إلى القارئ الكريم

هشام عبدالملك يكتب : من يضبط صينية السوق المركزي؟


الممثلة اللبنانية مادلين طبر، قالت إنها تتمنى رئيسا لبلدها مثل الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، وهو أمر جيد، أن تقدم مصر نموذجا للحاكم القوي الذي يتمناه الآخرون.. فقد أسس الرجل لدولة قوية يهابها سكانها كما يخشاها جيرانها، فتحتل أراضيهم، ويضربون له تعظيم سلام، ويسخر إعلامها من لون بشرتهم، فيحجون إليها ويهربون لها خيرات بلادهم المدعومة ليبيعونها هناك بتراب الفلوس، ويستثمرون أموالهم لينعشوا أسواق العقارات فيها، وتدخل سياراتهم وشاحناتهم لتصب الوقود المدعوم من محطات جيرانهم الأغبياء، وهي محملة بحلل الألمونيوم والجنيهات المزورة، وتخرج منها وهي تحمل الحيوانات الحية، والصمغ العربي، والكركدي والليمون ليعيدوا تغليفها وتصديرها للأسواق العالمية وعليها ديباجة أم الدنيا!! ولعل قرار فتح المعابر بين السودان ومصر قبل فتح المعابر بين الولايات السودانية، أكبر دليل على أننا لا نملك قرارنا!!
لكن، حتى لو رزقنا الله برئيس في قوة وتصميم السيسي، ووفقه الله في تجاوز عقبة الكيزان والشيوعيين، هل يستطيع أن يتعامل مع المصائب الأخرى التي إبتلانا بها الله، وينجح مثلا في أن ينظف صينية السوق المركزي؟؟ أو يخرج تجار البهائم من شوارع المدينة؟ الله أعلم!!
لو جرت أية محاولة لتنظيم الحياة في أية منطقة داخل العاصمة القذرة، فإنهم سوف يطلونها بصبغة عنصرية، وسوف يقولون إنها تستهدف شريحة إجتماعية وعرقية بعينها، لا لأنهم حريصون على أولئك القوم، ولكن لحرصهم على أن تظل العاصمة قذرة ومتسخة، فتنظيم الحياة بداخلها سوف يحرمهم من الأيدي العاملة الرخيصة، وعمالة السخرة، التي توزع لهم منتجاتهم وبضائعهم المضروبة!!
الذين يقولون مثلا لا تعطوا المتسولين أموالكم، هم على حق وعلى باطل!! فأولئك الأجانب تأتي بهم عصابات من دول مجاورة وتسرحهم في الشوارع، بينما يوفر لهم أفرادها المأوى والمأكل، وهم يعلمون جيدا أن الأجهزة الأمنية لا تمتلك الوسائل الكفيلة بردعهم أو إرسالهم إلى بلدانهم!! فنحن شعب نثقل كاهل الدولة بالمشاكل، ونعقد لها الأمور، ونطالبها بمعالجتها، وعندما تتصدى لحلها نضع عقبات الدنيا في طريقها.. والشيء المؤسف حقا، أن دولا متقدمة علينا كثيرا، لم تستطع مجابهة هذا التحدي، حتى دول الخليج ذات الإمكانيات الكبيرة، والإنضباط الشديد في منافذها، فإنك تجد أصحاب العاهات الأجانب داخل الأنفاق النظيفة، وعلى مداخل الأسواق الراقية، بحيث أصبح الواحد يستغرب للجهات التي تدعم تلك العصابات العابرة للحدود..
نحن مع إبننا أيمن خالد في تطلعه لأن يجعل الخرطوم عاصمة نظيفة، ولكنه سيواجه الكثير من المعوقات، وسوف تأتيه من أقرب الناس إليه، خاصة الذين سوف يحيطون به، وسيكون معظمهم فاسدون.. ولا نملك إلا أن نقول له، كان الله في عونك، فنحن شعب معروف عنه دس المحافير!!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى