مقالات

العبث المصري وتواطؤ البرهان: عن تسهيل تهريب الذهب واستخدام البصات السفرية لأغراض عسكرية


محمد علي الباقر
mo.albaqir@gmail.com

1
في خبر مثير للجدل والسخرية، تم الكشف مؤخرًا عن دور مصر في استغلال الموارد السودانية وتهريب الذهب بشكل سافر، وقفز الاحتياطي المصري من الذهب من أقل من طن إلى مئات الأطنان جميعها مهربة من السودان، فقد انكشفت شبكة تهريب دولية استخدمت بصات النقل المدني لنقل شحنات كبيرة من الذهب المهرب من السودان إلى مصر بعد توقف حركة الطيران من المهابط المختلفة بولايات البحر الأحمر والشمالية خوفا من نيران مليشيا الدعم السريع، وهو ما يوضح مدى التلاعب بأموال الشعب السوداني وثرواته بهذه الطريقة المشبوهة ويظهر حقيقة مزعجة عن الدور المصري في المنطقة.
2
فعشية استلامه شحنات الذهب المهرب من السودان عبر البصات السفرية التي تم استخدامها لإيصال المسيرات الايرانية والروسية للجيش السوداني، الرئيس السيسي يعلن ترشحه لولاية رئاسة جديدة، والبرهان بقف بنفسه على خروج الباصات بمعبر أرقين الحدودي، ويعد بتسهيل إجراءات انسياب البضائع المصرية للداخل السوداني.
3
وقد نقلت تلك البصات السفرية على مدى رحلات متواصلة لمدينة مروي شحنات من المسيرات الإيرانية والروسية للجيش السوداني، وهي فضيحة مخزية تضاف إلى قائمة الأمور الساخرة التي يقوم بها الرئيس عبد الفتاح السيسي، فلا يكفيه استغلال الموارد السودانية وخام المنتجات والمحاصيل والماشية التي تهرب عبر شركة الاتجاهات التابعة للجيش السوداني، بل يجعل من البصات السفرية المدنية وسيلة لإيصال مساعدات عسكرية لدعم العمليات العدائية في السودان.
4
في خطوة متناقضة مع المصلحة السودانية وتتعارض مع حالة الحرب واللا استقرار التي تسبب فيها السيسي بدعمه لانقلاب البرهان وتحضيره معه للحرب بالاسطول الجوي ولواء الصاعقة الذي تم سحبه قبل يومين من مدينة مروي، أعلن السيسي ترشحه لولاية رئاسة جديدة، مما يؤكد رغبته في استمرار عبثه بالمصالح السودانية، ومن الواضح أن الرئيس المصري يعتقد أنه يستطيع السيطرة على السودان وموارده، بل والتلاعب بسيادتها وسلامتها لصالحه الشخصي.
5
وفيما يبدو أن السيسي يحظى بتواطؤ تام من قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان، فقد قفز البرهان على فرصة حقيقية لضبط الوضع عندما تعهد بتسهيل إجراءات انسياب البضائع المصرية للداخل السوداني، وهذا يعتبر تنازلًا سخيفًا عن مصالح السودان، وآلالاف السودانيين عالقين في المعابر تم إيقاف التعامل باتفاقية الحريات الأربع، وسمح البرهان بمرور الخام والماشية( البهائم) وترك مواطنيه يكابدون ذل التأشيرة لدخول الأراضي المصرية، فلا يبدو أن البرهان يشعر بأهمية مواطنيه ولا ضرورة حماية سيادة بلاده ومواطنها من استغلال مصر القذر للموارد السودانية.
6
لقد تساءلت في كثير من الأحيان عن السبب وراء ثبات الشعب السوداني وتحمله لمثل هذه الأعباء التي يفرضها عليه السيسي والبرهان، هل يع هؤلاء القادة حقًا تأثيرها السلبي على تنمية البلاد وازدهارها؟ أم أنها مجرد أداة لضمان بقاء كل منهما في كرسي الرئاسة بأي ثمن؟
7
بدلاً من العمل لصالح مصالح شخصية، يجب على السيسي والبرهان التفكير في مستقبل الشعب السوداني وأهمية حماية مصالحه، فالعبث المصري بالموارد السودانية وتواطؤ البرهان معه لن يؤدي سوى إلى تردي الأوضاع في السودان ومواجهة صعوبات اقتصادية أكبر، وهو ما سيفرخ جماعات متطرفة وعنيفة ستتجه لمصر لإدخالها دائرة الصراع.
8
إنه عهد استغلال للكرسي الرئاسي، وهو ما لا يتناسب مع طموحات الشعب السوداني نحو التنمية والازدهار، وعلى الشعب السوداني وبالأخص( ترس الشمال) أن يتحرك ويواجه هذا الظلم، وأن يعمل على اختيار القادة الذين يضعون مصالحه في المقام الأول ويدافعون عن سيادة ورفاهية البلاد، ويمنع تهريب الموارد والثروات السودانية، ويقف سدا أمام تسرب أسلحة تفتك بالمواطنين عوضا عن الثروات التي تخرج من أراضيهم.
9
لن يستمر هذا العبث الذي يتم على رؤوس الأشهاد وفي الضوء العلني، ويجب أن يضع السيسي والبرهان ذلك في الاعتبار، لإن مستقبل السودان يعتمد على القيادة الحكيمة لا (اللئيمة) والتي ستتصدى للتغلبات الفاضحة وتحقق مصالح الشعب السوداني قبل أي شخص آخر، وأن مصر الرسمية والشعبية ليس من مصلحتها تغذية الصراع بالدرونز الانتحارية الإيريانية والروسية التي تم تفويجها عبر البصات المدنية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى