سياسة محلية

ثلث وزراء حكومة الوحدة الوطنية بريطانيون

حوار: أحمد يونس

الـمصـدر:جـريدة “الرأي العام” السـودانية.
الاربعا ء4أبريل2007م.

وهو يقضي أيامه الأخيرة في الخرطوم، فإن سفير جلالة الملكة الذي تنتهي سفارته بنهاية مايو المقبل السيد إيان كاميرون كليف، يستقبل زواره بحفاوة بالغة، يبدو أن تقاليد الضيافة السودانية التي قال إنه سيحملها معه قد أثرت عليه كثيراً، ورغم أنه لعب دوراً مهماً في كواليس الدبلوماسية الغربية في السودان، فقد استطاع الرجل بلغته العربية (المكسرة)، أن يخترق سياج العزلة الذي تفرضه اللغة على غيره من الدبلوماسيين.

كان يغشي المجالس ويشارك في المناسبات السياسية والإجتماعية المختلفة، ويساعد الناس على طريقة المفتش الإنجليزي الشهير (المستر مور)، ما جعل مهمته أيسر رغم تعقيدات العلاقة بين بلاده والسودان.

وهو ـ يدردش ـ مع (الرأي العام) أبدى السيد كليف إعجابه بالولع السوداني بالديموقراطية، وبتقاليد الضيافة، ووصف العلاقات السودانية البريطانية بأنها في أحسن أحوال، وقال إن (ثلث) حكومة الوحدة الوطنية يحملون جوازات سفر بريطانية، فضلاً عن الأعداد الكثيرة من المهنيين السودانيين الذين يعملون هناك في بريطانيا!

  • كدبلوماسي غربي يعمل في السودان، كيف تحكم على المجتمع السياسي المحلي؟

ـ المجتمع السياسي السوداني فسيح ومتسع جداً لدرجة تجعل الحكم عليه صعباً، لكن الحكومة تقود معركة صعبة وشرسة مع خصومها السياسيين، أما نحن فنحتفظ بعلاقات مميزة مع بعض أطراف الحكومة، مثلما نحتفظ بعلاقات طيبة مع أحزاب الأمة، الحركة الشعبية، الشيوعي والمؤتمر الشعبي، وعلاقات واسعة مع قطاعات المجتمع المدني السوداني المختلفة.

  • من هم أصدقاؤك من السياسيين السودانيين؟

ـ أنا محظوظ لأني اشتغلت سكرتيراً أول في سفارة بلادي في الخرطوم قبل خمسة عشر عاماً، وعدت لها سفيراً، لذلك أعرف الكثيرين.

  • هل يمكن أن تسمي أصدقاءً شخصيين بين السياسيين السودانيين؟

ـ دون أن أغضب أحداً، جمعتني صداقة مع الشيخ أحمد أبو سن من الشكرية، أتاحت لي معرفة عادات وتقاليد الشكرية، كما تربطني صداقة قوية مع البروفيسور يوسف فضل لأني في الأصل مؤرخ ـ يحمل درجة الماجستير في التاريخ ـ وصادقت رئيس تحرير صحيفة «الخرطوم مونيتر» تعبان دينق لمواقفه ضد نظام النميري، وبدأت علاقتي مع وزير الخارجية الدكتور لام أكول منذ أيام الإنتفاضة.

  • كان السودانيون مقسمين بريطانياً لأصدقاء وأعداء كيف هو الحال الآن؟!

ـ تطورت العلاقات البريطانية السودانية كثيراً، فلو إنك نظرت لحكومة الوحدة الوطنية لوجدت أن ثلثها على الأقل يحمل جوازات سفر بريطانية، من الحركة الشعبية، وأحزاب المعارضة، معظمهم كانوا طلاباً في بريطانيا، نالوا حق اللجوء السياسي بعدها، فضلاً عن عديد الكفاءات السودانية من مهندسين وأطباء ومحامين الذين يعملون في بريطانيا.

  • أليس لكم أصدقاء في الحكومة؟!

ـ لدينا حوار مفتوح مع غازي صلاح الدين حول ملف دارفور، وحوارات مع معظم المسؤولين لحل المشكلة.

  • هل عنّفت الخارجية السودانية سفارة جلالة الملكة في عهدكم؟

ـ تواجهنا صعوبة في التعامل مع بعض أطراف حكومة الوحدة الوطنية، خاصة مجموعة الرئيس البشير، وتربطنا علاقة مميزة بالدكتور غازي صلاح الدين لأنه منفتح جداً، وفي المعارضة مع سكرتير الحزب الشيوعي محمد إبراهيم، الذي رتبنا له لقاءً مع وزير الخارجية الأسبق وليم هيك عن حزب المحافظين.

  • من موقع المراقب كيف تنظر للممارسة السياسية السودانية؟ هل ترى أن السياسة في السودان منتجة، أم أنها مجرد جعجعة انتخابية سرعان ما تتحول لنقيضها؟!

ـ الشعب السوداني شعب منفتح ومتفتح لذا فهو يعيش حياة سياسية حقيقية مهما كانت ظروف الحكم المحيطة به، هو شعب لا يسكت عن الحق حتى في أيام أعتى الديكتاتوريات، شعب لا يشبه غيره من شعوب إفريقيا، هو واحد من أكثر الشعوب إيماناً بالديمقراطية.

  • وماذا أيضاً تراه منتجاً في الحياة الإجتماعية السودانية؟

ـ أدهشتني الفنون السودانية (القوية جداً)، وملاحظتي الشخصية خلال فترة وجودي في السفارة أن الفنون من موسيقى وتشكيل أصبحت أقوى مما كانت عليه أيام الرئيس النميري.

  • لكن الكثيرين يرون في الحكومة الحالية أنها وضعت قيوداً كثيفة على الفنون؟!

ـ لقد تجاوزت بلادكم مرحلة الديكتاتورية وهي تتجه الآن نحو الديمقراطية، لديكم الآن حريات صحافية أكثر مما هو موجود في كثير من بلاد الإقليم.

  • هل ترجع (نهضة الفنون) إلى مساحة الحريات التي تحدثت عنها؟!

ـ رغم أن النظام مازال صعباً في التعامل مع بعض القضايا، لكن هنالك مجالاً واسعاً لتطوير وتوظيف التنوع الثقافي الكبير الموجود في البلاد، في جنوبها وغربها وشمالها وشرقها ووسطها.

  • السوداني كسياسي في نظرك؟!

ـ شعب السودان بشكل عام مهذب جداً، وهذا يؤثر على تعامله مع الشأن السياسي، هم يحترمون بعضهم جداً.

  • لم تعد بريطانيا تهتم بتدريس الإنجليزية مثلما تفعل فرنسا، لماذا؟!

ـ صحيح إن فرنسا بدأت بنشر المراكز الثقافية، وصار الكثيرون يتحدثون الفرنسية على عكس ما كان سائداً في السابق حيث كان يتكلمها الدكتور الترابي وحده، وفي الحقيقة فإن اللغة الإنجليزية أصبحت لغة العالم والعلم، وصار الكل يسعى لتعلمها، لذلك ليست هنالك حاجة لتشجيع تعلمها من الحكومة البريطانية، لكن حين الحديث عن الفرنسية فالأمر يبدو مختلفاً، فهي قد تراجعت بعد أن كانت اللغة الأولى قبل مائة عام، ولهذا السبب يعمل الفرنسيون كثيراً من أجل لغتهم وثقافتهم!

ومع هذا فإن المجلس الثقافي البريطاني يقدم المنح والدراسات في بريطانيا، وقد عقد دورات في اللغة الإنجليزية للوزراء وضباط الجيش والبوليس والقضاة.

  • على ذكر السودانيين البريطانيين، هل تفكر في جواز سفر سوداني؟

ـ لم يعرض لي جواز سفر سوداني، لو توفرت لي الفرصة لما رفضتها..

ماذا ستحمل معك إلى بريطانيا من السودان حين تعود؟

ـ سأحمل معي إلى بريطانيا حينما أعود تقاليد الضيافة السودانية، وصداقاتي الكثيرة، وسأنتبه أكثر للثقافة والتاريخ السودانيين. وآمل أن أعود مرة أخرى للسودان لأن (الجو) ـ قالها بالعربية ـ الإجتماعي في السودان مريح جداً للبريطانيين.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى