القصة ومافيها

النور عادل يكتب : الغربة مسختنا ولا من يومنا ممسوخين؟

(والذئب لا يأكل لحم ذئب ويأكل بعضنا بعض عيانا)

خلونا نتكلم بالدارجي الواضح حقنا، البيت أعلاه ده واقعنا للأسف كسودانيين في الغربة، عموم الغربة ما بس هنا في الإمارات.
عشت واشتغلت كتير في مصر المحروسة، سافرت السعودية فترة ورجعت، جيت هنا الإمارات ولقيت أننا معشر السودانيين والسودانيات الا من رحم الله وقليل ما هم الأبرار، عبارة عن ذئاب متبلدة الاحاسيس وميتة الضمير وعديمة الأخلاق السودانية السمحة المعروفة عننا، والله بجد بحس بخزي شديد لما اشوف واقعنا هنا، ولما اتكلم مع مواطن او اي اجنبي في البلد دي ويقعد يشكر فينا، بحس انو القدامي ده مغشوش ومغيب وما بعرفنا كويس او تعرف في يوم ما على بعض الممتازين النادرين مننا رحمة الله تعالى عليهم وحفظ الحيين منهم.
ليه القسوة دي ياخ؟
سؤال استنكاري، مصحوب بغضب وانفعال وبعضكم ما اظن حيتم المقالة، وجد الما بتم المقال ده ياهو النموذج السيء اللي بتكلم عنه بالضبط، الشخصية السودانية الحديثة الانانية المادية اللي جات بلد منفتح ومتعدد الثقافات زي الإمارات وما تعلمت من التعددية دي الا السلبيات والنقائص، يعني لا تعلمت همة الباكستانيين في العمل ولا تعلمت مثابرة الخواجات في تحقيق الاهداف، ولا صبر الهنود وجلدهم في التعايش مع ضغط العمل، ولا حتى تعلمت او تأثرت بحميمية اخوانا الحبش وتحاننهم وتضامنهم مع بعض. بالعكس شالت اوسخ طبايع الشعوب دي وزادت عليها تكبر وافتراء وتعالي اجوف وبليد.
هاكم النماذج اللي بتكلم عنها ولكم حرية الرأي والتفكير:
-سوداني/ة يلقى فرص عمل في محل عمله اول ما يفكر توش بفكر يملاها أهله، عادي ما عيب، لكن لما ما يلقى أهله بعمل شنو؟ ببقا سمسار للفرص دي، طاخ بنشر إعلان الفرص المتوفرة وبخت رقمه هو كوسيط وما جهة العمل
(شركة شنو ما عارف ليك للورجغك المورجغة تطلب عمال كيت وكيت وموظف كذا كذا..) تتصل انت عزيزي المغترب الجاي زيارة وميتينك طالع شان تاكل وتسكن وتضرب تفتش في المعاينات، يرد ليك عزيزي المواطن ود بلدك بكل بجاحة الدنيا(الشغل ده حقيقي يا فردة، بس فوقو عمولة 500‪ درهم مقدما) وتعال شوف الجرجرة. نحن ملووك الجرجرة بلا منازع الا احيانا جيرانا شمال الوادي بنافسونا، طبعا السبب النيل! اكيد بلا شك. فمن شرب موية النيل تنيل وصار متنيل سمسار. خربو سمعة السماسرة والله، الله يرحم سماسرة الحلة زمان جلابية وطاقية خدرا وكرعيه غبش ولافي يسكن ده ويرحل مع ديلك ويرضى بالقليل ويشكر وتلقاه اخر اليوم مصنقر في دكانه يعني شغال ثابت وبارت تايم ما متبطل في بلاد الله وعامل سمسار على المساكين والمحتاجين، والله عيب عيب عيب.
كم مرة يا طيبة ويا عزة اتصلت ولقيتو سوداني وطالبك بعمولة مقدما؟
كم مرة دفعت لسوداني زيي وزيك عمولة شان يشغلك في شغلانة اقل من مؤهلك وانت رااضي عشان تثبت نفسك الحنك البيش اياه، واخدت زومبا وما اشتغلت للان؟ لحظة قراءتك المقال الساخط ده!
كم مرة مشيت مكتب ووعدوك بالشغل والراتب المغري ولما وصلت هناك لقيتهم سودانيين منعمين وامورهم في الروق وبكل بجاحة الكون طالبوك بدفع عشرة الف درهم شان تنزل شغل امن ولا نظافة بالفين او الف ومتين؟
حصلت معاي شخصيا وكم نفر معاي سمسارة ولية كمان جابت لنا شغل وتأكدنا انه حقيقي وطلبت 500‪ من كل واحد مننا، والله نحن كلنا حوالي 9 اشخاص وقتها ما نملك 9 دراهم اصرت 500‪ مقدما او ننسى الفكرة، طرحنا ليها نديها الجوازات تبعنا ضمان قالت الضمان ضمان الله والرسول والسماء اقرب لنا ماشاءالله على التدين طبعا! من المغسة العلي كشحتها ليها في وشها واديتها من التقيل العفن خالي بركاوي واب داؤود لكنه تب اشتغل معاها وودعناها الشيطان وتاني بقينا نحن الما بنرد عليها والله الرازق ما هي.
واحد صديق بحكي لي انه دافع للان قرابة الفين درهم عمولات، وواحد تالت دافع الف ودقداق، ورابع خمسمية… الخ وكلهم دافعين لمصريين؟ طبعا بنحب دايما نرحل بلاوينا ووساختنا للمصريين، وهم فيهم المكفيهم برضو لكننا بقينا اوسخ عليهم!

عليه عزيزي السوداني واختي السودانية بمختلف مسمياتكم ومؤهلاتكم عليا ودون ذلك، الإمارات بلد الفرص والمساواة امام القانون وقانون العمل فيها ناضج وقوي ومنصف وكل يوم فيها الاف الفرص للعمل والاستقرار والنجاح، بس قدام الاف الفرص دي في مليون سوداني عاطل متبطل بطالة مقنعة مسمي نفسه وغاشيها بكلمة (سمسار) تجاوزوهم.
فتش براك، فعل علاقاتك، معارفك، واتساب، تلغرام، فيسبوك، تويتر، انستا.. الخ واجتهد وكابس واطرق كل باب انت طالب رزق حلال ما شحاد ولا متسول، والشغل ما عيب واي زول وفهمه واحتياجاته ومقدراته ومؤهلاته وظروفه، ما تقارن نفسك بزول جاء الامارات قبل عشرين سنة، ولا السنة الفاتت، وما عندك دخل في زول سايق عربية بالقسط او بالكاش او فاتح شغل او قاعد نايم في بيت عزابة، عليك بنفسك والشي الجيت عشانه وبس.
تحاننوا، حبوا بعضكم، اغفروا لبعض، تعاونوا، شيلوا بعضكم كلكم واحد، ما تفكروا في بعض كفرص او دراهم، فكروا في بعض كبني آدميين انسان من لحم ودم، فكر انك اليوم في رحمة وعزة وصحة وبكرة عكس الحال، ما أي زول سلم عليك طمعان في مساعدتك، وما اي زول سألك عن شغل عاوز يشغلها ليك، لقيت فرصة فتش اخوانك واخواتك أولى، خليك سوداني ود بلد وحب الخير لاخوانك وما تبقى أناني بتفكر في نفسك وبس، الايام دول والدنيا دوارة (سداية ورضاية) والرصيد الجد رصيد الآخرة. الدنيا دي ما آخر المطاف يا إنسان.
ما تخلي زول يستغلك، والدنيا لو قست عليك ابقا عليها عاصي وأقسى.
اللهم صل وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

  alnooradeel@gmail.com

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى