تقارير سياسية

تقرير دولي يستبق الحرب بين البرهان وحميدتي

افريكا انتليجنس: حميدتي والبرهان يستعدان للمبارزة


كشف تقرير دولي عن مرحلة مفاصلة قريبة بين رئيس مجلس السيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان ونائبه الفريق أول محمد حمدان دقلو المعروف بـ (حميدتي)، وذهب التقرير الذي نشرته شبكة (افريكا انتليجنس)، المتخصصة في التقارير الاستخباراتية، إلى ان البرهان ودقلو أصبحا يتحركان بشكل متناقض كما لو كانا يتبارزان، كل منهما يتحرك على حساب الآخر، لا سيما في الأسابيع الأخيرة التي وضح فيها تصاعد التوتر بينهما، واستند التقرير على وقائع جسدتها الرحلات الخارجية لـ (حميدتي) وحاول من خلالها تقديم شخصيته للعالم كـ (رجل المستقبل) في السودان، الشيء الذي دفع رئيسه البرهان لإقتفاء أثر تلك التحركات، لا سيما في الرحلة الأخيرة للبرهان إلى عاصمة دولة الإمارات العربية المتحدة (أبوظبي) وحاول البرهان الرد على تحركات نائبه الخارجية، بزيارة معقل نفوذه الاقتصادي حيث مناجم الذهب في ولاية دارفور وحرص البرهان على إجراء اتصالات مع قادة الحركات الموقعين على إتفاق جوبا لنيل موافقتهم على توحيد كل القوات داخل الجيش النظامي (القوات المسلحة)، حدث ذلك في غياب حميدتي المشغول بتقديم نفسه للعالم، والمتمترس على موقفه في أن تظل قواته مستقلة في هيكلتها وميزانيتها وبعيدة عن أي خطة لتوحيد (المليشيات).
وأشار التقرير بوضوح إلى علاقة (التربص) بين البرهان وحميدتي حيث جاء في بدايته: (وعلى الرغم من أن أيا منهما لم يشهر خنجره حتى الآن، لكن كلا الرجلين ظلا يتحينان الفرصة لضرب الاخر ويلعبان أدوارا متعارضة لعدة أسابيع من أجل اثبات من منهما يمسك بقبضة السلطة. وقد تفاقم الأمر مع سفر كل منهما الى الدول الرئيسية الراعية للسلطة الانتقالية في السودان لكسب تأييدها.

حميدتي في موسكو والبرهان في أبوظبي
وركز التقرير على رحلتي حميدتي والبرهان لكل من موسكو وأبوظبي لكونهما مرتبطتين إلى حد كبير بطموحاتهما في الحكم، وجاء في التقرير ما يلي:
(رداً على رحلة حميدتي إلى موسكو في نهاية فبراير، ذهب البرهان في العاشر من مارس الماضي إلى أبوظبي برفقة شخصيات بارزة من إدارته وكان من بينهم الرجل الذي عينه في ديسمبر الماضي في رئاسة جهاز المخابرات في البلاد، أحمد إبراهيم علي مفضل، التقى البرهان لمدة ثلاث ساعات مع ولي العهد ورجل الإمارات القوي، محمد بن زايد آل نهيان،
وقد ظفر البرهان بتأكيد على التأييد من محمد بن زايد، والذي يعتبر من قبل البعض داعما بشدة للتغير في السودان. وكان بن زايد قد فاجأ العالم بالوقوف على الحياد خلال الأزمة الأوكرانية الحالية. غير أن ولي عهد أبوظبي طلب من البرهان القيام بخطوات إيجابية نحو المعارضة المدنية التي لا تزال في خلاف معه منذ انقلابه على شراكتهم في أكتوبر الماضي، من خلال إطلاق سراح المتظاهرين المسجونين وتعيين تكنوقراط في مناصب وزارية رئيسية. من جانبه طالب البرهان بالدعم المالي من الإمارات للمساعدة في تخفيف السخط الشعبي من المواطنين الذين تضرروا بشدة من ارتفاع أسعار السلع الأساسية بسبب الحرب في أوكرانيا.

تعتبر رحلة البرهان إلى أبو ظبي أكثر أهمية لأنها جاءت بعد زيارة قام بها حميدتي ، زعيم ميليشيا الجنجويد من القبائل العربية في دارفور والتي تسمى الآن قوات الدعم السريع. وكان حميدتي قد التقى بن زايد في التاسع من فبراير 2022م، قبل ذهابه إلى موسكو بقليل. وناقشا خلال الزيارة التعاون الاقتصادي بين البلدين، فضلا عن الهجمات الأخيرة على الأراضي الإماراتية التي تبناها متمردو الحوثي اليمنيون. وتعتبر الإمارات العربية المتحدة عضوا نشطا في التحالف الذي تقوده السعودية في اليمن منذ عام 2015. كما لعب البرهان وحميدتي دورًا بارزًا في هذا الصراع.

التسلسل الدبلوماسي
وأشار التقرير بالتفصيل لمحاولات حميدتي تقديم نفسه للعالم كـ (شخص) مُرحب به من خلال تباهيه وتفاخره برحلاته الخارجية لبعض العواصم في مواقع التواصل الاجتماعي التي تحركها (الميديا) التابعة للدعم السريع كما حدث في زيارته إلى اثيوبيا في 22 يناير للقاء رئيس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد علي، ومناقشته ملف مثلث الفشقة، ثم لقائه في 31 يناير بالخرطوم مع وركنه جيبيهو، الأمين العام الإثيوبي للمنظمة الإقليمية للهيئة الحكومية الدولية للتنمية (إيقاد)، لبحث إنشاء منصة ثلاثية بين الأمم المتحدة و(ايقاد) والاتحاد الإفريقي لحل الأزمة السياسية التي غرق فيها السودان منذ انقلاب البرهان في أكتوبر الماضي.
واستمرت تحركات حميدتي الذي يتعامل كما لو كان الرجل الأول، إلى جنوب السودان في 15 و16 فبراير، حيث شارك في رئاسة مجلس دفاع مشترك مع رئيس جنوب السودان سلفا كير بشأن تنفيذ الترتيبات الأمنية بموجب اتفاق سلام جنوب السودان 2018، ثم انطلق في رحلة استغرقت 8 أيام إلى موسكو التقى خلالها وزير الخارجية سيرجي لافروف ونائب وزير الدفاع ألكسندر موفين وآخرين، وعاد منها بصفقات شراكة اقتصادية ووعد بقاعدة بحرية روسية على البحر الأحمر.

محاولات البرهان للرد
ويقول تقرير افريكا انتجلنس ان التحركات الدبلوماسية لحميدتي نجحت في إثارة غضب البرهان وفي محاولته للرد على تمدد حميدتي، استغل البرهان الذي وصفه التقرير الدولي بـ (الجنرال الانقلابي) غياب منافسه ليستعرض بيادقه على المسرح المحلي، ففي اليوم الثاني من زيارة حميدتي إلى موسكو، استبدل البرهان، على سبيل المثال، قوات الدعم السريع في نقاط التفتيش بالعاصمة بجنود من القوات المسلحة، كما سافر إلى مدينة الفاشر عاصمة شمال دارفور معقل حميدتي والدعم السريع، حيث تدير عائلة دقلو مناجم ذهب من خلال شركة الجنيد التابعة لها ، حيث استغل البرهان غياب حميدتي لإجراء اتصالات مع قادة المتمردين الذين وقعوا اتفاقيات جوبا في أكتوبر 2020 ومحاولة دفع مشروع توحيد الميليشيات تحت قيادة القوات المسلحة السودانية وهو المشروع الذي يجد معارضة حميدتي، الذي يعتمد استقلاله المالي والسياسي على قوات الدعم السريع.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى