أخبار محلية

تحديات وقف الحرب

كتب : حيدر عثمان
و الطرفة الشهيرة التي يتردد صدى ضحكتها في ليالي الخرطوم حين كانت للخرطوم ليالي قبل ان يقرر الجنرالان أن هذا المركب يجب أن يقوده أحدهما فقط.. تحكي عن السكران الذي يخشى أن تفوته محطته في الحافلة.. فيوصي الكمساري بصوت عالي أن ينزله في المحطة ذاكرا أسمها.. و الكمساري ينشغل و الحافلة تكاد تتجاوز المحطة فيتطوع أحد الركاب ليذكر السكران..
و السكران و هو ينزل يشكر الراكب و يقول له :البلد دي طالما فيها _ معرضين_ زيك ما بتجينا عوجة)..
و الحرب في الخرطوم تشتعل و بعد اسبوعها الأول يدرك الجميع ان لا حل سوى الذهاب الى التفاوض لتجنيب البلاد و العباد هذا الدمار..
لكن في كل مرة تنفض مائدة الحوار بدون (تقدم)..و الشعب يعاني.
لا يحتاج الأمر الى ذكاء لإستنتاج ان ما يقف في طريق إنهاء الحرب في السودان هو الاختلاف على ما سيحدث بعدها فالطرفين المتحاربين صرحوا علنا أنها حرب عبثية.. و طوال 10 شهور من (البل بس) و (الجغم بس) لم تفضي الى نتيجة سوى مزيد من المعاناة..
و ما بعد الحرب حتى الأن لم يخاطب لا مخاوف القوى الاقليمية و لا المحلية..
فدول الاقليم عينها على موانيء السودان و أخرى على ارضه الزراعية و أخرى على موارده و ذهبه و القوى الدولية تحتاج ضمانات كيف سيستغل هذا الموقع الاستراتيجي بما يضمن امنها و سلامها حتى ان لم تحصل هي عليه فعليها ان تضمن ان لا يحصل عليه غيرها..
و القوى الداخلية سواء الاسلاميين أهمهم يعملون ليل نهار بأن لا ترسى سفينة الحرب هذه الا و قد اعدوا أطواق نجاتهم و ربما يذهب الحالمين منهم الى تحسس موقعهم من السلطة و القوى المدنية المنقسمة بين مهادنة الاطراف و العودة الى الاطاري لإعادة سلطة انتقالية تشمل عرمان و رشا عوض لا يجد السودانيين ذكريات حسنة تجعلهم يتحمسون لها..
فوق كل هذه الصخور تتكسر كل محاولات الحل و التغاوض.. و أغلبها على صخور الاسلاميين فحين يوافق الجيش على الجلوس يرفض اسلاميين الدعم السريع.. و حين يرضخ الدعم السريع للضغوط يظهر اسلاميين الجيش مبشرين بقرب الحل العسكري و ساعة الحسم التي صارت مدعاة لسخرية السودانيين و هم يتوزعون ما بين نازح و لاجيء و مقيم في ولايته بدون عمل..
و ما ان تشرع (تقدم) في جولات في الاقليم لدعم خيار التفاوض حتى يخرج علينا الدعم السريع بخطاب العنصرية و دولة 56.. و الجيش بخطابات العمالة و الارتزاق.. و ما ان تتحرك الكتلة الديمقراطية حتى تستعيد قحت ذكريات المواجهة و ترسل سهامها..
لقد افقدت هذه الحرب السودانيين ماضيهم و حاضرهم و محاولات عرقلة السلام الأن تسلبهم مستقبلهم..
و لقاء المنامة الاخير كان محاولة لكسر هذا الطوق في غفلة و نسيان من الكمساري.. لكن الله من على السودانيين بسبق صحفي لمزمل ابو القاسم..
ليكون لسان حالنا أنه( طالما البلد دي فيها – معرضين_ سلام واحد بجيها مافي).

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى