سياسة محلية

قوات الدعم السريع تُحكم سيطرتها على دارفور تدريجيّا

احتدّ المأزق الذي يواجهه الجيش السوداني في دارفور؛ فبعد إخفاقه في الحصول على دعم الحركات المسلحة في الإقليم بدأت بعض الإدارات الأهلية تنفضّ عنه وتعلن ولاءها لقوات الدعم السريع، بما يمكنها من اتساع نطاق حاضنتها السياسية والعسكرية والاجتماعية تدريجيا، مقابل خسائر فادحة يتعرض لها الجيش.

وأعلنت قوات الدعم السريع الجمعة عن بسط سيطرتها على ولاية وسط دارفور بشكل كامل، ونشرت على حسابها في فيسبوك مقطعا مصورا ظهر فيه قائد الدعم السريع في ولاية وسط دارفور علي يعقوب جبريل، مؤكدا أن قواته سيطرت على الولاية تماما، “وسوف تتحرك نحو الخرطوم”، متهما الجيش بـ”الاحتماء بمعسكرات النازحين”.

وأجهضت هذه الخطوة روايات تداولتها وسائل إعلام تابعة للجيش السوداني وتفيد بأنه لا يزال قادرا على التحكم في زمام الأمور في دارفور، زاعمة أن قوات الدعم السريع لا تحظى بدعم شعبي في الإقليم.

ورحبت قوات الدعم السريع بالموقف الوطني للإدارة الأهلية في ولاية وسط دارفور وإعلانها الانحياز التام لخيار الشعب الذي يتوق إلى “الحرية والديمقراطية والعدالة والانعتاق من سيطرة وسطوة قوى الردة والظلام التي تقودها عناصر النظام البائد داخل القوات المسلحة”.

وزيادة الأصوات المؤيدة لقوات الدعم السريع في دارفور تمنح قائدها الفريق أول محمد حمدان دقلو (حميدتي) ورقة مهمة تمكنه من التفاوض من موقع قوة لتشكيل حكومة مدنية تراعي التمثيل الحقيقي لدارفور قبل الدخول في خيارات تفضي إلى عزل الإقليم عن المركز، الأمر الذي يمكن اللجوء إليه إذا أصرت فلول النظام السابق على مواصلة الحرب وإضاعة الوقت.

واعتبرت قوات الدعم السريع أن البيان الذي أصدرته الإدارة الأهلية في وسط دارفور وتأييدها يأتيان اتساقًا مع المواقف الوطنية الشجاعة التي عبرت عنها معظم قيادات الإدارة الأهلية بالسودان في مواجهة الظلم والاستبداد والفساد والمحسوبية.

وتعهدت قوات الدعم السريع بمواصلة النضال “لإزالة الطغمة الفاسدة من الانقلابيين والفلول التي دمرت البلاد وفككت نسيجها الاجتماعي وأشعلت فيها الصراعات وأورثتها الفقر”.

وعبرت بعثة الأمم المتحدة المتكاملة لدعم المرحلة الانتقالية في السودان (يونيتامس) الخميس عن قلقها العميق إزاء تداعيات الصراع على المدنيين في إقليم دارفور.

وكانت قوات الدعم السريع حققت انتصارًا كبيرًا في يوليو الماضي وسيطرت بشكل كامل على اللواء 61 التابع للقوات المسلحة في مدينة كاس بجنوب دارفور.

وقال القيادي في حركة جيش تحرير السودان آدم والي إن “قوات الجيش تتمركز في دارفور داخل مواقع الفرق العسكرية التابعة لها وتواجه صعوبات في التحرك بحرية داخل الإقليم، ما جعلها تفقد القدرة على الدفاع عن الإقليم”.

وأوضح في تصريح لـ”العرب” أن “إعلان مصطفى تمبور، وهو قائد حركة جيش تحرير السودان المنشقة عن عبدالواحد محمد النور، تأييده للجيش كان قد منح الجيش تفوقًا نسبيًا في ولاية وسط دارفور”.

وأشار والي، المنحدر من دارفور، إلى أن دعم الإدارات الأهلية في وسط دارفور للدعم السريع أمر منطقي، وأن بعض القبائل التي لها حضور واسع في الإقليم قد أعلنت منذ بداية الصراع موقفها المؤيد للجنرال حميدتي، ما جعل هناك ظهيرا تابعا لسبع قبائل، من بينها الرزيقات والمسيرية، يشكل سندا مهما لقوات الدعم السريع.

وأعلنت القبائل العربية في ولاية جنوب دارفور وقبيلة الفلاتة في يوليو الماضي دعمها لقوات الدّعم السريع في معركتها ضد الجيش “تحقيقا لإرادة الشعب السوداني وتطلعه إلى الحكم المدني الديمقراطي”، ودعت أبناءها في الجيش للانضمام إلى قوات الدعم السريع.

وآنذاك رحبت قوات الدعم السريع بذلك ودعت إدارات أهلية أخرى للانضمام إلى “خيار الشعب في الحرية والمساواة والعدالة والتحول المدني الكامل ورفض الهيمنة والطغيان واختطاف مؤسسة الجيش لصالح تنفيذ أجندة الفلول وكتائب الظل من أجل العودة إلى السلطة عبر بوابة القوات المسلحة المختطفة”.

وأجرت قوى سياسية وحركات مسلحة تنتمي إلى الإقليم محادثات في كل من تشاد وتوغو للتوصل إلى تفاهمات بشأن ما يجري في دارفور كي تقلل الخسائر التي يتعرض لها الإقليم بسبب الحرب، ودراسة المصير الذي ينتظره مع إصرار الجيش على تدميره مرة أخرى وخلق فتن أهلية بين سكانه.

وعلى الرغم مما أحاط بهذه الاجتماعات من التباسات يخرج المراقبون بنتيجة رئيسية تتمثل في أن الإقليم يبتعد عن الخرطوم كلما زادت تصرفات فلول نظام الرئيس السابق عمر البشير وحشية وانخرطت تنظيمات إسلاموية في الحرب.

وزادت الحاجة إلى توفير درجة عالية من الهدوء في دارفور عقب الانقلاب العسكري بالنيجر في السادس والعشرين من يوليو الماضي وما يمكن أن يخلفه من تداعيات أمنية على منطقة باتت حافلة بصراعات محلية تتشابك فيها قوى إقليمية ودولية عديدة.

نقلا عن صحيفة العرب

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى