القصة ومافيها

النور عادل يكتب : أماني الطويل..صيحة نذير

في هذا السانحة سأكتفي بعرض قراءة للدكتور والباحثة بمركز الأهرام للدراسات الأستاذة أماني الطويل، وقد نتفق ونختلف مع ما ذهبت إليه بقدر معقول ولكن ما ذهبت إليه يستحق التأمل والانتباه:

إستضافت الأستاذة رشا قنديل ببرنامج العالم هذا المساء بقناة ال بي بي سي .. الخبيرة بالشأن السوداني الأستاذة الدكتور أماني الطويل للتحدث عن الأوضاع الملتهبة بغرب اقليم دارفور.

أهم النقاط التي ذكرتها الدكتور أماني الطويل بالمقابلة كانت كالاتي :

أولا: النزاع الحالي مرتبط بالاوضاع في العاصمة الخرطوم و الصراع المكتوم بين المكونات العسكرية .. خصوصا بين الدعم السريع (حميدتي) و سلطة الأمر الواقع (البرهان) .. و بالتالي إحراج حميدتي في إقليم دارفور مطلوب لحسم التفاعلات في الخرطوم على أي مستوى

ثانيا : واضح ضعف دور الدولة المركزية بشكل كبير في الصراع المسلح في دارفور مما أدى تفكيك القوات النظامية إلى ولاءات و انتماءات قبلية و جهوية كانت عليها في السابق.

ثالثا : الصراع على الموارد و الثروات الطبيعية كالذهب و الأراضي و بيقودو الان الجنجويد من غرب إفريقيا و هم ليسوا فريقا في السودان فقط .. و إنما هم في الأساس الأذرع العسكرية لأغلب القبائل المنتشرة في كل دول غرب أفريقيا ..
و مع عدم القدرة على سيطرة الحكومة المركزية على الحدود أصبح هنالك تدفق من هولاء لغرب السودان .. خاصا أن الدول المجاورة لاقليم دارفور من الغرب هي دول فقيرة تعاني من الإرهاب ..
فأصبح الارتزاق و التمتع بمواد دارفور من أهم دوافع الجنجويد للعبور لغرب السودان حاليا .

رابعا : كل الوثائق و من بينها الوثيقة الدستورية التي تم ابرامها بعد الثورة السودانية في ديسمبر لم تصمد و كتب شهادة وفاتها لأنها لم تنفذ و في حالة شلل سياسي كبير .
حاليا ليس لدينا حكومة تنفيذية بالمعنى المفهوم و ليس لدينا شرعية سياسية بسلطة الامر الواقع .. و بالتالي مؤسسة الدولة لا تقوم بدورها خاصة في وظائفها الأمنية ناهيك عن وظائفها الاقتصادية .. هذه الوظائف تتفاعل معها و تتخانق معها الأزمة في دارفور و أيضا في الخرطوم.

خامسا : أنا حاليا أوصف مؤسسة الدولة في السودان بأنها على وشك الانهيار، فحينما تتقاتل قوات نظامية ضد بعضها البعض على أسس قبلية و حينما يكون هنالك صراعا مكتوما في أعلى السلطة بالبلاد و بين قوات عسكرية .. كلها هذه عبارة عن مؤشرات لانهيار الدولة .

سادسا : حالة الأمن بالعاصمة الخرطوم مترهلة تماما و مجلس الأمن و الدفاع المعني بحالة الأمن بالبلاد لم يحضر اخر إجتماعاته نائب رئيس مجلس السيادة .. مما يدل على أن الأوضاع في أكثر من مستوى هى أوضاع معقدة و مركبة و لا نستطيع أن نقول أن مؤسسة الدولة بالسودان تقوم بوظائفها المنوط بها.

سابعا : أما اذا كان هذه الأزمة ستمتد إلى الدول المجاورة فحسب اعتقادي سوف تشتبك هذه الأزمة مع الأوضاع في تشاد و ليبيا و ستكون هنالك عملية تأثير و تؤثر بين الدول الثلاثة.

الصراع في دارفور الحقيقة مرشح للاتساع في ضوء عجز الدولة المركزية، و أيضا في ضوء متغير جديد حيث أن بعض العناصر من قوات الدعم السريع الجنجويد أصبح حميدتي لا يسيطر عليها على الإطلاق.. و أصبح هولاء يعملون لحسابهم الخاص و طبقا لاجندتهم الخاصة.
فهذا قدر من التشظي في قوات الدعم السريع ينذر باتساع و تمدد الصراعات المسلحة بشكل كبير و الهدف في كل الاحوال هو السيطرة على موارد المنطقة من الذهب و الأراضي و اجلاء المواطنين الأصليين من مناطقهم بالقوة و دفعهم للحدود مع تشاد .. مع العلم بأن هذه القوات التي انفصلت من قوات حميدتي لتلتحق بجذورها الأصلية بالدول المجاورة.

انتهت أهم النقاط في حديث الدكتوره أماني الطويل.

تعقيب سريع:
-الدكتور أماني الطويل معروفة بقربها من دوائر القرار بمصر وقراءاتها أعمق وأبعد من قراءات غيرها، واعتبر كل ما تتفوه به في الشأن السوداني هو رجع صدى لما يدور في خلد متخذ القرار المصري بشأن السودان.
-بدت الدكتورة محايدة في اللغة نوعا ما ولكنها بلا شك قالت مالم تجرؤ المؤسسة الرسمية القومية على قوله بشأن انزعاجها من شخصية حميدتي وتمدده المربك وغير المحسوب بالنسبة لمتخذ القرار المصري والذي تعود على التعامل مع الجيش والاجهزة الرسمية السودانية وفهمه لطريقة عملها وطرق تفكيرها، على خلاف حميدتي الذي يتميز بفطرة البدوي الصريح و(غتاتة) السوداني الباطني.
-تبرعت الدكتور وقدمت رصد مخابراتي مصري دقيق لهجرات جنسيات عدة من غرب افريقيا إلى السودان، هجرات بتنا نشاهدها على مستوى الشارع العام الان ولا نحسب لها أي حساب أو نضع لها اعتبار على موازين النسيج الإجتماعي والوضع الأمني والاقتصادي. وصدقا كمتابع وطني لأوضاع بلدي أشعر بعميق الحزن والأسى أن المخابرات المصرية تراقب أمننا – لاعتباراته الوطنية- وتدفقات الأجانب أكثر من أمننا الذي لا يرفع عينه عن المواكب والنشطاء المدنيين.

(مالها من دون الله كاشفة)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى