مقالات
أيمن كبوش.يكتب : من ارشيفي.. (د. حمدوك.. لا للاستقالة!!)
في الثاني من سبتمبر من العام 2019 كتبت هذا الذي استرجعه من ارشيفي بصحيفة (اليوم التالي) الغراء.. كان التشاكس في اشده، وسفينة المرحلة الانتقالية تلاطم موجها والمد يخاصم الشطآن.. يومها كتبت: (دعونا نتفق.. بأن الشعب السوداني.. أو قولوا أغلبه.. هو المكون الوحيد الذي أنجز مطلوباته في الثورة بنسبة مئوية تقارب المائة.. حيث دفع استحقاقه كله في إنجاحها وحراستها.. أرتال من الشهداء الذين مضوا إلى ربهم أنقياء بعد أن كتبوا بدمائهم وسنواتهم الغضة وأجسادهم المتناثرة.. سوانح النهايات البطولية.. الجرحى الذين دفعوا الفواتير الباهظة في صفوف التداوي وطوابير الانتظار الطويل من حساب صحتهم وراحتهم.. والأهل والأصحاب الذين جمعوا قبضات الأيادي العارية وكأنهم يمسكون على الجراح ليمنعوا تدفق المزيد من الدماء الغالية التي سالت أنهاراً على أرض الوطن.. هؤلاء دفعوا استحقاقهم (متكفي) بالأصالة.. وقاموا مقام السودان الكبير الذي لم يبقَ فيه موضع إلا وعليه طعنة رمح.. أو ضربة سيف.. وهو البلد الذي يستحق بما فيه من تمازج وتلاقح وتنوع.. لحظة انعتاق فاصلة يعود فيها السودان الذي أحببناه في الأحلام.. وتعود الخرطوم.. تلك العروس التي صورناها (جنة رضوان)، لتنشد مع “محمد المكي إبراهيم” رائعته الموسومة بـ(فرح في حديقة شوك قديم)، حيث قال: (حين أغفت أعين البنادق.. الموت نام.. نهض العشب بين الخنادق والزهر قام.. زهرة للهوى.. زهرة للجنوب.. وزهرة للشمال الحبيب.. وزهرة للتقدم والتنمية).. من دفعوا مهر الثورة الغالي الآن ينتظرون يا معالي رئيس مجلس الوزراء.. الدكتور عبد الله آدم حمدوك.. ينتظرون مكافأة موجبة لتلك السنوات القاحلة.. ومكافأة موحية لمستقبل نضير يقطف فيه الجميع ثمرات التقدم والتنمية.. نحمد لرئيس الوزراء أنه لم يتعجل النتائج ولم يركن لضغوطات من جاءوا به إلى رئاسة الوزراء من قوى إعلان الحرية والتغيير.. فكان حريصاً على التدقيق والتمحيص في اختيار طاقمه من الوزراء الذين أعمل فيهم (الفرازة الخاصة) حتى لا يخطئ في الاختيار ويحصد الندم.. المرحلة مرحلته وهو الأقدر على تقييم من يقودونها معه، لا أولئك الذين مازالوا في سني مراهقتهم السياسية الأولى.. إمعان حمدوك في التمحيص مؤشر جيد بأن الفترة الانتقالية قد كسبت رئيساً من الطراز الرفيع.. حريصاً على النجاح.. يحسب خطواته ولا يضع قدمه على أرض لم يتحسسها ويعرف الأماكن المريحة للجلوس.. من جانبنا نقول لحمدوك من حقك أن تستاء وتصل إلى درجة السأم مما يحدث حولك.. ولكن قبل أن تفكر في تقديم الاستقالة أو المضي مغاضباً من حيث أتيت، عليك أن تتذكر نضالات الشعب السوداني الذي دفع كلفة التغيير وبات ينتظرك على جمر من المطالب.. لا نريد أن يكون انتظاره هذا نضالاً طويلاً في صفوف الخبز والوقود ومقامات القِصر.. من حق شعبنا أن يغادر محطة (يناضل أيضاً من يجلس ينتظر.) لكي يتفرغ الصانع لصناعته.. العامل لمعمله.. المزارع لأرضه وحقله والجيش إلى ثكناته.)
عامان مضيا من عمر الكساح وهاهو دكتور حمدوك (يفك البيرق) تاركا البلد كلها للمجهول وانسداد الافق.. عادت الثورة الى المربع الاول والبداية من الصفر لان الوفاق والاتفاق بيننا كشعب، سيكون هو الفريضة الغائبة في صلاة الجماعة السودانية.. كلنا سوف ندفع الثمن.. واي ثمن. ؟
فيء اخير