مقالات

أيمن كبوش يكتب : اقلبوا الصفحة..

اعود لما كتبته عن خسارة الهلال في افتتاحية مشوار الفريق في دوري المجموعات.. في 15 فبراير 2021 قلت الاتي: (لم استغرب لردود الأفعال الغاضبة التي أعقبت خسارة الهلال بثنائية أمام صن داونز الجنوب أفريقي، وكأن صن داونز هذا قادم من تشاد أو جيبوتي لا تلك الدولة ذات المزاج والملامح والصفات الأوروبية التي أهلتها لاستضافة كأس العالم… احسبوا عدد المرات التي خسر فيها الهلال خارج أرضه في دوري المجموعات فستجدوا أن هذه الحكاية التي نرفضها اليوم تكررت عشرات المرات بسيناريو واحد.. فما الجديد الذي يجعلنا نحلم بذلك القدر الذي يجعلنا نرفض الخسارة بفارق بهدفين من فريق متطور وفي دولة متطورة تتمدد الفوارق بيننا وبينها لمسافات تقارب المسافة التي بين السماء والأرض ورغم ذلك نجد مشجع سوداني “داخل الإنترنت بعشرة جنيهات” و”فاتح نفسو على الآخر” مطالبا بأكثر من الذي جرى وهو “فاكر بأن إبراهيما نداي ممكن عادي يلعب في الهلال السعودي”.. قال لي احدهم: “قدمتم للمباراة بحسابات تحولات تعرفونها وحدكم ولا نسمع بها إلا في الجرايد”.. فقلت له نحن من هذا الشعب.. نتألم لالمه ونفرح بذات القدر وعندما نكتب عن الكرة السودانية نكتب بتلك العاطفة والحمية الوطنية التي جعلت أجدادنا في كرري يقابلون الغزاة باسياف العشر والصدور العارية فحصدتهم المدافع حصادا ورغم ذلك مازلنا نردد خلف وردي تلك الاكذوبة التي تحدث عن “فر جمع الطاغية”.. ولكن..!! نحن نحاول ايجاد المعادلة المستحيلة بأن (ننفخ روحاً في اموات).. ونحاول كذلك ان نصنع “شرباتاً” من “فسيخ” الاقدام والرؤوس والفكر العانس.. استبشرنا خيراً يا سيدي ولكنها كانت للأسف الشديد “بشرى” ممن “يُشكّر الراكوبة في الخريف”.. نحن نظلم هذا الجيل كثيرا عندما نهاجمه على خلفية الخسارة أمام صنداونز.. نظلمهم لأننا ننسى بأنهم لا يمكن ان يكونوا استثناء عن كل الاجيال الماضية التي لم تستطع أن تحقق الانجازات الكبيرة التي تعبر عن ناد له عشرات السنوات في المشاركات الأفريقية منذ عام 66.. غير الصعود الى النهائي الافريقي مرتين… والتواجد في ربع النهائي لاكثر من موسم.. اما غير ذلك فليس هناك غير “مسلسل معاد وقديم يستعاد”.. سنظل طويلاً في محطة “الحال من بعضه” لان السودان الذي يعاني من مشاكل اقتصادية كبيرة ويعوزه الدولار لاستجلاب الدواء والوقود وحليب الاطفال.. يكفيه جداً وجود الهلال والمريخ حتى اللحظة في دوري المجموعات الافريقية.. يكفي اننا مازلنا نعافر ونغضب عندما نخسر من منافس مثل صن داونز “كل حاجة عندو متكفي” لا صف رغيف.. ولا صف وقود.. ولا الماهية اوف عيشة هاك وكف.. نحن في حاجة للمذاكرة على “رحم الله امرئ عرف قدر نفسه” .. اما نحن فمازلنا في خانة (حشاش بى دقنو) والجهد قليل.. هذا ليس حديثا انهزامياً… ولا بكائية على حائط الهزيمة.. ولكنه تشريح موغل في الشفافية عن واقعنا المأزوم… كلكم شاهدتهم مباراة الأمس وتحدثتم عنها.. وادركتم حجم الفوارق الفنية والتكتيكية والذهنية العالية ما بين لاعب سوداني لا يعرف حساب الزمن وما يريده من المباراة فيدور ويدور حول نفسه.. وآخر في الجناب العالي من الموهبة… يحسب كل دقائق اللقاء ويعرف كيف يوزع جهده فيها.. لكي يصل الى ما يريد من اقصر طريق.. لذلك ان اردتم المضي قدماً الى الامام في المجموعات فأبدأوا منذ اليوم في تعلم التعايش مع الواقع واستدعاء التواضع واكتشاف حقيقة انفسنا واننا لا نملك شيئا غير موهبة الحواري و”مراوغات” الازقة و”كرة الشراب”.. هذه اشياء لا تصنع لاعباً منضبطاً تكتيكياً يستطيع معرفة ما يريد… نكتب بمداد الحزن المؤقت ونحمل كامل المسئولية للاعبين.. ولكن اهم ما وددت قوله هو أن الهلال لم يخرج من المنافسة وصنداونز لم يصعد، مازال هناك مشوار طويل، سنمشيه بالصبر والإرادة وشطب كلمة مستحيل.)

انتهى ما كتبناه في الماضي ونطالبكم بفتح صفحة جديدة.. لا اتكسرت الجرة ولا اندلق الفيها.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى