القصة ومافيها

النور عادل يكتب : البرهان الحلو.. ما اريكم الا ما أرى

-الدستور هو تعبير مكتوب عن الشعوب، قيمها، عاداتها تقاليدها، اعرافها واديانها، مثلها العليا ونظم أخلاقها، تطلعاتها وآمالها، ويأتي الدستور معبرا عن كل الشعوب بعد أن ترتضيه من قواعدها في القرى والمدن والشوارع، ولا يأتي من غرف مغلقة بين الجنرالات، فالجنرالات يفقهون في وضع الخطط الحربية، وليس في وضع الدساتير.
-إعلان المباديء الموقع مؤخرا في جوبا، لا يستحق ثمن الحبر الموقع به، والورق الذي تم التوقيع عليه أغلى منه، فهو قرار فوقي، يمثل وينحاز كلية لفئة من الشعب مقاتلة على عامة الشعب الذي انتصر بالسلمية.
-لا البرهان ولا الحلو، لهم ناقة أو جمل في الفكر والمعرفة وتاريخ الأفكار، ولا هم فلاسفة تنويريين أو حداثيين أو ما بعد نيوليبراليين، ولا اظنهم اطلعوا يوما في مكتبة عامة على أصول الأفكار ومعنى المفاهيم السياسية والاجتماعية، ما فعله الجنرالين اغلب الظن هو صيغة (استهبال) لامتطاء و(مط) الحكم ليسع العسكريين ونظرتهم للحكم المدني، فالبرهان يراهن على العسكريين والحركات المسلحة لتقوية جبهته قبيل موعد الانتخابات العامة والمؤتمر الدستوري، وكذا الحلو يراهن على صنوه العسكري في تفهم حرج الموقف وكونه لا يزال جنرالا في الغابة طال عليه الأمد، لا جنوب السودان وجد ولا شماله وصل، بينما حركات أقل منه شأنا وشؤ بلغت العاصمة وجلست على المائدة تأكل وتعب في اوعيتها ليوم غد.
-فرح المكون المدني بإعلان المباديء مفهوم في إطار العملية السياسية الشاملة واوزان اللاعبين، فأحزاب علمانية ويسارية لن تفرض رؤاها على الشارع عبر صندوق الانتخابات ولو تكتلت في حلف واحد، وها هم العسكريين يعطونهم حلم الدولة العلمانية الطوباوية مجانا بلا أي جهد شعبي أو كسب ثقافي جماهيري، ومؤسف أن المدنيين قد انحازوا وتابعوا العسكريين إلى هذا درك سحيق، وكل يوم يرذلون.
-لا خوف على دين وهوية البلاد، فالتاريخ الحديث يخبرنا أن كل محاولات النخبة لفرض الموقف الأيديولوجي باءت بالفشل، فروسيا لفظت البلاشفة بعد أقل من قرن، وأوربا الشعبية تنكرت لقيم سميث وجان روسو وعادت ترفع رايات الشعبوية وتنادي بمجد الصليب! وفي هذا درس بليغ للمثاليين السذج من كل الاتجاهات والمشارب الفكرية، أن لا صوت يعلو فوق صوت الايدولوجيا الا صوت ايدولوجي آخر أقوى منه.
-كان المتوقع أن تغضب الأحزاب والكيانات من أحادية اتخاذ قرارات مصيرية تتعلق بهوية ودين وثقافة الشعب، في غياب المجلس التشريعي المغيب إلى أجل غير مسمى، عمدا أو عفوا، ولكن الأحزاب في مائدة الحكم الدسمة وفي غمرة توزيع الغنائم تنسى حتى نفسها بله عن مبادئها.
-من قبل حرم جزء من الشعب من حقه في الاستفتاء على انفصال الجنوب، واستفتي جزء واحد في الجنوب، ومن قبل وضعت نيفاشا باتفاق ثنائي بين الحركة الشعبية نفسها وبين الإنقاذ، واليوم نفس السيناريو بين عسكري الإنقاذ وبين ربيب الحركة، وضع إعلان مبادئ عام منبت بلا أي سند شعبي، فالشعوب آخر اهتمامات العساكر والديكتاتوريبن.
-ثمة سؤال أو سؤالين يجوبان الفضاء دون أجوبة واضحة حاسمة، إلى متى تستمر الفترة الانتقالية إذا كانت تستأنف كلما وقع أحدهم اتفاق ما؟ ما المهام الوطنية الكبرى التي تركتها الفترة الانتقالية للحكومة المنتخبة القادمة؟
-لا يزال افورقي يحكم إريتريا انتقاليا منذ العام ١٩٩٣ وهذا للعلم.
-إلى رئيس الوزراء دكتور عبدالله حمدوك، هل ستجرؤ مستقبلا أن تكتب مذكراتك الحقيقية؟ بتجرد شديد!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى