خارج الصندوق

عبد الباسط سر الختم يكتب : سلوكيات التنظيم الحزبي

التحرر من سُلطة الزعيم والأب الروحي تتشكل ببناء نظم ولوائح تحكم المؤسسات ليحدث تبادل سلمي للسلطة داخل هذه المؤسسات بشكل نموذجي يسمح بظهور قيادات فعلية ذات قدرات ومهارات
وقد تظهر في بادئ الأمر بعض المؤثرات من السلوك التاريخي كأثر اللقب الأُسري المنتهى بالياء المعرجة والوزن (فعَلي) ولكن تقوية النظام والالتزام بالعمل المؤسسي سيسهم سريعاً في دخول أبناء الغبش لمصافي القياده وهو عين المشكلة السودانية حيث إحتكرت زمرة من الأسر (وأبناء المصارين البيضاء) للحكم

نمط الحكم للدولة يجب أن يظهر في شكل وطريقة الإدارة والتنظيم داخل الحزب المعين فلو أن حزب إرتبطت عضويته بعرق وجغرافيا محدده فهذا يعني بالضرورة إختصار الحزب بالجغرافيا او نطاق العرق المحدد وإن تدثر بثوب القومية فالطريق الطبيعي للوصول إلى مقاعد السلطة مرتبط بالدوائر الجغرافية ويجب أن يقدم سكان الجغرافية المحدده ممثلهم عبر ديمقراطية الانتخاب لا المحاصصات وتكويشات التفاوض
وإختلال هذه المعادلة جعل السواد الاعظم من الاحزاب ترفض دعوات الانتخابات المبكرة حتى أصبحت سلاح تُهدد به هذه الاحزاب كلما أشطتت

وبالعودة الي تنازع سلطة المؤسسة ولوائحها وسلطة الأفراد التي تطغى على المؤسسة فتصبح المؤسسة طيعة في يد هذا الفرد (المتضخم بفعل قدرته وتأثيره على الأفراد وتشكيله مجموع مايسموا بالقطيع) وهنا تصبح المؤسسة قانونية وذات طابع ديمقراطي وفقاً لقوانينها الداخلية وبرضي أعضائها ويصبح رئيس المؤسسة رئيس من المهد الي اللحد /كما في بعض أحزابنا / وهي بالطبع يمكن أن يبرر أصحابها بالمثل (سيد الحق راضي شن دخل القاضي)
ولكن بالنظر للمصلحة العامة التي إرتضت ضرورة تشكيل المؤسسات الحزبية وكذلك تطور العالم لتحقيق التبادل السلمي للسلطة فإن هذه الاحزاب بالضرورة لن تحقق هذا التبادل وستكرث السلطة في آيادي محدده برضى مجموعات ولكن في المقابل يؤدي هذا الرضى الي قهر لدي مجموعات أخرى كما سيقتل الملل مجموعات أكبر من الذين لن يصبروا على طعام واحد

في سبيل العقلية الجماعية الباحثة عن الأب الروحي نجد السودانيين/ات اهدروا فرص كبيرة في بناء مؤسسات راسخة وأعلوا من قيمة الكوادر السياسية التي تجيد الخطابة وسجع على حساب الكوادر التنظيمية المنوط بها تطوير وترتيب البناء التنظيمي والعمل المؤسسي لتصبح الاحزاب كدولاب الخدمة المدنية يخرج الأجيال متواصلة بتراتبية وسلاسة ودون أي تكدس أو انحياز أو سيطرة لفئة أو جيل كما يحدث حالياً
فخلال سنوات الإنقاذ ومن خلال العمل السياسي في منابر الطلاب/ات بالجامعات فقد رفدت الحركة السياسية بكوادر كثيرة جداً ولكن سرعان ما وجدت هذه الكوادر خارج هياكل المؤسسات (برضاها أو بدونه) فالهياكل المؤسسية إن وجدت فلاتستوعب قدراتهم ولاتقبل طاقاتهم وطموحاتهم حتى دجنوا في بعض الكيانات (بالشباب الطامعين بدلاً عن الطامحين)

وتسرب الكوادر السياسية من الاحزاب التي لم تستطيع إستيعابهم في هياكلها بسبب سيطرة الجيل السابق أو الأغلبية العرقية خلق نوعان من الظواهر التي عقدت المشهد الأول هو تشكل فئوي (أحزاب وكيانات شبابية ونقابية) وتمارس العمل السياسي من خلال مؤسسات مؤقته وهشة (تجمع المهنيين مثلاً) وهشاشة هذه الكيانات المؤقته وغياب التوجه الاستراتيجي يجعلها مطية للأمواج الفكرية والايدولوجية التي خرج منها هؤلاء الشباب/ات
أما النوع الآخر فهو المنبوذ عن المؤسسات بعوامل الغلبة العرقية لفئة محدده ونجده يشكل كيانات ذات طابع عرقي مطلبي تبدأ تحركها سلمياً وسرعان ماتتحول للنضال المسلح وبدلاً من رفض المؤسسة تتشكل لرفض الدولة ككل لان بطبيعة الحال المدخل لحكم الدولة هو حكم الحزب

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى