سياسة محلية

الحرية والتغيير» و«لجان المقاومة» يرفضان المشاركة بإعلان سياسي لتأييد حمدوك

الخرطوم ـ «القدس العربي

ليعمل عدد من القوى السياسية المؤيدة لاتفاق قائد الجيش، عبد الفتاح البرهان، ورئيس الوزراء، عبد الله حمدوك، على ميثاق سياسي لدعم الحكومة، تقدمه للأخير خلال الأيام المقبلة. غير أن المجلس المركزي لقوى «الحرية والتغيير» نأى بنفسه عن هذه الخطوة، في حين رفضتها لجان المقاومة، مؤكدة أنها «ستواصل التصعيد الثوري حتى إسقاط الانقلاب».
ونفذ البرهان في الخامس والعشرين من اكتوبر/ تشرين الأول الماضي، انقلابا عسكريا على الحكومة الانتقالية في السودان، التي تشاركها المدنيون والعسكريون لعامين. وبعد أربعة أسابيع قضاها قيد الإقامة الجبرية، خرج مباشرة إلى القصر الرئاسي وسط الخرطوم، حيث وقع اتفاق إعلان سياسي مع قائد الجيش، عاد بموجبه رئيسا للوزراء، ولكن دون مكونات حكومته من قوى»الحرية والتغيير».
وحسب تقارير إعلامية تجري مشاورات بين أحزاب من الحرية والتغيير المجلس المركزي، والجبهة الثورية وميثاق التوافق الوطني حول ميثاق سياسي جديد لدعم حكومة حمدوك.

ما مضمون الميثاق؟

وتوافقت الأطراف على أن يستند الميثاق على أن تكون الوثيقة الدستورية هي مرجعية الفترة الانتقالية الدستورية، وأن لا يتم تعديلها إلا عبر المجلس التشريعي.
ويشمل الميثاق أيضاً إعادة هيكلة المجلس السيادي الانتقالي وتحديد موعد تسليم رئاسته للمدنيين في يوليو/ تموز 2022، بعد إعادة تشكيله مرة جديدة.
وعلى الرغم من تأكيد حزب «الأمة القومي» على أن الاتفاق السياسي الذي وقعه حمدوك والبرهان، لن «يحقق أهداف الانتقال الديمقراطي وتطلعات الشارع» إلا أن رئيس الحزب المكلف، فضل الله برمة، ظل يؤكد أن اتفاق حمدوك البرهان خطوة إيجابية، وأنه يعمل مع عدد من القيادات السياسية على تطويره وعلى تشكيل حاضنة سياسية عريضة لدعم حمدوك خلال الفترة الانتقالية.
وأعلن المكتب السياسي للحزب أن الاتفاق لا يستجيب لرؤية حزب الأمة القومي لمعالجة الأزمة في البلاد ولا لتطلعات الشارع الثوري.

خريطة طريق

وحسب بيان لمكتب المجلس السياسي لحزب «الأمة» الأربعاء، «ناقش الحزب مسار عملية التحول الديمقراطي في اجتماع استمر يومي الثلاثاء والأربعاء، اطلع خلاله على توصيات مذكرة من لجان المكتب السياسي حول التحديات الماثلة».
وأضاف «سيقدم حزب الأمة خريطة طريق لتأمين الاستقرار السياسي والتحول المدني الديمقراطي في البلاد وسيطرحها على كافة المكونات السياسية للتوافق حولها».
في السياق، نفى المجلس المركزي لقوى «الحرية والتغيير» وجود أي صلة له بهذا الاتفاق، وجدد رفضه للانقلاب ولاتفاق «حمدوك -البرهان» مشدداً على أن أي تعاون بين المجلس وحمدوك مربوط بتراجعه عن الاتفاق الموقع مع قائد الجيش.
واعتبر القيادي في المجلس، شهاب الدين الطيب، مساعي مكتب حمدوك لصناعة حاضنة سياسية جديدة، واحدة من أسباب تفكيك القوى السياسي الذي بالضرورة يخدم في نهاية المطاف أجندة العسكريين الانقلابية.
وأكد الطيب لـ«القدس العربي» أن المجلس المركزي لقوى الحرية والتغيير» ليس جزءاً من أي تشاورات مع رئاسة مجلس الوزراء» مؤكدا أن «رئيس حزب الأمة وعضو المجلس المركزي لقوى الحرية والتغيير فضل الله برمة، يعبر عن نفسه، وأن المجلس أعاد تشكيل هيكله التنظيمي وكون هيئة قيادية لتلافي مثل هذه التحركات الفردية» على حد قوله.
وأكد أن «المجلس المركزي لقوى الحرية والتغيير سيعلن خريطة طريق للانتقال الديمقراطي خلال اليومين المقبلين» مشيرا إلى أن مساعد رئيس حزب الأمة الصديق المهدي، خاطب المجلس بخصوص خريطة طريق يعمل عليها حزب الأمة للأهداف نفسها المعلنة من قبل المجلس المركزي لقوى الحرية والتغيير، وأن المجلس وافق على مناقشتها والتشاور حولها بالإضافة لخريطة طريق المجلس المركزي، وسيتم النقاش حول جميع الرؤى الأخرى قبل إعلان خارطة الطريق».
وأضاف «نرغب في مناقشة خيرطة الطريق مع لجان المقاومة وتجمع المهنيين وأن نناقش معهم مقترحاتهم للإعلان السياسي لتوحيد القوى المدنية الرافضة للانقلاب ولاتفاق البرهان حمدوك».

يعتمد الوثيقة الدستورية مرجعية الفترة الانتقالية ويقضي بهيكلة المجلس السيادي

وأوضح أن «خريطة الطريق ستحدد تاريخا واضحا للانتخابات المقبلة ومهام متبقي الفترة الانتقالية وتعيد تقييم الشراكة بين المدنيين» مشيرا إلى أن «تلك الخطوات ستكون بعد إسقاط الانقلاب وستلتزم بمهام تفكيك التمكين ووضع القوات المتعددة وبناء جيش موحد ومعالجة الملفات الاقتصادية مع المجتمع الدولي التي تضررت بعد الانقلاب فضلا عن بناء علاقات خارجية متوازنة».
وشدد على أن «رئيس الوزراء ساهم في تفكك القوى السياسية بعد توقيعه الاتفاق مع قائد الجيش» مؤكدا أن ذلك «سيدعم في النهاية خطط العسكريين لتفكيك القوى السياسية وتكوين حاضنة جديدة تتماهى مع الانقلاب».
وسمى الطيب القوى السياسية التي تزمع توقيع إعلان سياسي مع رئيس الوزراء بـ«حاضنة حمدوك» لافتا إلى أن تكوينها بدأ منذ صبيحة الإعلان السياسي الذي وقعه حمدوك والبرهان.
لجان المقاومة أكدت أن «توقيع بعض القوى السياسية لاتفاق مع حمدوك لا يعنيها في شيء» وإنها ماضية في «العمل على الإعلان السياسي للجان المقاومة».
عضو تنسيقية لجان مقاومة كرري أمجد عمر، قال لـ«القدس العربي» إنهم «في لجان المقاومة غير معنيين بأي اتفاق أو إعلان سياسي للقوى السياسية التي تدعم اتفاق البرهان حمدوك» مؤكدا أن «لجان المقاومة ليست جزءا منه وترفض الانقلاب والاتفاق وأي اتفاق يبنى على الانقلاب».
وأوضح أن «لجان مقاومة أمدرمان الكبرى والخرطوم أكملت مسودات الإعلان السياسي الخاص بها وبانتظار المسودات القادمة من كل انحاء السودان وصولا لوضع إعلان سياسي جامع لكل لجان المقاومة».
وبيّن أن لجان المقاومة «تلقت عروضا من عدد من القوى السياسية الرافضة للانقلاب للنقاش والحوار، لكنها ما زالت تتشاور في ذلك ولم تحسم أمرها في هذا الصدد».
كذلك أعلن تجمع المهنيين السودانيين، في وقت سابق، مقترحا لإعلان سياسي ينص على إلغاء الوثيقة الدستورية، وتشكيل سلطة انتقالية مدنية لأربع سنوات، فضلا عن اختيار شخصية مستقلة لرئاسة الوزراء وتشكيل مجلس سيادة مدني ومجلس تشريعي في وقت لا يتجاوز الشهرين.

التوافق بين المكونات

وحسب ما أكد أستاذ العلوم السياسية في جامعة بحري، محمد أحمد شقيلة لـ«القدس العربي» فإن «أهم ما تقوم عليه الفترات الانتقالية، هو التوافق بين كافة المكونات» مشيرا إلى أن «الانقلاب الذي حدث في الخامس والعشرين من اكتوبر/ تشرين الأول الماضي، ساهم في تقسيم القوى السياسية واصبحت القوى السياسية المؤثرة بعده خارج السلطة والبعض الآخر غير راض عن الواقع بينما صار الأقل تأثيرا في السلطة».
ولفت إلى أن «الانقسام الحالي هو انقسام مواقف مبدئية، وأن أي اتفاق سياسي لن يكون ذا قيمة طالما ان القوى السياسية الأكثر تأثيرا خارجه، حتى لو جاء مراعيا لكل مطلوبات المرحلة الانتقالية سيولد ميتا».
وأضاف «من جانب آخر هناك المجلس المركزي لقوى الحرية والتغيير الذي يعمل على إعلان سياسي وتجمع المهنيين السودانيين الذي قدم اعلانا سياسيا ولجان المقاومة التي تعمل على إعلانها السياسي أيضا» لافتا إلى أن «الأمر ربما ينتهي إلى العديد من المواثيق السياسية التي لن تكون مؤثرة دون إجماع».
وبخصوص موقف المجتمع الدولي قال: «ربما يدعم الإعلان السياسي الذي سيوقعه بعض القوى السياسية مع حمدوك، ولكنه سيدعو لاتفاق جامع لعلمه أن الفترات الانتقالية لا تمضي باتفاقات جزئية، ودون توافق عريض».
إلي ذلك، خرج المئات من ذوي الإعاقة، أمس في تظاهرات رافضة للانقلاب العسكري ولاتفاق البرهان حمدوك، بمناسبة اليوم العالمي للأشخاص ذوي الإعاقة (الحركية، البصرية، السمعية والذهنية) بالإضافة إلى ذوي الإعاقة من مصابي ثورة ديسمبر2018. وجاب الموكب شارع المك نمر، وصولا لتقاطع شارعي البلدية والمك نمر وسط الخرطوم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى