تقارير سياسية

هل ربح الهادي إدريس..؟؟

الفاضل يوسف / Sudan2day
يبدو أن حركات الكفاح المسلح التي كانت متوحدة تحت لافتة واحدة عقب نجاح ثورة ديسمبر ثم اتفاق سلام جوبا لم يكن يجمعها هدفا وطنيا ثابتا، ولم تكن على قلب رجلٍ واحد، بل كانت على قلب ثلاث رجال وهدفان على الأقل، فكانت حركتا الهادي إدريس والطاهر حجر منذ دخول الرجلين الي القصر الرئاسي اكثر توازنا وعملا وحكمة من الآخرين (هذه مقارنة بين الحركات الموقعة فقط)، فكانت مواقفهما متوازنة حتى عقب إنقلاب ٢٥ اكتوبر ولم يكونا ضمن (جوغة) اعتصام الموز الذي قادته حركتي مناوي وجبريل وهما أعضاء في الحكومة، وكان مالك عقار يمسك بالعصا من الوسط فكان هو القلب الثالث داخل المعادلة ولكنه ظهر لاحقاً خلف الهدف الآخر، لذلك كان يبعد وقتذاك عن المجموعتين قليلا ويتقرب لهما بنفس المسافة، ثم حسم أمره مع مجموعة الموز عقب اندلاع الحرب.
كان رأي الهادي والطاهر متسقا برفضهما للحرب ثم انعزالهما عن العمل داخل مجلس السيادة منذ انطلاقة الحرب وعملا على إيقافها، وكان جبريل ومناوي يظهران الحياد وانهما مع وقف الحرب ولكنهما يعملان في نفس الوقت مع أطراف الحرب الثلاث (الإسلاميين، الدعم السريع، الجيش) وبكل (ثعلبة وتحايل) من أجل البقاء دون خسائر في القوات أو فقدان المناصب.

ظلت هذ الحركات على هذا الحال منذ اشتعال الحرب، وظل الكل متمسك بموقفه، ولم يكن قائد الجيش راضيا عن مواقفهم هذه بعد سبعة أشهر من الحرب فقرر أن يضع حدا لهذا الوضع فهددهم بإعلان الانحياز لطرف أو الطرد من الحكومة، لم يستجب الهادي إدريس لهذا التهديد والابتزاز فبدأ بإقالته من مجلس السيادة (دون أن يكون له حق ذلك)، وأرسل عبره رسالة للآخرين، ولم يكن أمام جبريل ومناوي خيارا غير تحديد موقفهما دون مواربة، فأعلنوا وقوفهم بجانب الجيش مجبرين لا أبطال وهي استجابة تتناقض مع موقف الذي يطالب بوقف الحرب، والغريب في الأمر انهما خلال مؤتمرهما الصحفي الذي أقيم ببورتسودان ناديا بوقف الحرب أيضا وهو ما لا يتسق مع أهداف الندوة الصحفية، فكيف لشخص يعلن الإصطفاف خلف طرف ليقاتل معه ضد الطرف الآخر ويؤكد دخوله ميدان المعركة ثم يطالب بوقف الحرب التي لا يريد الطرف الذي يدعمه إيقافها ، وقد فشل في إقناعة طوال السبعة أشهر السابقة التي كان فيها حليفا مقربا منه وملازما له حتى في مقر الحكومة الجديد، فكيف تطالب بإيقاف الحرب عبر منصه أعلنت فيها دخلولك ساحة المعركة؟

لم يكن هذا الخيار إختيارا حرا إرادياً لجبريل ومناوي أو حتى لحركتي العدل والمساواة وجيش تحرير السودان، لكنه كان خيارا ملزما من الجنرال البرهان ومن قبله الإسلاميين الذين يديرون الحرب سياسيا خلف القوات المسلحة.

لقد أجبر جبريل وخُيّر مناوي على ذلك كما أجبرا من قبل على الانشقاق مبكراً من الحرية والتغيير قبل توقيع الوثيقة الدستورية ومن ثم فصلهما عن قوى الثورة ليصبحوا كتلة منفردة مع آخرين لتتفاوض لوحدها مع العسكر ثم تأتي لتقوم (بفرز كومها) بإعلان الكتلة الديمقراطية بإضافة آخرين أيضا ثم تساق للتمهيد لانقلاب ٢٥ إكتوبر، وتصرف لهم التعليمات برفض الإتفاق الإطاري، ثم دعم الحرب ثم إدخالهم فيها عنوةً دون أن يقول أحدا منهم (بغم) كل ذلك يتم عبر عرض المناصب سابقاً ثم الحفاظ عليها لاحقاً.

ظهر جليا إرتباط مواقف جبريل ومناوي بالمناصب دون التفكير في مستقبل البلاد أو نجاح أعظم ثورة سودانية، لم يأبها في التنازل عن دم مقاتلي حركاتهم طوال سبعة عشر عاما ولم يضعا بالاً لشهداء ثورة ديسمبر التي أتت بهم معززين سالمين آمنين إلى العاصمة ليحكما فذهبا خلف من يضمن لهما المقاعد لا غير..

وكان مالك عقار يتلاعب بمواقفه رافضا لموقف العسكر عقب إعلان بداية المواجهة مع المدنيين وسحب الحراسات ليظهر بمقر لجنة التفكيك مؤازرا للمدنيين، ومبتعدا عن المشاركة في اعتصام القصر، ثم موافقا على إنقلاب ٢٥ اكتوبر دون إظهار موقفا حاسما أو العمل مع الآخرين لإنهاء هذا العبث فواصل عضوا بالسيادي في وجود حميدتي (رجلا ثانيا) ومؤازرا له مع شريكه البرهان والآخرين، ثم قبل أن يصبح نائبا للرئيس خلفا لحميدتي نفسه و عدوا له وضد الذين كانوا يحذرون من تمدد الدعم السريع،فكان عقارا يبحث عن تأمين موقعه بالتحول السريع دون أن يظهر موقفا مستقلا له منذ دخوله الخرطوم حاكما عكس الآخرين (سلبا او ايجابا) فكانا مناوي وجبريل اكثر جرأةً منه حتى وإن كانا على باطل،
اما الهادي إدريس فقد أظهر رفقة الطاهر حجر مواقفا ثابتة فكانا أفضل قادة الحركات رغم الهجوم الذي يطلقه عليهما حلفاء حلفائهم السابقين..

إعلان جبريل ومناوي القتال بصف الجيش ضد الدعم السريع يعلن خروجهما من المعادلة الحيادية والعمل على وقف الحرب ووضعهما داخل كتلة الحرابة رسميا.. فهل سيصمدا؟؟
أما مالك ذاك فلا بواكي على ما يفعل..

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى