تسديدات متقنة

إدريس عبد المتعال الشيخ يكتب : هذا ما يحدث هنا

▪️من خلال متابعتي واهتمامي بكثير من الأحداث وقضايا الساحة الرياضية وغيرها ومتابعة التفاعل وردود الأفعال ازداد يقينا بنجاح (أسلوب التأثير في عاطفة الجمهور) لتشكيل وصناعة (راي عام) يخدم المصالح والأهداف وأيضا قوة ظاهرة (العقل الجمعي) في التأثير على الجمهور، وكيف أنها تتحكم وتدير أغلب التعاملات والقرارات.
▪️يلعب (الراي العام) دورا مهما وبارزا في صناعة الأحداث وتوجيهها لذلك فإن هدف السيطرة عليه عبر مخاطبة (عاطفة) الجمهور والتأثير عليها يعني النجاح في الوصول للأهداف وتنفيذ الأجندة، وهو ما تفعله بعض الأنظمة السياسية والحكومات نحو شعوبها.
▪️يستخدم سلاح (الإعلام) الذي لا يقل تأثيره عن أخطر الأسلحة المدمرة لمخاطبة عاطفة وعقل الجمهور، ويستخدم في صناعة الرأي العام وتشكيله بما يخدم مصالح جهات معينة.
▪️ ينجح الإعلام الرياضي المدعوم من (الرأسمالي) “على سبيل المثال” في (تخدير الجماهير) والتلاعب بعواطفهم واستغلال حبهم وتعلقهم بالأندية التي ينتمون لها لتغييب الحقائق ونشر الأكاذيب من أجل تحقيق مصالح (الرأسمالي) ومكانته داخل المؤسسة الرياضية نادٍ أو غيره وصرف النظر عن إخفاقاته بتناول مجهوداته وأعماله وتكبير (كوم) إنجازاته التي قد لا ترى بالعين المجردة أحيانا.
▪️يحاصر إعلام (المصالح) كم هائل من الجمهور من جميع الاتجاهات عبر أبواق التطبيل والنفاق والارتزاق من أجل التأثير والسيطرة عليه وحجب فرصته في تكوين راي (مستقل) حول القضايا المثارة وغيرها بعد انتزاع إرادته وقراره.
▪️أما تأثير العقل الجمعي أو المطابقة الاجتماعية التي تعرف بأنها (ظاهرة نفسية يفترض فيها الإنسان أن تصرفات الجماعة في حالة معينة تعكس سلوكا صحيحا) أو كما عرفها غوستاف لوبون أحد مؤسسي علم النفس الاجتماعي بأنه (الاستجابة غير العقلانية لما تردده الجماعة)
▪️ يظهر تأثير العقل الجمعي أيضا أو (سلوك القطيع) الذي يرتبط بالتبعية في افتقاد الجماهير القدرة على تحكيم العقل وتمييز الصواب واتخاذ القرار المستقل، بسبب سطوة الجماعة، ويبحث الأفراد عن الموقف الذي يتناسب مع راي الجماعة فقط دون الاقتناع بصحته والانصياع للسائد بلا تفكير وافتراض المعرفة والأفضلية في الجماعة.
▪️وضع الباحثون خمسة قرود في قفص مع سلم عليه ثمرة موز وعندما حاول قرد الوصول إلى الموز، تم رش الباقين بالماء البارد مما دفعهم إلى ضرب من يحاول صعود السلم باعتباره هو السبب في رشهم بالماء وبعد استبدال أحد القردة بآخر جديد داخل المجموعة سارع القرد الجديد نحو الموز فانهال عليه الباقون ضربا دون أن يعرف السبب
▪️عندما تم استبدال قرد آخر كان القرد الذي سبقه هو أول من قام بضربه وبعد تغيير جميع القردة بمجموعة جديدة لم تخض تجربة رش الماء البارد كانت المفاجأة أنهم أظهروا الإصرار نفسه على ضرب من يحاول صعود السلم.
▪️افترض الباحثون أننا لو سألنا القردة: لماذا تفعلين هذا؟ فسيكون جوابها: (لأن هذا ما يحدث هنا)
▪️نشاهد احتشاد الجماهير وراء رأي وفكرة معينة وتقمصها وتأييدها بشكل مطلق والانسياق خلفها دون وعي و️نشاهد سلوك القطيع لدى البعض وننظر باستغراب إلى انصياعهم الأعمى وتبنيهم لمواقف وآراء الآخرين
▪️نجح الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي في تعميق هذه الظاهرة وسيطرتها على الرأي العام وقيادة الأفراد إلى التوافق مع تصرفات الآخرين والتماهي معها وتعطيل مهمة (العقل) والتحكم بأنماط تفكيرهم وتعديل توجهاتهم وإفقادهم القدرة على تكوين موقف معين أو رأي مناسب.
▪️ على مستوى ساحتنا الرياضية نشاهد هيمنة العقل الجمعي على الجمهور وتحريكه ككتلة واحدة متشابهة لا تقبل العقلانية وتميل للعنف والتعصب ولا تقبل النقاش الإيجابي وتكفي زيارة واحدة لصفحة او قروب رياضي ومتابعة كيف تتمثل ظاهرة العقل الجمعي في التعليق على القضايا التي تطرح وكيفية التفاعل معها ومتابعة كيف ينساق المشاركين وراء بعضهم بالانحياز لأحد الآراء بعيدا عن التفكير الموضوعي ورفض تقبل افكار جديدة تخالف العقلية السائدة
▪️ إن معرفة فن التأثير على مُخيلة الجماهير تعني معرفة فن التحكم بها”، هكذا وصف المفكر الفرنسي غوستاف لوبون في مؤلفه (سيكولوجية الجماهير) فن إدارة القطيع عبر التوجه بالحديث إلى عاطفتها وقلبها دون عقلها وهو الأمر الذي تعاظم تأثيره في عالم اليوم

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى