إلى القارئ الكريم

هشام عبدالملك يكتب : مافيش فايدة !!

عدت من جولة قصيرة في هذا الصباح، إمتدت من جبرة إلى اللاماب، فتولدت لدي قناعة تامة، بأن ليس أمام السودانيين سوى أن يراهنوا على الجنة وحدها، وأن (يقنعوا من خيرا في هذه الفانية)، فما أفسدته أسرة عمر حسن خلال ثلاثين عاما من النهب والسرقة والفساد، لن يستطيع البرهان أن يصلحه، ولو أمهلناه ثلاثين قرنا، هذا إن خلصت النوايا، وأفرج الجيش عن أموال الشعب السوداني المكدسة لديه!!
وكان كيزان مصر، قد وعدوا الشعب بعد صعودهم إلى السلطة، بأنهم سوف يعملون على تسخير الجن لإصلاح حال البلد، وهو تعبير يعكس حالة اليأس التي كانت قد اعترت الشعب من فساد عهد مبارك.. فإذا كان المصريون الذين تجاوزونا بسنوات ضوئية، أصبح ذلك هو أملهم الوحيد، فكيف يكون حالنا نحن؟ وما هو نوع الدعم الذي سوف نحتاجه من السماء، لنعبر كما وعدنا حمدوك؟
أملنا كبير في ثورة الشباب، ولن نتنازل عن خيار التغيير الذي حمل لواءه وأستشهد من أجله خيرة أبنائنا وبناتنا، ولكن بشرط أن يعرف الصادق المهدي وصديق يوسف، أنهم لا يقلون سوءا وخبثا عن الكيزان، وأن المعركة القادمة ستكون في مواجهتهم، فهم الذين ظلوا ينفثون سمومهم في شرايين هذه الثورة الجبارة، لإضعافها، تمهيدا لوأدها في مهدها، ظنا منهم أنهم سوف يرثونها!!
الذين يتحدثون عن ضرورة أن يختفي حمدوك من المشهد، يحتجون بأنه رومانسي بأكثر مما ينبغي، بينما يدعي آخرون أنه ترك الأمر لأولاد خضر، يعبثون كيف شاءوا، وقال فريق ثالث إن قراره بالإبقاء على فيصل محمد صالح ومدني عباس مدني، والتضحية بوزيري المالية والصحة لإرضاء مجموعة الفساد، يكفي وحده لأن يجعله هدفا مشروعا للثوار!!
إن ثورة شباب ديسمبر أكبر وأخطر من أن يرثها الإمام أو البلاشفة ومن دار في فلكهم، وهي أعظم وأجل من أن يتم تجييرها لمصلحة قوة إقليمية، أو دولية.. فالذين خرجوا إلى الشارع هم أبناء السودان، بشرقه وغربه وشماله وجنوبه (القديم والجديد)، وقد كانوا وما زالوا يحلمون بسودان جديد، هم قادرون على تحقيقه.. وهم أبناء الفور والزغاوة والنوبة والجعليين والمحس والبطاحين والشكرية والرفاعة، والهدندوة، والشايقية، والبني عامر، والفلاتة، وكل أعراق السودان، وهو ما يجب أن يدركه زعماء القبائل الذين يسوقون أولادنا للإقتتال باسم القبيلة بعد أن قبضوا الثمن، فالرصاصة التي صوبوها نحو صدور هؤلاء الشباب، سوف ترتد عليهم وبالا وخبالا بإذن الله، وسوف يعلم الظالمون أي منقلب سوف ينقلبون.. فقد كذب من قال (ما فيش فايدة)، فالثورة كلها فوائد، وأهمها أنها تكشف أعداءها، وتقذف بهم إلى مزبلة التاريخ، ولا مش كده يا …..

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى