تقارير سياسية

استراتيجيات قوى (الموز) لاستعادة تموضعها في العملية السياسية في السودان


بقلم : الفاضل يوسف

تزايدت المبادرات واللقاءات بين القوى السياسية والمجتمع المدني في السودان في الفترة الأخيرة ونشطت جماعات سياسية ومدنية ومبادرات مستقلة في تناول وتعاطي الشأن السوداني، آخر هذه الأنشطة مؤتمر فصيل من العدل والمساواة بإثيوبيا ولقاء لمن اصطلح عليهم بجماعة (الموز) إشارة لاعتصام القصر الجمهوري، حيث تمت زيارة نوعية تجمعت فيها قوى سياسية ومكونات مدنية ومهنيين سودانيين وشخصيات قومية- بحسب بيان صادر من جماعة (الموز)- وقد اجتمعت نفس هذه القوى في عدة دول من بينها مصر، وبيروت (لبنان)، والآن في إريتريا، إلا أنها هذه المرة غيبت لاعبا رئيسا وهو الزعيم مبارك الفاضل الذي يمقت أسياس أفورقي رؤيته لمواقف سيذكرها التاريخ، وأدخلت تمثيلا جديدا لأحد عناصر مبادرة الطيب الجد وهو عبد الرحمن الصادق الخارج من المدرعات حديثا، وهناك إشارة لحضور حزب الامة القومي الذي مثله المحامي اسماعيل كتر، وبحسبهم اجتمعوا بهدف البحث عن سبل لوقف الحرب والإعداد لحوار سوداني سوداني.

  1. يتضح تأثير الاجتماعات واللقاءات السابقة بأن هناك تضعضع في سبيكة الكتلة الديمقراطية والتي غاب عنوانها الأبرز المهندس مبارك أردول، وقبل الزيارة الأخيرة إلى إريتريا، اجتمعت قوى (الموز) في اركويت بالبحر الأحمر وفي مصر، استفادت القوى السياسية من هذه اللقاءات لتبادل الآراء وتقديم الرؤى وقتئذ وقدمت تصور الحوار السوداني السوداني، واعتمدت تلك القوى هذه المناورات لإرساء أسس للتعاون المصري مع الكتلة، وذلك تحت غطاء الحل السياسي والتوافق بين المختلفين السودانيين، ووضعوا في أركويت تصورهم وقد تم التوصل إلى أفكار مشتركة حول وقف إطلاق النار وتشكيل هيئة انتقالية أو حكومة طواريء كما أسموها في بيروت، وهذه الاجتماعات تعكس براغماتية واضحة للقوى السياسية (قوى للموز) في استعادة دورها وتموضعها في العملية السياسية القادمة في السودان، إلا أنهم يسلكون ذات الطريق المنعرج الذي يقود لذات الخواتيم.
  2. جدوى مناورات قوى (الموز) في إريتريا مهمة لتزيد من اتضاح الصورة الكاملة لتحرك هذه القوى، وتأتي الزيارة الأخيرة إلى إريتريا كجزء من استراتيجية تبك القوى السياسية للاستعادة التموضع في العملية السياسية في السودان، وتهدف هذه الزيارة إلى طرح قضايا السلطة وتصوراتها قبل التوافق على إنهاء الحرب وتوحيد الجبهة العريضة لإنهاء الحرب والتعاون بين الشركاء السودانيين، ويعتبر تصورهم لمشورع الحوار السوداني السوداني هدفًا أساسيًا لهذه الزيارة الذي يجمع (الغث) و(السمين) وهو ما رفضه بوضوح رئيس الدولة المضيفة أسياس أفورقي بحديثة القاسي عن الاسلاميين في مؤتمر جوار السودان، وهذه المجموعة تتجه لفتح باب ينفذ منه الاسلاميون إلى عمق العملية السياسية، حيث يهدف سعيهم إلى بناء جسر تواصل متين بينهم والأطراف الإخوانية المختلفة في السودان والتوصل إلى تسوية تحفظ حقوقهم وتحصنهم وشركاءهم وواجهاتهم من الملاحقة.
  3. لا سبيل لهذه القوى لاستعادة التموضع السياسي من خلال هذه المناورات والزيارات، لأن كل القوى السياسية التي لاستعادة تموضعها في العملية السياسية في السودان يجب أن تعتذر عن أخطائها كما فعلت قيادة العدل والمساواة (المنشقة)، وأن يدينو انقلابهم الذي أتى بالحرب، حينها يمكن أن يركز الجميع في العمل على توحيد القوى والجهود لتحقيق الاستقرار والسلام الدائم في البلاد، وعندها يمكن لهذا العمل أن يؤسس إلى تعاون مشترك ووحدة مطلوبة تقود إلى إقامة هياكل سياسية تمثل جميع الأطراف وتشجع على المشاركة الشاملة في صنع القرار.
  4. التحديات المستقبلية التي تواجه السودانيين وقواهم المية والفاعلين بمن فيهم جماعة (الموز) كثيرة جدا، فرغم التقدم المحرز في التوافق والتعاون بين القوى السياسية في السودان الذي عكفت عليه الحرية والتغيير وعدد من المبادرات، فإن هناك تحديات مستقبلية قد تواجه تلك الجهود، من أبرز هذه التحديات هو ضمان استدامة هذا التوافق والاستقرار بين الأطراف المختلفة، فضلاً عن توفير بيئة سياسية ملائمة لتحقيق إصلاحات جذرية وتنمية شاملة في السودان، لأن هذه المجموعة تتقلب بين ليلة وضحاها، وتدير ظهرها للحلفاء وتستقوي بمن تشاء في سبيل الحفاظ على الشلطة، حتى وإن كان ذلك تحت أزيز المدافع ومجنزرات الدبابات كما فعلوا في أكتوبر 2021.

من خلال هذه الزيارات لجماعة (الموز) و اللاحقة نتوقع أن يتم استخدام المستخرجين من السودان لخدمة البرهان وأن المناورات التي تقوم بها هذه القوى السياسية، سيتضح أنها تعتبر استراتيجية انتهازية جديدة لاستعادة تموضعها في العملية السياسية القادمة، وكان يمكن أن توفر هذه اللقاءات إذا أحسن استخدامها فرصة للتوافق والتعاون بين الجميع، وأن تخلق وضعا جديدا يمهد لتجاوز الماضي الانقلابي الأليم، وأن تعزز فرص تحقيق الاستقرار والسلام في السودان، ولكن هؤلاء موغلون في خدمة أجندة العسكر والتنظيم المحلول وينشطون في خدمة أجندته، وليس لهم سبيل إلى المستقبل إلا بالتعاون والتوجه الصادق التوجيه الجاد لأخذ موقف الحياد من الصراع الدائر واستعادة المكانة من قوى الثورة ومن القوى السياسية السودانية، حينها يمكن تحقيق تغيير إيجابي ودائم في البلاد وإلا فاليوم أسمرا وغدا أبشي ومن بعدها عودة إلى بورتسودان بخفي حنين.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى