بلا حدود

هنادي الصديق تكتب : إعلان الهروب للأمام

لفت نظري وأنا أتابع باهتمام (الاستهبال السياسي) الذي يقوم به الانقلابيين في محاولة يائسة منهم لرسم اطار سياسي جديد ينقذهم من الورطة وجحر الضب الذي دخلوا فيه بسبب خيانتهم للثورة ، لفت نظري ذاك المقال الرصين الذي كتبه رئيس حزب المؤتمر السوداني عمر الدقير على صفحته بـ(الفيسبوك) حول الاعلان السياسي للقوى الانقلابية والذي سلمته لحمدوك ، وأستأذنته لنشره في بلاحدود وفيما يلي نص المقال:
دأبت بعض الجهات – في الداخل والخارج – على وصف الإتفاق الموقع في ٢١ نوفمبر الماضي بأنه “أفضل صفقة ممكنة” .. ومع احترامنا لتقديرات تلك الجهات، لكن من الواضح أنها أغفلت موقف الشعب السوداني الذي هو أدرى بشعاب واقعه وهو الذي يقرر ما يريد ويحدد سقف “الممكن”، وقد ظل ملايين السودانيين يوضحون ذلك عبر مواكبهم الهادرة – الرافضة لانقلاب ٢٥ أكتوبر وما يتناسل منه من إعلانات ومواقف – والمتتابعة منذ فجر يوم الانقلاب حتى يوم أمس.
في ذات السياق، تسّربت مساء أمس عبر الوسائط الإعلامية نسخة من إعلان سياسي أعدته قوى سياسية “لم تفصح عن نفسها للرأي العام”! .. نؤكد أن المجلس المركزي للحرية والتغيير ليس طرفاً في هذا الإعلان مجهول النسب ولا علاقة له به.
وكون هذا الإعلان حوى بعض مطالب قوى الثورة فذلك لا يمنحه مقبوليةً عندها، لأن أي إعلان أو ميثاق سياسي يبقى رهيناً للإرادة التي أفرزته والبيئة التي وُلِد فيها والإطار القانوني الذي يحكمه .. وتبعاً لذلك فإن هذا الإعلان لا قيمة له، مهما كان محتواه، إذ أنه لا يرفض انقلاب ٢٥ أكتوبر – بل يعترف به ضمنياً – ويستند على اتفاق ٢١ نوفمبر المؤسّس على قرارات الانقلاب، وذلك ما ينسف كل ما جاء في هذا الإعلان ويحبسه في المسافة بين زهو الشعارات الرنانة والقدرة على الفعل، ويضعه تحت عنوان “الهروب إلى الأمام” ومحاولة تسويق القبول بالأمر الواقع.
بومة الانقلاب – في كل زمان ومكان – لا تُنْجِب حمامة السلام والديموقراطية ولا تنتج شروط الحياة الكريمة، بل هي دائماً حُبْلى بالتوأم التاريخي للانقلابات: الاستبداد والفساد.
وكتاب التاريخ شاهدٌ على أنّ ثالوث الحرية والسلام والعدالة وكافة المنجزات الانسانية لم تتحقق إلّا باستجابة الشعوب للتحديات التي تواجهها .. وفي المقابل، فإنّ البقاء في واقعٍ مضاد لأقانيم الحرية والسلام والعدالة هو مصير الشعوب التي تسود فيها ثقافة الخنوع والاستسلام التي يبشر بها البعض بحجةٍ داحضة مفادها أنه “ليس في الإمكان أفضل مِمّا كان”، فالأفضل يمكن أن يجترحه الإنسان تحت كلِّ الظروف إذا كانت لديه الرغبة وامتلك الإرادة.
الشعب السوداني، من خلال مواكبه المليونية الحالية التي تجوب الشوارع والساحات في العاصمة وبقية الولايات، أثبت أن لديه الرغبة والإرادة لتحقيق ما يريد بطريقة سلمية .. لقد ضربت هذه الملايين موعداً مع النصر، غير مكذوب، من أجل تصويب المسار نحو العبور إلى الوطن الذي يسع جميع أهله وترفرف فوقه رايات الحرية والسلام والعدالة. (انتهى)
هكذا ختم الدقير مقالته والتي نسف فيها ما يسمى بالاتفاق السياسي او الاعلان الجديد باعتبار أنه تأسس على باطل الانقلاب وشفا جرف هار سينهار بكل من يحاول ايجاد وسيلة لشرعنته ، وظهر ذلك جلياً في التحدي الجسيم الذي ظل يواجهه حمدوك منذ ان وضع يده في يد الانقلابيين الملطخة بالدماء والموغلة في القمع والانتهاكات .
القضية ليست تنظيراً مترفاً بل هي واقع ممارسة بئيس يعيشه الشعب السوداني جراء أفعال الانقلابيين الشائنة فكيف لهذه القوى التي لم تكشف عن نفسها حتى الآن تحاول تدشين هكذا اعلان؟ في وقت يقتل فيه ابناء الشعب السوداني بدم بارد ويمنع الناس من حقهم في التظاهر بقنابل الغاز والاعتقالات والضرب بالهروات والرصاص المطاطي والحي ، في حين أن الميثاق المزعوم اغفل عمدا الحديث عن المحاسبة واسقط جرائم فض الاعتصام والمجازر التي تلتها كما يحدث الآن …حقيقة كل ميثاق بما فيه ينضح.
الجريدة
حرية، سلام، وعدالة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى