القصة ومافيها

النور عادل يكتب : (لطفا قبل أن تنتحر اسمعني)

تحس أنك مهني وموهوب ومخنوق ولا تجد الدعم الكافي؟
تخلى عنك الجميع ممن كنت ترجوهم المؤازرة والسند؟
بدأت تميل للانسحاب والعيش مع جوالك طوال اليوم؟
تشعر أنك مقهور ولم تأخذ حظك من الحياة؟
تحس بشلل في أفكارك؟
أفكار سوداء تراودك؟

حسنا هذا هو الوضع العام في بلدنا هذه الأيام التعسات، فلست وحدك يا صديقي ولست الأول ولا الأخير الذي داس على كرامته لأجل لقمة العيش.

لست الأخير الان في قوافل الموهوبين الذين ركنوا مواهبهم ونزلوا الشوارع يهتفون ضد الفشل العام في هرم السلطة وعجزه وصممه عن سماع تطلعاتهم، امالهم في التغيير للأفضل، أو اختاروا مهنة (التكتك) لأجل سد الرمق، فعلام البؤس؟!

هجرات الأطباء باتت يومية عبر مختلف الممرات الحدودية إلى الجارة مصر والخليج وهناك التقيت بعضهم اضطر للعمل في المقاهي لأنه لا فرص تكفي الجميع وفق المفهوم الرأسمالي. باتت هجرات أطبائنا كنزيف وريد نراه ولا نمنعه، والسبب تواضع أفق من يحكموننا الان من خلف البندقية.

هجرات الأساتذة حدث ولا حرج، في خلال عام واحد 202‪1م هاجر ما لايقل عن 30 آلاف معلم ومعلمة للبحث عن فرص عمل هي في الواقع حياة جديدة لهم ولاهاليهم وموت بطيء لواقع التعليم الميت أصلا هنا ولا يجد من يكفنه ويدفنه، ولك أن تتخيل أن من تبقوا هنا يصرفون راتب شهري يتراوح ما بين الخمسين إلى ثمانين دولارا وأقل بكثير وسعداء جدا من يحصلون على مائة دولار كاملة في واقع اقتصادي على أقل تقدير يحتاج إلى خمسمائة دولار، اي هنالك فجوة بنحو 400‪ دولار ما بين الدخل والمنصرف.

أما أفواج الأسر المهاجرة إلى الشقيقة مصر دون تخطيط أو أدنى فكرة عن الواقع الجديد هناك فقط ما يسمعونه أن الطعام رخيص والسكن رخيص والعلاج مجان.. فحدث ولا حرج. فالمواطن المصري نفسه هذه الأيام يئن من وطأة العيش الباهظ وانفلات الأسعار في كامل السوق، ولا ينتظر في بلواه هذه من يقاسمه رغيف الخبز، فلك أن تتخيل معي منظر تلك الأسر الساذجة المغرر بتفكيرها وهي تتوسد حديقة عابدين بعد أن طردت من شقة الإيجار ولم يجد عائلها فرصة عمل ولو يتيمة في بلد المائة مليون عاطل ينتظر التحول لعامل.

هل تفكر في الانتحار؟ ليس حلا، فما بعد الموت أشد مما قبله لو كنت موقنا بالآخرة ويوم الحساب.
تفكر في الهجرة لأوروبا؟ سل من سبقوك او ادخل اليوتيوب وشاهد معاناتهم واسمع بنفسك.
ترى أن الحل أن تسافر الخليج سدى وتعيش عالة على المحسنين في مكة ودبي وأبوظبي ؟ بالتوفيق لك إذا ارتضيت لنفسك هذه حياة.
هل تعرف ما أوضاع السودانيين في الامارات الان؟ مقيمين على زائرين حتى، كلمة واحدة (كرب).
نعم، لست وحدك أول مهني وموهوب وشاطر تجد نفسك تفكر في داخل حدود الصندوق النمطي (نمرق وخلاص) (نجرب حظنا) (زي ما تجي تجي).
لا تنتظر من خذلوك أيام الرخاء أن ينقذوك أيام الشدة.
لا تبكي على من وثقت بهم كسند ثم مالوا عنك، هم أنفسهم في كرب لا تعلمه، والتمس العذر ولا تعاتب أحدا.
ما الحل؟
سؤال صعب لكن جوابه عندك، ابحث وستعرف.
اللهم ارفع عن بلدنا السودان البلاء والغلاء والغباء.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى