مقالات

منتصر إبراهيم يكتب :هذا هو اللواء معاش فضل الله برمة

هذا هو اللواء معاش فضل الله برمة ناصر ، وهذا غرسه..

لم يكن الانقسام الوطني الذي نعيشه الآن ، إلا نتاج غرس عميق من الممارسات الشنيعة لجيل الحركة السياسية والعسكرية التي تولت إدارة البلاد ؛ ومنها حقبة الحرب الأهلية في منتصف الثمانينات ، والتي أصبحت فيها المليشيات القبلية إحدى أدوات إدارة هذه الحرب _ حيث وصف خطورتها المفكر السوداني شريف حرير في ورقة مهمة تحمل عنوان المليشيات القبلية أصول التفكك الوطني ؛ وكان يقف وراء هذه التجربة، إدارتها وتنظيمها وتعبئة قدراتها اللواء معاش فضل الله برمة ناصر.

يستند إرث هذا اللواء معاش رئيس حزب الأمة، على سجل حافل من الإنتهاكات والجرائم ضد المدنيين الدينكا حول شريط التمازج _ جنوب دارفور وغرب كردفان ، حيث سادت أبشع الجرائم والابادة على يد ميليشيات البقارة ؛ إسمها المراحيل في تلك الفترة ولاحقاً تحولت إلى الدفاع الشعبي ، محرقة الضعين الشهيرة إحدى ممارساتها ، والتي تم فيها حرق المئات من النازحين والمهجرين الدينكا نساء وأطفال وعجزة في قطار كانو يلوزون به من رمضاء الحرب.
مليشيات البقارة التي دعمها وسلحها اللواء برمة ناصر ، هي نواة إعتماد المليشيات القبلية في إستراتيجية الحرب، وإدارة الزبائنية السياسية عبر الإدارة الأهلية التي ترتكن إليها العُصبة الحاكمة الآن ، وقبلاً استندت الإنقاذ على الدفاع الشعبي PFD ، كما وأن حميدتي نفسه الذي طور المليشيا التي كان يقودها إلى قوات تسيطر على الدولة الآن RSF ؛ يعود نسبه ونشأته إلي تلك الممارسة ، لذلك فلا عجب أن تسيطر مشهد التفكك الوطني على وقع هذا الإرث الذي غرسه اللواء معاش فضل الله برمة.
واحدة من مآزق الحياة السياسية في السودان ، أنها تسقط عن ذاكرتها أخطاء تجارب التاريخ ، لذلك فلا عجب أن يكون اللواء معاش فضل الله برمة ناصر رئيساً لأهم حزب في جبهة المعارضة التي تطالب بإخراج العسكر من الحياة السياسية ؛ كيف ذلك وعلى رئاسة الحزب من يجسد كل إرث العسكر في السياسة بتاريخها المرير والفظيع ، كيف يخرج العسكر من الحياة السياسية ولم يضع الحزب والأحزاب المتحالفة معه قضية العدالة الإنتقالية موضع الإهتمام وواجهتهم القيادية رجل مثل اللواء معاش فضل الله برمة ناصر ، وعن أي وفاق سياسي وانتقال نحو الديمقراطية وسجل الرجل تنؤ عن حمله الجبال، وتلك الجرائم لا تسقط بالتقادم ، وها هو فضل الله برمة ناصر ميت الروح ومفارق لحس التاريخ يقف على ارثه من الفشل. فأرجو أن يقود الحزب وحلفائه مسعى جاد بالتصالح مع التاريخ جذرياً تجاه قضايا العدالة الإنتقالية لتستطيع قيادة هذه المرحلة والتي من أهم استحقاقاتها أن قضية العدالة الإنتقالية مسألة جدية ومطالبة لا ترتبط بالآن فقط .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى