القصة ومافيها

النور عادل يكتب : كيف يفكر اسلاميو السودان؟ وهل يفكرون؟

قبل سنوات ليست بالبعيدة زار الترابي اخوانه اسلاميي مصر وحذرهم من تولي الحكم والثقة في العسكر، وكرر نفس الأمر لاخوان النهضة في تونس وكذلك انذرهم من نفس النقطة.
فكيف حال الجماعتين بمصر وتونس الان؟
فتأمل..
الترابي تتفق أو تختلف معه لكن الرجل خبر العقلية العسكرية العربية واطلع على نفسياتها وجربها شخصيا وحركيا وحاقت به الندامة،وايقن تمام اليقين بوعيه الدستوري والاكاديمي والحركس التقدمي ادرك أن العسكر ليسوا أهل ولاء او وفاء، إنما تحركهم اجنداتهم الشخصية والدول الخارجية.
منذ ثورة الضباط الاحرار في مصر والعسكر يتخذون التيارات الإسلامية وتحديدا الاخوان مركبا للسلطة وبعدها (عينك ما تشوف الا البكاء والعويل) في الإعلام من تركيا وامريكا وأوروبا والمناشدات لحقوق الإنسان الدولية باعطاء معتقلينهم حق زيارة طبيب السجن!
والتيار الإسلامي “المريض” بحق كسلا منه و نكاية في الشيوعيين والعلمانيين يكرر نفس الخطأ ويسلم رقبته للعسكر وكأن العسكر تغير وتاب وندم عما كان.
ومن يراهنون على وجود عناصر اسلامية في الجيش، فهذا نفسه رهان الاخوان من زمن حياة البنا إلى أيام المشير طنطاوي، الى أن جاء السيسي وعمل ليهم الفنش بعد الصلاة) .
-حرما يا وزير الدفاع!
-سجنا يا ريس!
الإشكال في هذه الجماعة إشكال نفسي في المقام الأول، فهي جماعة تتوهم الصواب والحق كله في اطرها ونظمها ورؤيتها، تسخر سرا وجهرا من كل البيت المسلم سلفي وصوفي ومستقل، وتمالئ العسكريين العرب والاخيرين هؤلاء لا دين لهم الا الميري والاجندات الخارجية الامنية التي توضع في أمريكا والعواصم الغربية، والاخيرة هذه لن ترضى بأن تكون ثمة ديمقراطية حقيقية في أي قطر عربي إسلامي. لكن غرور جماعة الاخوان والحركيين منهم الفاعلين في الفضاء العام كالدبابير التي تزن على خراب أعشاشها لا تسمع النصيحة ولا ترضى بإعمال أدنى قدر من الشورى الحقيقية ولو داخلها، فالقرار فيهم محصور في أثريائهم وعناصرهم الأمنية ولا عزاء للغوغاء ناس ( الجماعة ديل عندهم فطور ولا كيف). وللأسف السلفيون نفسهم تأثروا بهذا خطل مؤسسي على مستوى تجمعاتهم وكياناتهم وهذا نبسطه لاحقا في مقال أوسع بإذن الله.
فليفهم التيار الإسلامي بكل من فيه أن لا خير في هؤلاء العساكر والحركات المسلحة، وأنهم ليسوا حماة دين أو عقيدة، وإنما تجار حرب وغنيمة وأثرة.
فليفهم الاسلاميون بجميع جماعاتهم، أن الحل لمدافعة التيارات العلمانية واليسارية ليس في الارتماء في حضن العسكر، بل الحل في المدافعة الشعبية بنفس الادوات التقليدية المتاحة من دعوة وخطابة وتدريس وتربية للمجتمع وتذكيره بقيمه الثقافية، الحل في اخراج فئة واعية مثقفة تمارس الضغط على متخذ القرار بأن لا يفرط في الثوابت الثقافية للبلاد لأي سبب كان. لن يكون الامر سهلا لكنه ليس بمستحيل. اما الارتماء تحت حذاء العسكر والتماهي مع خطل وغباء الوطني المنحل فهذا عين العبث.

البارحة 17 رمضان كان شهر العسل في منتزه الرياض بيض ولحمة وسمبوسة وكنافة وجداد محمر وجبن وزيتون والعصاير فريش والآبري قاعد حزين يا قلبي بعاين في الدقون المحننة وهي بتعضي في اللحمة كإنسان الكهف الأول .. رافعين السبابة مهللين ودهن الجداد يرقش في الشفايف..طاعم عديل الزبادي ما كل من دمنا ابيض احمر حيفرق معاكم ايه ما مؤجرين؟!
أكلوا يا أبناء البنا الرز واللحم، فمن أعدم سيد قطب ورفاقه هو نفسه من جلستم معه بعدها ونسيتم حكمته في المعالم، غدا يكون عبدالناصر وعشماوي وستصرخون حتى تعرفوا أن الله حق.
نسأل الله السلامة من هذا غباء وخذلان عجيب مستمر.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى