مقالات

ايمن كبوش : مقامات الحزن

تمر علينا هذه الأيام ذكرى فقد شخصية تاريخية في مسار حياتي
فهو من تفتحت أعيني عنده من حيث الثقافة والمعرفة بكل أشكالها
فهو أخي وصديقي ومُعلمي
فإن أنسى لا أنسى وأنا بعد في بدايات الابتدائية بالمدرسة الشمالية العريقة … وهو يأتي لنا بمجلات لها اسمها وقتها مثل آخر ساعة وصباح الخير وروز اليوسف والعربي الكويتية ، ليس ذلك فحسب بل رتب لنا اشتراكا منتظما فيها مع صحيفتي الصحافة والأيام ويشهد على ذلك الأخ المفضال محمد نور الدين- مكتبة المعارف ووالده الراحل العم نورالدين الذي لا أنسى هديته القيمة لكتاب النظرات لمصطفى لطفي المنفلوطي حين أحرزت تفوقا في الانتقال من الابتدائي للثانوية العامة
هذا الكم من المعرفة هيأه لنا اهتمام أخي الراحل المتفرد في كل شيء
فهو أيضا من أدخلني بقوة في مجال الرياضة وعشقها وأنشأ لنا مع الوالد فريق الأمل الذي كانت عناصره من أحرف اللاعبين أمثال الحريف النحيف محمد جلا وشقيقه المرحوم صديقي الغالي سعد الدين وهنالك مجذوب علي السلك وعمر تجاني وشقيقه حافظ مجوك وأنور الريس وعمرو قباني والمرحوم ود الشرق وموسى الجيو وآخرين ثم جاءت تجربة فريق الكفاح وبعدها كنا نتطلع لأن ننضم لفريق الشعلة الذي هو فريق حينا العريق ويراودنا الأمل بأن نجذب انتباه القائمين عليه ذلك الوقت
وأخذنا المرحوم ومعي بعض لاعبي الكفاح المتألقين ، وبحمد الله نجحت في الاختبار من أول التمارين وقام الحبيب منعم سرالختم بتسجيلي وأنا في سنار الأميرية…
ورغم أن المرحوم محمد كان مريخابيا ولكنه بدأ هلالابيا ولذلك كنت معه في الهلال ولم أشأ أن أغير ذلك بعدها …
من الأشياء التي هي عالقة في الذهن من حيث السعي نحو التسلية المعرفية وهي منافسته الشريفة مع أصدقائه في الحصول على مجلدات سمير وميكي كأول من يحصل على ذلك من مكتبة المعارف بواسطة علاقته المتميزة مع محمد نور الدين
ثم تبدأ رحلة مبادلة الكتب والمجلات مع أصدقائه الذين أدين لهم بالفضل أيضا ولم أشعر بفرق بينهم والمرحوم، وهم الغاليين زهير عبد الوهاب وأحمد شيخ أحمد والفاتح الباقر وعمرو قباني …ويا لها من أيام…
كم افتقدتك يا رفيق الدرب … وفي هذا العام رحل عنا صديقك ورفيقك الحبيب الغالي علينا سيد حامد حميده… والحق يقال .. لم أقابله يوما بعد رحيلك إلا ورأيته يجتر ذكرياته معك من فريق الحميداب مرورا برحلات مصر وتعليمكم هناك من زقازيق، بورسعيد ومدينة الصحفيين شارع أحمدعرابي واسكندرية وتلك الرحلة التي ظن كل المصريين بشاطئ المنتزه أن من معنا هو قرن شطة لاعب الأهلي وليس سيد حامد ….فكم ترك رحيلك يا أبوالسيد من غصة في الحلق وحسرة في القلب وأنت تلحق بصديقك ورفيقك الذي ظل محور حديثك طيلة هذه المدة من فراقكما … اللهم أرحمهما وأجعلهما يلتقيان في جنانك العلا…
وأتوق أيضا لأحدثك بالذي صار على بلادنا الحبيبة التي كنت مهموما بها وكيف صارت في مهب الريح للأسف ، فقد تكالب عليها أناس قضوا على الأخضر واليابس فقد كانوا يحلمون بالوصول لسلطة هي الهدف والمبتغى حتى ولو طريقهم نحو ذلك فوق جماجم الشهداء من أبناء بلادي أو أن وقودهم للوصول هو دماء أبنائنا الطاهرة،
وقصورهم وحدائقهم فوق مقابر شعب الوطن قاطبة؛ لأن كل ذلك لن يثنيهم عن رحلة الشهوات والملذات وتحقيق طموحاتهم الشخصية الدنيئة…

لن ننساك يوما يا من أرسيت قواعد الحب والوفاء
والطهر والعفاف والزهد رغم الاغراء
سيذكر لك الناس نبل العطاء.. وبساطة الأقوياء.. وشراسة المحاربين لنصرة الضعفاء

ربي تقبل أخي محمد محمود قبولا حسنا مع الصديقين والشهداء
فقلبه الطاهر كم فاض حبا وطهرا وحنان…
ووجهه الأسمر .. كان يشع نورا ليعلن عن رجل ليس من هذا الزمان..

بروفيسور مجدي محمود
رئيس رابطة الهلال بدبي والامارات الشمالية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى