مقالات

كمال الهِدَي يكتب : بالجد بقينا أرزقية

. أثناء نقاش كروي بصفحتى على الفيس بوك قبل أسابيع قليلة قال لي أحد أصدقاء الصفحة ” يا أستاذ نحن شعب أرزقي”.

. وللحق الرجل ما كان يفتري علينا، فقد أثبتت التجارب والمحن العديدة التي نعيشها منذ أمد طويل أننا كذلك فعلاً للأسف الشديد، وإلا لما حكمنا الكيزان ثلاثين عاماً.

. نريد أن نعيش في وئام دون أن نتصدى لمسئولياتنا في هذا الجانب.

. نرغب في أن نتمتع بأوضاع اقتصادية جيدة دون أن نجاهد أنفسنا ونناهض ممارساتنا السالبة.

. يسرق لصوص المال العام فنقرعهم وننتقدهم (شفاهة) لكن لا مانع لدينا اطلاقاً في التعامل مع هؤلاء اللصوص متى ما أظهروا رغبة في دعم فئة أو مجموعة منا.

. وهنا لابد أن نقر ونعترف بأن من يحومون حول لصوص الذهب وسارقي كل مواردنا سودانيون، ومن يعملون معهم في شركاتهم سودانيون ومن يطلبون دعمهم سودانيون.

. شكونا جميعاً لطوب الأرض من بؤس أحوالنا وحين لاحت لنا الفرصة بفضل تضحيات صغارنا لتصحيح الوضع أضعناها في التطبيل لفرد (دكتور حمدوك) وما زالت ألسنتنا تلهج بالشكر واعتباره شخصية استثنائية (مع انه ساهم بصورة فاعلة في أن يغطس حجرنا أكثر مما هو غاطس) لأننا شعب أرزقي واتكالي يريد كل شيء دون أن يعمل أي شيء.

. ويكفي أن هؤلاء الصغار ضحوا بحيواتهم من أجل التغيير فأضعناه نحن الكبار بأنانيتنا وسذاجتنا واتكاليتنا.

. ولو وفرنا ( عُشر) الزمن الذي ضيعناه في الهتاف لحمدوك وفكرنا في وسائل لمنع مؤآمرة جوبا ورفضنا تغيير الوزراء الثوريين واستبدالهم بآخرين خانعين.. ولو تساءلنا عن توجهات الدائرة التي أحاطت بحمدوك، ولو طالبناه بالحديث الصريح ومكاشفتنا بحقيقة ما كان يجري لما وصلنا لما نحن فيه اليوم.

. حتى في الكورة لا مانع عندنا من تسليم أنديتنا لأي رجل مال لكي يتحمل عنا نفقات تسيير النادي، ونتذرع دائماً بمبررات واهية من شاكلة ” الكرة أصبحت صناعة تحتاج للكثير من المال” متجاهلين عن عمد أن أنديتنا يمكن أن تكون أكثر ثراءً من اي رجال مال متى ما شمرت القواعد عن سواعدها وساهمت مالياً واكتسبت عضوية أنديتها.

. والمستفز أن الجماهير ما أن تجد رجل مال راغب في تلميع نفسه والإستفادة من أسماء أنديتنا الكبيرة تبدأ في التطبيل له ويصبح مجرد السؤال ممنوعاً تماماً، وما عليك إلا أن تهلل مع المهللين وإلا أُعتبرت حاقداً وحاسداً لا تريد للهلال او المريخ الخير.

. نتغافل عن سلبيات رجال المال وفسادهم في إدارة الأندية لأنهم ينوبون عنا في الدفع وهذه لعمري الأرزقية تمشي على رجلين.

. ما يحدث في الهلال حالياً مثلاً (سواقة خلا) بما يحمل التعبير من معنى لكن ليس أمامك سوى أن تذعن وتقبل، بل وتهلل وتطبل لأن الأغلبية سعيدة بشكل فريق الكرة وبالمحترفين الجدد والمدرب، ولهذا تجد داعماً للثورة وباكياً على أرواح الشهداء يدعم الانقلابيين في الهلال ويهلل لهم ليل نهار، فأي حالة انفصام هذه بالله عليكم!

. لو سألت عن ملف الإضاءة الغامض الذي يؤكد أن من جيء به من العدم ليمسك بملف الاستثمار في النادي غير كفء تأتيك الإجابة سريعاً أن الطاهر يونس هو المُلام علماً بأن الطاهر توقف عن نشاطه منذ أيام لجنة التسيير وهو ليس عضواً في المجلس الحالي (المُنتخب).

. وهب أن الطاهر فعل كل سيء في هذا الملف، فماذا عن الرئيس ونائبه اللذين تتغنون باسميهما كل ساعة، وماذا عن مسئول الاستثمار في النادي وما دورهم في حسم (حجوة أم ضبيبينة) دي!!

. تلقون باللوم على من غادر هرباً من تحميل الموجودين المسئولية لأنهم يجلبون لكم اللاعبين والمدربين (كما نسمع ونقرأ)، فبالله عليكم ده ما سلوك أرزقية!!

. أصبحنا غير قادرين على أن نقول للمخطيء (أخطأت) بسبب (فلس) مؤسساتنا وكياناتنا دون أن نواجه أنفسنا ونعترف بأننا لعبنا دوراً رئيساً في افلاس هذه الكيانات وفي ضياع الوطن نفسه.

. لم أتمكن من متابعة آخر مباراة أفريقية للهلال لأن التلفزة صارت ممنوعة في زمن السوباط والعليقي، ثم فجأة تم اتفاق غير مفهوم لنقل المباراة عبر قناة البلد.

. وبدلاً من سؤالهم عن التأخير في حسم هذا الملف والبحث عن أسباب المنع إذا بالجماهير تهلل وتفرح لقرار النقل المتأخر وكأن الهلال ضيعة تخص السوباط والعليقي وأن كل ما علينا هو أن نسعد بعطاياهما وقتما شاءا.

. أما لماذا وكيف ومن أجل ماذا… فهذه أسئلة باتت ممنوعة.

. وبرضو ما دايرين النيل الأزرق تحترق أو يُقتل شبابنا وأهلنا بشتى بقاع الوطن!!

. طالما هذه هي مواقفنا فلنستعد للأسوأ دائماً.

. الأرزقي على فكرة لا أقصد به فقط من يطبل لرجل مال أو مسئول لكي يتكسب من ورائه ويدخل أموالاً في حسابه الشخصي ( ما أكثر هؤلاء)، لكن يمكن أن تكون أرزقياً بإعتمادك على غيرك في تسيير أمور تعنيك.

. ونحن جميعاً للأسف نتكسب من وراء وطن لا نريد أن نقدم له شيء مثلما فعلت شعوب أخرى بدأت بعدنا بعقود طويلة.

. لا نمانع إطلاقاً في التنازل لمن يسرق وينهب ويلهف أي مورد عام لو كان صديقاً، جاراً أو قريباً فالعلاقة الشخصية تبرر لنا سلوكه السيء والمرفوض.

. وأوضح مثال على ذلك دائماً رؤساء أندية الكرة عندنا.

. فكم رئيس نادٍ بالله عليكم لمعناه ووجد من يجملون قبحه حتى انتهى بنا المطاف إلى ” فلان أو علان منهم خط أحمر”، دون أن نعرف لهم تاريخاً قبل المنصب الرفيع في النادي!

. الأفراد يمكن أن يصبحوا بين عشية وضحاها خطوطاً حمراء، أما الوطن فلا بواكي عليه.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى