مجرد رأي

السفارة السودانية بالسعودية والملتقى السوداني بالرياض زواج سلطة أم حالة تواطؤ مصلحي؟؟!!!!!!

تابعت عبر الأسافير المختلفة إعلانا للملتقى السوداني الثقافي الإجتماعي الرياضي بالرياض تم عنونته ب ” بشرى سارة “، يحمل بين طياته خبرا مفاده توقيع عقد توصيل الجوازات للمقيمين السودانيين بين السفارة السودانية بالمملكة العربية السعودية وشركة سمسا ( فيديكس سابقا ). وأوضح اعلان ال “بشرى سارة” بأن هذا المشروع هو من جهود الملتقى الذي إقترحه وتابعه حتى تم توقيع العقد الذي يقضي بأن تقوم شركة سمسا بتوصيل الجوازات السودانية للمقيمين السودانيين نظير مبلغ محدد يتحمله صاحب الجواز.

بالنظر للأمر في مجمله فإنه يبدو من الوهلة الأولى شئ جيد ويصب في مصلحة تسهيل الأمر وتقديم خدمات للسودانيين بالمملكة العربية السعودية، غير أن التفكير في مختلف جوانب وتفاصيل هذا الإعلان ستكشف لنا حقائق لطالما خفيت وظلت طي الكتمان ولم تحظى بدورها في النقاش المستفيض، وهي حقيقة دور ومهام السفارة السودانية وكيفية قيامها بها بالشكل الأفضل تجاه إجراءات وخدمات السودانيين المقيمين بالمملكة العربية السعودية فضلا عن ماهية دور ومهام منظمات المجتمع المدني التي يجب أن يصنف الملتقى السوداني الثقافي الإجتماعي الرياضي بالرياض من ضمنها، فهذا العقد محور المقال يكشف في حقيقته بعض من أزمات واإشكالات العقل والممارسة السودانية على مستوى الأداء الحكومي الرسمي وعلى مستوى الالتزام بأدوار واستقلالية المجتمع المدني السوداني عامة وبمهجر الرياض خاصة، فضلا على أن العلاقات الشخصية ومحسوبية القرابة ما زالت تلعب دورا مهما يتداخل هنا وهناك في امتداد طبيعي للفوضى ومداخل المحسوبية في اتخاذ القرارات الرسمية المسنودة بأجندات يقف وراءها الساسة من أحزاب وحركات كمستفيدين جدد لهم الحق في وراثة مزايا السلطة وما يتصل بها على كافة الاصعدة.

من المعروف لجميع المهتمين والمتابعين للشأن الوطني بأن الملتقى السوداني بالرياض هو مظلة تجمع داخلها جميع معارضي النظام البائد من أحزاب سياسية وحركات مسلحة إضافة الي جمعيات ثقافية وروابط إقليمية ورياضية يقودها في اغلبها الساسة، وقد تم تاسيس الملتقى عقب تجميد الجالية السودانية بالرياض التي كانت تسيطر عليها المعارضة السودانية إبان حكم النظام البائد فكان الواقع يحتم وجود بديل بمظلة غير سياسية ليشكل حائط الصد ضد تمدد النظام السابق وتنظيمهم المدعوم عبر السفارة التي كانت منحازة لهم ومجيرة بالكامل لمصلحة الكيزان، وللأمانة والتاريخ فقد نجح الملتقى بكافة تكويناته ومنسوبيه في وضع حد للنظام البائد وساهم بشكل أساسي وكبير في إيقاف وتخريب مخططاتهم وسط السودانيات والسودانيين بالرياض، ونجح الملتقى في توحيد جهود القوى ومعظم الوطنيين ضد النظام البائد وقدم الكثير في مختلف المجالات للسودانيين بمهجر الرياض، هذه حقائق واقع يجب الإعتراف والإحتفاء بها كجزء من إرث وتاريخ نضال وكفاح شعبنا التي ساهمت في تراكم وإستنهاض قدرة التغيير وكانت ثورة ديسمبر المجيدة نتاج طبيعي لها. غير أن هذا الإرث والتاريخ النضالي ليس مسوقا ولا سببا كافيا ليظن صاحبه بأن من حقه الاستمتاع بمزايا وورثة الحكم عقب سقوط النظام البائد.

وإن كانت ظروف الواقع إبان حكم النظام البائد ونتيجة لممارساته وطبيعته تستدعي تعبئة وتحشيد وتثوير شعبنا عبر كل أدوات العمل السياسي والمدني الثقافي او الاجتماعي او الرياضي فإن بسقوط النظام وزوال تأثيره يزول المؤثر لهذه الأوضاع الإستثنائية وغير السليمة، كما إن تنامي مساحة الحريات وحياد مؤسسات الحكم الانتقالي الحالي لحد ما، ومع انفراج مساحة العمل والمشاركة السياسية فإن الأولى بالاحزاب والحركات المسلحة الإبتعاد عن منظمات المجتمع المدني والتنظيمات المهنية والنقابية والإلتزام بمبدأ وضرورة استقلاليتها لتقوم بدورها في تمثيل المصالح التي قامت من أجلها دون تجيير حزبي او تحالفي ودون صراعات المواقف والاجندة والمصالح السياسية كما ظل يحدث في الملتقى منذ أمد طويل وما زال مستمرا حتى الآن.

كانت هذه التقدمة مهمة جدا كمدخل للاحاطة بماهية الدور الذي يحاول قادة بعض الاحزاب لعبه عبر الملتقى، فليس خافيا علينا بأن الملتقى ومنذ سقوط النظام السابق ظل يحاول عبر قواه السياسية ووجود احزابه ضمن قوى الحرية والتغيير الحاضنة السياسية للحكومة الانتقالية وبعض قادته السابقين الذين تنسموا مواقع تنفيذية بالدولة – ظل يحاول – الضغط على السفارة السودانية بالرياض من أجل إعلان لجنة تسيير للجالية السودانية بالرياض لتكون لهم السيطرة عليها وقد نجحوا في أولى خطواتهم لتحقيق اجندتهم حول الجالية باستصدار قرار من الأمين العام لجهاز شؤون السودانيين العاملين بالخارج (جهاز المغتربين) بتكوين لجان تسييرية للجاليات السودانيه بمختلف مناطق المملكة بواسطة سفارة السودان بالمملكة، وتجدر الإشارة هنا الي أن الأمين العام لجهاز المغتربين هو الرئيس السابق للملتقى السوداني بالرياض. وظلت جميع الخطوات تمضي هذا الاتجاه الا ان قوانين البلد المضيف قد أوقفت هذه المحاولات مما حدا بالملتقى وبعض قادته من الطامحين لمجد الجالية وما سيضيفه ويمثله لسيرتهم الذاتية الشخصية أن يستعيضوا عن ذلك بوجود دائم ومستمر داخل السفارة السودانية بالرياض والعمل على تبني مشاريع عدة مع السفارة لتأكيد سطوتهم السلطوية كنظام حاكم جديد فنشأت علاقة اشبه بالتواطؤ المصلحي ما بينهم وبين السفارة السودانية يعتبر هذا المشروع احد حالات ولادتها.

السؤال الذي يطرح نفسه من ضمن أسئلة أخرى سترد في خاتمة هذا المقال هل دور الملتقى كشبكة مجتمع مدني أن يقدم او يتوسط في تقديم خدمات ذات طابع حكومي عبر وسيط وتعاقد خارجي ربحي؟؟!!!
قد أتفهم ان يحاول الملتقى او اي جهة سودانية تقديم رؤى وحلول تساهم في تخفيف معاناة المواطنات والمواطنين لدى إنجاز معاملتهم واجراءاتهم بمختلف الجهات الحكومية، ودائما ما تكون هذه الحلول اجرائية وفي شكل سياسات عامة وحلول فنية وتقنية تتعلق بالخدمة نفسها وليس بالتربح من الخدمة لمصلحة اي جهة. فمشكلة المغتربين مع إجراءات الجواز السوداني محور العقد الملئ بالاستفهامات ليست في طريقة توصيل الجواز وإنما في إجراءات ومعاملات استخراج وتجديد الجواز نفسه، وفي قرارات السفارة التي تغلق أبوابها وتطلب من الأمن الدبلوماسي بالبلد المضيف ان يضع السودانيين في مساحات الانتظار بمدخل السفارات لساعات عديدة تحت هجير الشمس حسب افادات للعديد من المغتربين تأكدت من صحتها بنفسي، كما أن عدم استقرار الخدمة بالبوابة الإلكترونية للسجل المدني السوداني وتطاول مدة الإجراءات لحين وصول الجوازات من السودان للسفارة هذا اذا تجاوزنا حالة تربح السفارة من رسوم اصدار وتجديد الجواز التي تفوق ال ١٠٠ الف جنيه سوداني في حين انه يصدر من السودان بمبلغ ١٠ آلاف جنيه فقط وغيرها من الاشكالات المرتبطة بممارسات موظفي السفارة من الاستقبال ووجود العديد من سماسرة الإجراءات حول وداخل السفارة وغيرها.

هذه هي الاشكالات الحقيقية التي تحتاج لحلول فيما يتعلق بإصدار الجواز السوداني وليس المشكلة في كيفية استلامه.

ثم كيف يفكر الملتقى وكيف تقبل السفارة بتسليم وثائق رسمية للمواطنين السودانيين لجهة أخرى غير صاحب الوثيقة أو جهة رسمية مؤتمنة على هذه الوثائق، وما يمكن أن تمثله من خطر قانوني على صاحبها اذا حدث وأن وقعت لأي سبب من الأسباب في الأيدي الخطأ؟؟!!!! من المسؤول حينها عن تعويض أصحاب هذه الوثائق، ومن سيتكبد معاناة ومشاق إجراءات بدل الفاقد، ومن سيدفع الرسوم ويتابع الإجراء القانوني للتبليغ عن فقدان الوثيقة مع العلم بأن صاحب الوثيقة لن يكون قد استلمها حتى يستطيع فتح بلاغ رسمي بذلك في دائرة الاختصاص التي تتبع لها المنطقة التي فقدت بها.
هذا مؤشر واضح جدا على انعدام التفكير بمسؤولية لدى السفارة السودانية بالرياض والملتقى السوداني على حد سواء.

على السفارة السودانية بالرياض كجهة حكومية رسمية مراجعة هذا الأمر، ودراسته من كافة الجوانب والعمل عاجلا غير اجل على تلافيه، كما أن على السفارة السودانية بالرياض بوصفها طرفا اصيلا في هذا التعاقد أن تقوم هي بنشر الخبر والعقد كاملا عبر موقعها الإلكتروني لمزيد من الشفافية وعدم السماح لجهات غير رسمية ولا تمثل جميع او اغلب السودانيين بالرياض بالإعلان والتحدث عن تعاقدات رسمية بينها وبين اي جهة منعا لفتح أبواب الفساد الإداري والمحسوبية.

مجرد تساؤل اخير:
الشيوعيين حزبهم خارج شركاء الانتقالية ومتبني خط واضح جدا ضد الحكومة الانتقالية ويسعى لاسقاطها دون مواربة، ما الذي يجعل ممثلهم بالملتقى متواجد باستمرار في السفارة السودانية وينشط أيضا في توقيع مثل هذا التعاقد المشبوه؟؟!!!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى