مداد وحروف

محمد فضل الله يكتب : حميدتي “اللغز”


شاهد الجميع الحوار الذي أجراه الزميل راشد نبأ، بقناة سودانية 24، مع قائد قوات الدعم السريع ونائب رئيس المجلس السيادي، الفريق أول محمد حمدان دقلو. وما ذكره حميدتي في هذا الحوار رسم صورة مغايرة للتي كانت مرسومة عن شراكة العسكر مع المدنيين في الحكومة الإنتقالية، فالرجل أماط اللثام عن بعض الحقائق التي لم تكون معروفة لدى العامة، يعرفها فقط من هم في بطانتها.
حديث حميدتي هذا سيسر به كثيرون، وسيشقى بها كثيرون أيضا، فالرجل أفضى إلى رسائل جديدة، وأوضح الصورة الذهنية التي يمكن تؤول إليها حكومته الإنتقالية قبل نهاية ولايتها، إذا لم يتدارك الجميع، العقبات الحالية من مشاكل إقتصادية وأمنيه، وآخرى سياسة في المكون السياسي المدني فيما بينه، وصراعاته التي هي مبنيه على تقاطعات ومصالح ذات أجندة حزبية بحته، مستشهدا بالصادق المهدي وخروجه على الحرية والتغير، وتبنيه تيار أو إئتلاف جديد، بإسم وثيقة العقد الإجتماعي.
حميدتي ظل خلال الفترة الآخيرة، يلمح كثيراً لمسألة فض إعتصام القيادة العامة في التاسع والعشرين من رمضان العام الماضي، وأكد بصورة غير رسمية أنه لم يكن من ضمن الذين تبنوا هذا الفكرة، وأنه ينتظر إعلان نتائج لجنة فض الإعتصام، لتبريء ساحته من هذه الجريمة الشعناء، بيد أن الرجل ألمح لأكثر من ذلك في حديثه لسودانية 24، وأن يحتفظ بالكثير من المعلومات والأسرار منذ ليلة السقوط الأولى ورفضه لإبن عوف، ورفضه لدخول المجلس الإنتقالي العسكري، وإلحاح البرهان عليه، وصولا إلى فض الإعتصام، وأكد أن يحتفظ بكل هذا بالإسم واليوم التاريخ. ويبدو أن الرجل لايكذب أو يتجمل طالما هو علي يقين، وهو ليس بساذج أن يضع نفسه في هذه الحسبة طالما هو على حق.
وعرج الرجل في حديثة على شراكة الذكية وتعاونه وتفاهمه الكبير والوفاق الذي وصل إليه، مع رئيس الوزراء عبد الله حمدوك، هذا أيضا لها حسبة آخرى، وسيكون لها وقع خاص في ميدان السياسية والصراعات التي تحدث الآن داخل الحرية والتغيير، وبقية الأحزاب وتجهيزات الإنتخابات التي بدأت ملامحها لدى البعض، وكل يسعى لإستقطاب الآخر لمعسكره من المدنيين أو العسكريين.
لانغفل أبدا الحديث الضافي الذي قدمه حميدتي في عن الدور الذي قام به في اللجنة الإقتصادية الذي قام به في ولايته الثاينة، ومواقفه بعد إختياره وتعيينه لها في المرة الأولي، ويبدو أن الرجل على دراية تامه بما يقوم به، ويعرف كيف يتصرف في الزمان والمكان المناسبين، وأنه على إلمام تام بكل جوانب العملية، فقط ينشد التوفيق والسداد من الله و “بياض النية” للذين يعملون معه فيها.
أخيرت نقول.. هناك من كان يضحك ويستهزيء من تواضع مستواه التعليمي، ولكن يبدو أن حميدتي هو من ضحك علينا جميعنا، وأثبت لكل من شاهد حديثه لسودانية 24، أنه على قدر عال من الذكاء.
فلا يمكن لرجل أن يصل إلى ما وصل إليه حميدتي، دون أن تكون له ملكات وذكاء إستنثائي، فهو يتطور يوما بعد يوم، نحو صفة رجل دولة، لا يجب أن يستهين الناس بهذا الرجل، عطفا على ضعف تعليمه النظامي، ودونكم الشيخ زايد الذي بنى الإمارات من عدم، وهو لايمتلك أي شهادة أو مؤهلا أكاديميا، ولكن أتى بالأكادميين من كل حدب وصوب، ووضع كل شخص في مكانة المناسب.
أحسب صدقا، أن الرجل يحتفظ بالكثير من الأسرار لم يبوح بها بعد، كما ذكر في حديثة، وأنه ينتظر اللجنة لتعلن عن نتائج فض الإعتصام، ونحن كذلك ننتظر لنكذبه أو نصدقه، أمرين لا ثالث لهما، وحينها سنقول كلمتنا.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى