يصمد أمام هذا الوابل من الإصابات و الوفيات و نتجت حالة من الهلع لدى الإدارات الصحية في الدول و المنظمات العالمية، مما يتبادر لذهننا سؤال كيف وصلنا لهذه المرحلة على الرغم من التقدم العلمي في المجال الطبي خاصة.
في مارس 2015 تحدث مؤسس شركة مايكروسوفت  بعد وباء إيبولا في غرب أفريقيا عبر منصة TED و قال في جزء من حديثه “المشكلة هي أنه لم يكن هناك نظام. لم يكن لدينا فريق من علماء الأوبئة جاهز للذهاب إلى عين المكان، وكانت التقارير تصل على الورق وهي غير دقيقة. ولم تكن منظمة الصحة العالمية مسلحة للقيام بدورها”.
نبهنا bill gates لضرورة إيجاد نظام صحي يكفل كل الإحتياجات للمواطن و قادر على مجابهة كل الإشكالات الصحية الصغيرة منها و الكبيرة، و إذا نظرنا إلى الدول المتقدمة اقتصاديا و سياسيا نجد عدة إشكالات، في إيطاليا على سبيل المثال تفاقمت الأزمة بسبب عدم وجود أسرة لوحدات العناية المركزة أو أجهزة التنفس الصناعي لكل مريض، و في الولايات المتحدة الأمريكية يوجد إشكال في عدد الأطباء مقارنة بالسكان بنحو 2 طبيب لكل ألف نسمة بالإضافة طبعا لعدد الأسرة في المستشفيات و تغطية التأمين الصحي الضعيفة، فنحو 18 مليون أميركي لم يكن لديهم تأمين في عام 2018.
كل تلك الإشكالات، التي باتت جلية مع ظهور الفايروس، إذا أسقطناها على مستوى السودان لوجدنا تلك الإشكالات أضعاف مما هي عليه في الدول الأخرى، حتى لو لم يكن هنالك تفشي للمرض فإن النظام الصحي في السودان في حالة مزرية جدا، و ذلك بشكل أساسي يرجع لتركة نظام المخلوع عمر حسن البشير
، حيث عانت الدولة في عهده من التمكين في القطاع الصحي و سيطرة كبار المسؤولين على كل ما يدر من أموال إلى جيوبهم دون أي اكتراث بصحة المواطن.
مع الزيادة المضطردة في عدد الحالات على مستوى السودان، امتعض عدد كبير من الأطباء في مختلف المستويات الوظيفية على عدد من المشاكل في رأيهم قد تزيد من خطورة الموقف، تتمثل تلك الإشكالات بشكل مبسط في عدة نقاط أولها عدم توفر ترحيل و سكن منفصل للأطباء و عدم توفر أدوات حماية بمواصفات جيدة مما أدى لعزوف عدد كبير من الأطباء للعمل في المستشفيات، ففي طوارئ مستشفى امدرمان التعليمي عانى قسم الطوارئ و الإصابات نقص حاد في الكوادر مما اضطراهم لتقليص استقبال الحالات.
يوجد أيضا تواجد كبير لأعوان النظام البائد على مستوى الهيكل الإداري الصحي مما أدى لصعوبة تطبيق و أحيانا عرقلة قرارات و تسليط الضوء على إشكالات لا تمت بالواقع بصلة في سبيل إفشال الهيكل الصحي.
ما تم ذكره من إشكالات هي في دائرة ما يمكن تنفيذه في إطار الإمكانيات و السلطات الممنوحة لمنفذي القرارات ناهيك عن الإشكالات المتعلقة بالقصور في الميزانية و التصورات المختلفة لحل الأزمة المتبعة في دول أخرى. يوجد تخبط من قبل وزارة الصحة الاتحادية في عدة أوجه، كمثال قانون حماية الكادر الصحي حيث يتم طرحه عقب كل اعتداء على كادر صحي بعد أن تصل للرأي العام و لا يوجد خطوات عملية واضحة للقضاء على هذا السلوك.
النقد هنا من باب التقويم،لسنا بصدد تعرية الوزارة بمختلف هياكلها و اظهار قصور يمكن أن يدخل الإحباط و الهلع في المواطن لكن جائحة كورونا أعطت الفرصة للعالم و لنا كدولة سودانية، تبدأ خطواتها المتوانية نحو الديمقراطية، لمراجعة نظامنا الصحي من كل الجوانب، و إصلاح الضرر للخروج من عنق الزجاجة بأقل خسائر ممكنة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى