القصة ومافيها

النور عادل يكتب : إلى أين يقودنا البرهان؟

إذا جاز في فنون العمل العسكري أن تأسر عدوك ، فهل يجوز في فنون الحكم والسياسة أن تأسر شعبا بحاله؟!
نحن الان شعب السودان في الداخل والخارج بتنا أسرى شلة عسكرية تتبعها ماعز وضأن في شكل أفندية ، بلا رؤية أو هدف أو فهم اللهم الا أن تبقى بأي ثمن! حتى لو كان الثمن ما نعيشه الان من ضياع يومي في تفاصيل الحياة البدهية .
لا يخفى على عاقل أو مجنون مستوى السوء والتردي الان ، لكنني أتساءل أين هو تصحيح المسار الذي فلقنا به الجنرال عبدالفتاح البرهان؟!
فالرجل يتخبط من بعد انقلابه (تصحيحه غير الصحيح) المشؤوم جدا بشكل مثير للشفقة . فهو يبحث عن داعمين له في كل مكان ولا يجدهم ، والعالم الان يعيش أزماته الخاصة الناتجة عن الجائحة والان الحرب الروسية على أوكرانيا .
ماذا ينتظر هذا الجنرال التائه بملامح بؤسه الذي بات كل يوم يتمدد على أرض الوطن وملامح إنسانه .
تكالب من تبقى من شركاء العسكر من المؤلفة قلوبهم بجوبا على المناصب والمال العام بات فجا لا يخفى على أعمى ، وليتها وقفت على المال العام ، لكنها طالت حتى أعراض البنات وأرواح الشباب الغض ، فباتت العاصمة السياسية للحكم الان غابة شاسعة ، القوات النظامية هي رأس الرمح في عملية نهب المواطنين في الطرقات قبل المجرمين واللصوص ، بل باتت الخشية اليوم أكثر من النظاميين من رصفائهم المجرمين !
لقد هوت فرية هيبة الدولة على أم رأسها وبات رجل الشارع لا فرق  يذكر بالنسبة إليه بين المجرم والنظامي بل الأخير أسوأ فهو يسرقك بزيي الدولة وسلاح الدولة وعربة الدولة وباجراءات الدولة!!! فأي سقوط بعد هذا؟!

الفشل المرير في ملف الاقتصاد وقوت المواطن بعدما بدأت تنحل عقده على أيام طيب الذكر عبدالله حمدوك بات الان على أيام المأفون جبريل إبراهيم ربيب الاسلاميين والعسكر أمر فوق الاحتمال. وكأن الرجل مهندس ومصمم على الفشل ، بل لو تتبعنا خطوات الرجل لخيل للمتابع أن الفشل مقصود لذاته وليس عرضا أو تبعات لسياسة متبعة ، ولا أظن أصلا أن للرجل سياسة رؤية من أساسه إنما هو وكيل للفشل ومسؤول عنه لتأديب الشعب نيابة عن أسياده الكيزان .
رجل الفكاهة السياسية التوم هجو الذي بات مسار تندر الكبار والصغار ونافس المجانين والبلهاء في ممارسة التصريحات الهرائية والهردبيس، اختفى الان تماما من المشهد وبتنا نشتاق لوجهه المتنافر القسمات ليطل علينا بتصريح لمبي يضحكنا على أوجاعنا، وليس من وجع أشد وأنكى من أن يكون التوم هجو البهلول قائد سياسي في بلد المحجوب و الشفيع خضر والشريف الهندي وعبدالله بك خليل..يا ويح الثكالى الضاحكات من الهبالة.

مبارك أردول النموذج التقليدي للفاسد الكلاسيكي المنحط واللامبالي بمأساة أهله في الجبال طلما أمن مستقبله السياسي والمادي ، أردول القادم من خلفية دينية سلفية وبيئة فقيرة فجأة وعى أنه فقير وأن المبادئ السلفية الشرعية لن تجعله يأكل الدجاج والأرز المحشي بالتمر والزبيب ، فخلع عباءة الدعوة إلى الله ولبس قميص الرفاق المنمنم الملون بألوان الغابة وأفريقيا المنسية وانضم للحركة الشعبية لبناء سودان جديد وكرش مديد ، أصاب الثانية ونسي الأولى وإنما لكل امرء ما نوى !

مني أركو مناوي ، يكفي سيرة الرجل أنه كان مساعدا للمخلوع البشير ، وكان ولا يزال لسان حاله قول الله تعالى (فإذا اعطوا منها رضوا وان لم يعطوا لم يرضوا) فخرج مغاضبا الإنقاذ بعدما قلصت الطعام في اناءه وعاد شريكا للسلام المزعوم مؤخرا في جوبا يأكل أعلى المائدة بإسم المدنية ، ويأكل أسفلها خسة ودناءة مع العسكريين أسياده الذين يعلم يقينا أنه لو ناجزهم ما تبقى من عمره بالسلاح لن يصل الخرطوم الا في القيد ذليلا ، فجاءه البشير وأكل تحت التربيزة وشبع وكان الجشاء في قاعة الصداقة مع جوقة البهاليل المسماة التغيير 2 نفس لعبة المؤتمر الوطني القديمة فرق تسد ، ولكن بممثلين من الهامش المفترى عليه المخطوف ببطون الدود الجدد . هل تسمعون للرجل الان ركزا ؟! لا لن تسمعوا له غير الشخير !
وأخيرا ، وليس آخرا ، فإن الرزية كل الرزية هي في النائب الفلتة ، رجل الاعمال الطموح بإسم المنصب ، فالرجل واضح أنه يلعب لصالح ورقه وطموحاته الخاصة ، لذلك كانت رحلته صوب موسكو ، في وقت حتى أقرب حلفاءها الصين تتباعد عنها لأجل مصالحها مع الغرب ، ذهب حميدتي وفعل فعلته وعلى السودان الوطن الكبير أن يجني ثمار هذه الزيارة مزيدا من العزلة الدولية والحرمان التنموي ، وأظن أن العشرين ألف طن قمح قد انتهت وآن موعد السداد ليس لروسيا إنما لمن ينتصر أخيرا في الحرب الاستراتيجية الاخيرة بين أوربا وموسكو . لا أظن أن فارس النور تؤهله ملكاته الفكرية الفقيرة أن ينقذه من مثل هذا مأزق . ففارس ركاب سرج المنتصر ورديف المحظوظين ومسألة وقت وينفض يده عن بيعة ولي نعمته الجديد ،  تماما كجماعة المؤلفة قلوبهم جوبا. ربما نراهم غدا في استقبال حمدوك.. من يعلم؟!
ويظل السؤال معلقا بلا جواب أو هدى ، إلى أي جب سحيق يريد البرهان أن يلقي بهذا الوطن؟
فالرجل بلا رؤية ، بلا هدف ، بلا رسالة ، بلا أدنى قدر من كاريزما حتى للقيادة ، الرجل تائه بين نفسه وحلم والده له بالرئاسة ورفض شعبي جارف يزداد كل يوم له.. إلى أين يقودنا البرهان؟ ولما لا يتنحى ؟ وهل حقا يظن نفسه سوار الدهب؟! هل تمسك سوار رحمه الله تعالى بالمنصب كل هذا التمسك المميت؟
وطن بأكمله يموت فداءا لرغبة مجنونة في البقاء لشخص بلا لون أو طعم أو رائحة أو فكرة .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى