مقالات

الخطة العسكرية لخداع المدنيين والأحزاب

بقلم / مجاهد بشرى

في ظل تعقد المشهد السياسي بسبب الانقلاب العسكري الفاشل في الـ 25 من اكتوبر 2021م في جهات مدنية وأحزاب لسه مش قادرة تستوعب بأن العسكر اللي هم السبب الرئيسي للأزمة مستحيل يكون عندهم الحل , و إنه المجلس العسكري الحالي هو العدو الأول للشعب و الاحزاب , ومستحيل يسمح ببناء دولة مدنية أو ديمقراطية لأسباب بسيطة ح اشرحها ليك في المقال دا …

في الـ27 من سبتمبر 2018م ,و مع اشتداد الأزمة الإقتصادية على النظام البائد , لجأ رئيس الوزراء حينها معتز موسى للمؤسسة العسكرية في خطوة فسرها الكثيرين وقتها بأنها زيارة اطمئنان على انه الجيش مش حيقوم بإنقلاب ضد البشير , خاصة في وجود المُجرم الهارب صلاح قوش اللي اعاده البشير في منصبه قبل 7 شهور رغم وجود تهمة انقلاب في سجله , “ركّز معاي في النقطة دي ” , قابل معتز كل من وزير الدفاع عوض بن عوف و رئيس الاركان كمال عبد المعروف , في الزيارة دي كان ابرز من تمّ تقديمهم لمعتز موسى هم الفريق أول هاشم عبد المطلب , و الفريق الركن صلاح عبد الخالق , و الفريق الركن عبد الفتاح البرهان , و الفريق الركن محمد عثمان الحسين , و الفريق الركن عمر زين العابدين , وديل ابرز الضباط البدينوا بولاء مُطلق للحركة الاسلامية , وهم الأرفع رتبة في الجيش و الصورة المرفقة من الزيارة نفسها .

في ديسمبر اندلعت شرارة الثورة ضد النظام البائد , وبدأت جهات كتيرة داخل حوش الاسلاميين في الاحتراب داخليا, جزء كان يرى ذهاب البشير , وجزء كان واقف معاهو ,و في واحدة من اكثر اللحظات المخجلة في تاريخ القوات المسلحة خرج كمال عبد المعروف رئيس اركان الجيش و اعلن ولاءهم للحركة و للبشير و الوقوف خلفه , لكن المظاهرات و الحراك الثوري اللي شهد ارتفاع و قوة و تنظيم, دفع بالبشير لترقية البرهان و تنصيبه مفتشا عاما للجيش رغما عن وجود عبد المطلب الذي يفوقه رتبة, ومع فشل كل الحلول الأمنية في احتواء الحراك , بدأت تتكون فكرة عمل سيناريو تمثيلي للإطاحة بالنظام , و اعتلاء اللجنة الأمنية للمشهد في شكل مجلس عسكري, و دا الحصل فعلا , لكن كان الخلاف في ترتيب الأدوار بعد الرفض اللي واجهه كل من بن عوف و عبد المعروف وقوش و جلال الدين الشيخ .

في المرحلة دي كان من المفترض يكون هاشم عبد المطلب هو رئيس المجلس العسكري وفقا للتراتيبية ويكون البرهان واحد من اعضاء المجلس و معه بقية الأرقوزات المعروفين , فحصل العكس و تمّ تقديم البرهان بدلا عن هاشم و السبب هو عدم قبول هاشم و الراحل جمال عمر بدقلو , وكراهيتهم الشديدة ليهو , وح اوضح ليك الكلام دا قدام , البرهان كان على توافق مع ياسر العطا ودقلو , و كلهم على توافق مع علي كرتي الكان بدير الامور هو و نافع و عوض الجاز في الخفاء , وعلى علم بكل ما يدور في المجلس العسكري , كيف و ليه خلينا نوضح كل دا في الفقرة الجاية .

من الأشياء المجهولة للكثيرين إنه اللجنة الأمنية قررت فض الاعتصام منذ الـ9 من ابريل 2019م , واعتبرته مهددا أمنيا للبلاد كما صرّح اللواء احمد خليفة الشامي الناطق بإسم القوات المسلحة في الوقت داك , و من اكثر الناس الكانت داعمة لعملية الفض هم هاشم عبدالمطلب و الكباشي و صلاح عبد الخالق و غيرهم , و لكن تاخر عملية اعلان تنحي البشير و ترتيب البيت الداخلي للمسرحية حال دون ذلك “يوجد فيديو سأنشره لاحقا “.
الخلاف العاصف بين مكونات اللجنة الامنية بعد اعلان تنحي البشير أدى لتقديم البرهان كرئيس للمجلس العسكري بنيابة دقلو , و إلى لحظة كتابة السطور دي , مازالت قيادات كتيرة في الجيش بترى انه دا اكبر خطأ تم ارتكابه في حق القوات المسلحة, وفيه تجاوز كبير للرتب و القادة , وحتى محاولة ارضاء هاشم عبد المطلب بتعيينه رئيسا للأركان و تعيين محمد عثمان الحسين نائب ليهو ما خففت من حدة الوضع, لكن ما علينا , بعد الضعف الواضح اللي أظهره البرهان في قيادة المجلس العسكري و التفاوض مع قوى الحرية و التغيير , و بعد فض اعتصام القيادة العامة , ظل البرهان شخص مرفوض , و أسرّ هاشم للمقرين منه بأمر الانقلاب , مما أدى لتدخل نافع و كرتي و عوض احمد الجاز لإثنائه عن رأيه , لأنهم كانوا شايفين وجود اللجنة الامنية و المجلس العسكري بشكله الحالي بنفذ ليهم خطتهم بحذافيرها , لكن هاشم خالف كلامهم , و تم اعتقاله ,و في البيان اللي تم تسريبه ليهو , وصف هاشم عبد المطلب البرهان بالضعيف صراحة , و أقرّ بأنه اسلامي منذ الثانوي لكنه ما أطاع قادته , ومن هنا بدأت عملية التخلص من كل من يعارض البرهان و دقلو بأمر من علي كرتي المستشار السياسي الحقيقي للبرهان حتى هذه اللحظة …

و بعد كل الأحداث اللي مرت و التآمر الواضح من العسكر على الثورة ,و القتل و الاعتقال المستمر لكل الفاعلين في الحراك , واطلاق سراح الكيزان و ارجاع اموالهم ليهم ,و انقلاب 25 اكتوبر الفاشل , مازال البعض لايفهم بأن البرهان و العطا و ابراهيم جابر و شمس الدين كباشي هم لجنة البشير الأمنية نفسها , وهي الوجه العسكري لنظام الانقاذ الذي لم يسقط بعد ,و أن كل من يفاوض البرهان انما يفاوض نافع علي نافع و عوض احمد الجاز و علي كرتي , و النتيجة ستكون تمكين الكيزان و الحركة الاسلامية اكثر فأكثر, و المؤسسة العسكرية ليست مخولة بأستلام السلطة و لا تملك حق التفاوض مع اي جهة لإقتسامها او مشاركتها , وهي في ذيل المؤسسات التي يجب ان تبتعد عن السياسة , و قد بدأ قادة الحركات المسلحة مؤخرا في الانتباه إلى أنهم ينامون في سرير واحد مع نظام الانقاذ الذي ظل يقتل و يسفك دماء اهلهم لعقود , فقط تغيرت الوجوه , فالبرهان قائد حرس الحدود السابق و المسؤول عن مجازر بلا حدود في دارفور هو رئيس الانقلاب , و نائبه هو المرتزق ويد البطش التي استخدمها مجرم الحرب البشير لتهجير و حرق و قتل مئات الألاف من اهل دارفور, وان هؤلاء لن يسمحوا بأن تتم عملية ترتيبات أمنية تُفضي لتحويل الجيش لجيش وطني يدمر كل احلام الاسلاميين و الكيزان للحكم عبر الوسيلة الوحيدة التي تمكنهم من حكم السودانيين الا وهي (الانقلابات العسكرية) , بينما تجري بعض الأحزاب البلهاء و المتعطشة للسلطة خلف البزة العسكرية دون الاتعاظ من تجربة الانتقال المُجهضة , و لا اتفاق سلام جوبا الكسيح , و في اعتقادها انها يمكن ان تتوصل لإتفاق جديد يُبعد البرهان و دقلو و كباشي , وهي لا تعلم بأن عملية التدوير المرتبة من قبل الاسلامين ستأتي بعشرة اقذر من الكباشي و البرهان ..
و الغريب المُضحك أنه لا الحركات و لا الاحزاب رأت هذه المعادلة الواضحة , او فهمتها كما فهمها الشارع منذ وقت طويل حين رفع شعار الحل في البل , و العسكر للثكنات و حل الجنجويد و عدم التفاوض او الشراكة او منح شرعية للجنة نافع و علي كرتي و الجاز العسكرية .
فهل فهمت ليه بنقول ما تدي قفاك لي نافع … أقصد للعسكر .؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى