إلى القارئ الكريم

هشام عبدالملك يكتب : ثورة شباب ديسمبر اشرس مما يظنون!!

أمران في غاية الأهمية، أولهما أن ثورة شباب ديسمبر أكبر من قامة جميع الأحزاب السياسية السودانية، وأن أية محاولة لإحتوائها، مكتوب عليها الفشل.. وثانيهما، أن هذه الثورة، لن تكون جزءا من الدورة الجهنمية، التي إعتادها السودانيون خلال النصف الثاني من القرن الماضي، وبدايات الألفية الثالثة!!
القول بأن الشيوعيين هم الأفضل تنظيما، وأن سيطرتهم على لجان المقاومة، تشكل مقدمة منطقية إلى ما سوف تؤول إليه الأمور أثناء وبعد إنقضاء الفترة الإنتقالية هو قول بائس.. فالحزب الشيوعي لا يؤمن بالحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية، التي هي شعار ثورة شباب ديسمبر، وسيتعين على الرفاق، إجراء تعديلات جوهرية على نظامهم الأساسي، لتوفيق أوضاع الحزب، إذا أرادوا البقاء، وفي تلك الحالة، سوف يفقدون حتى دائرة الديوم الشرقية، وسوف يفقدون بالتالي أي مبرر لوجودهم..
أما بقية أحزاب اليسار، بقيادة حزب البعث والناصريين، فإنهم بالإضافة إلى كفرهم بمبادئ الثورة، سوف يكونون مطالبين بالإجابة على أسئلة الشارع السوداني، وفي مقدمتها، ما هو الشيء الجميل في تجربة ميشيل عفلق في سوريا والعراق، وتجربة جمال عبدالناصر في مصر النكسة، حتى ينقلوه إلى الشعب السوداني؟؟
هل يستقيم عقلا أن يدخل صدام حسين في حرب عبثية ضد إيران، يمزق خلالها إتفاقية 1975، ثم يدير بندقيته تجاه الكويت، ويعيد إعترافه بالإتفاقية التي مزقها بكلتا يديه، ليدفع العراق ثمن طيشه ومغامراته، ويتحول إلى مستعمرة أمريكية إيرانية تعيسة، يعيش شعبها ذلا وهوانا لم يدر بخلد أكثر الناس تشاؤما؟
هذا من شأن العراق، أرض الرافدين والخير الوفير، فماذا عن سوريا حافظ الأسد، الذي أقام فيها حزب البعث نظاما طائفيا وراثيا أوصلها إلى ما وصلت إليه؟ فما هي التجربة التي يريد الأزلام أن ينقلوها إلى السودان؟ تجربة إبادة الأكراد والشيعة التي قادها التكريتي صدام حسين، أم تجربة مذبحة حماة التي أغرق فيها العلوي حافظ الأسد بلاده في دماء السنة؟؟ أفيدونا أفادكم الله!!
ومن ناحية أخرى، فإن المرحلة القادمة لن تأتي بأحد السيدين إلى سدة الحكم، وهو أمر مؤكد.. فتجربة الشعب السوداني قد نضجت، وكبرت، والعالم الذي يتابع الثورة السودانية، قد أدرك عنها ما لم يدركه الشيوعيون والبعثيون والطائفيون، وأصبح بالتالي يتطلع إلى تغيير كبير، يتجاوز كل التوقعات، بل ربما يمتد من القطب إلى القطب، في يوم يتنادى فيه جميع الأقطاب، ليصبح الناس وقد وجدوا أنفسهم في حالة ثانية.. والله أعلم!
آخر الكلام..
هذا الشعب الذي أسقط أعتى ديكتاتورية دينية في التاريخ، لا يمكن أن تحكمه ديكتاتورية مدنية، تتأرجح بين الدين واللا دين..

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى