حوارات سياسية

الدقير : طلبنا من القاهرة تنظيم لقاء مباشر يجمع «البرهان» و«حميدتي»

مع تواصل المعارك العسكرية بين الجيش وقوات الدعم السريع، واقتراب مرور عام على اندلاع حرب الخامس عشر من أبريل، حاورت «التغيير» رئيس حزب المؤتمر السوداني وعضو تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية «تقدم»، عمر الدقير للحديث عن تفاصيل الزيارة الأخيرة إلى القاهرة وما ترتب عنها من نتائج مهمة.

إضافةً إلى رؤيته لمستقبل التسوية السياسية في البلاد ودور الأطراف الإقليمية في هذه العملية، كما تطرق الحوار إلى مذكرة حزب الأمة القومي وتأثير التطورات الميدانية المتمثلة في دخول قوات الدعم السريع لولاية الجزيرة وتقدم الجيش في أمدرمان.

كمبالا: سارة تاج السر

كنتم ضمن وفد “تقدم” الذي زار القاهرة مؤخراً ما هي أبرز فعاليات هذه الزيارة ونتائجها؟

جاءت الزيارة في سياق العلاقات التاريخية بين السودان ومصر وضمن برنامج لجنة الاتصال بـ “تقدم” للتواصل مع المجتمع الدولي والإقليمي لإطفاء نار الحرب في بلادنا وإنهاء أزمتها المتراكمة عبر مسار سلمي يؤسس لواقع جديد معافى من خطايا الماضي.

كيف تقيّم نتائج اللقاءات التي جرت مع المسؤولين المصريين بخصوص جهود وقف الحرب في السودان؟

الزيارة شهدت لقاءات مع المسؤليين المصريين، أكدوا خلالها حرص مصر على القيام بدورٍ فعال في دعم جهود وقف الحرب في السودان.

جرت مناقشات اتسمت بالجدية والوضوح وخلصت إلى توافق الطرفين على أن الموقف السليم يحتم ضرورة السعي للوصول لوقف الحرب بأعجل ما يمكن لمعالجة الكارثة الإنسانية التي تعصف بالشعب السوداني والحفاظ على وحدة وطنه واعتماد الخيار السلمي لحل أزمته المزمنة عبر مخاطبة أسبابها المنغرسة في تربة الواقع السياسي والاقتصادي والاجتماعي.

المسؤليين المصريين، أكدوا خلال زيارتنا للقاهرة حرص مصر على القيام بدورٍ فعال في دعم جهود وقف الحرب في السودان.

خلال اللقاءات أكد المسؤولون المصريون إن مصر ستبذل كل جهد ممكن لتقريب وجهات النظر بين أهل السودان بهدف وقف الحرب والوصول لحل سلمي تفاوضي ، تم الاتفاق على استمرار التواصل بين الطرفين عبر لجنة مشتركة لمتابعة ما تم نقاشه.

كذلك شمل برنامج الزيارة جلسة حوارية مع عددٍ من كتاب الرأي والمثقفين المصريين، ولقاءات مع طيف واسع من مكونات المجتمع السوداني بمصر بجانب الاجتماع مع أمين عام جامعة الدول العربية.

رشح في الأخبار أن مصر ستستضيف لقاءً يجمع بين الجنرالين “البرهان” و”حميدتي”.. هل تطرقتم لذلك خلال محادثاتكم مع المسؤولين المصريين؟

بالفعل، اقترحنا خلال المحادثات مع المسؤولين المصريين أن تنظم القاهرة لقاء مباشراً بين “البرهان” و”حميدتي” وكذلك اقترحنا أن تستضيف القاهرة الاجتماع الذي طلبته «تقدم» مع الفريق البرهان، وكل ذلك للدفع نحو الوصول لاتفاق وقف العدائيات واشتقاق مسار سياسي سلمي.

ماذا عن قضايا السودانيين الموجودين في مصر.. هل تم مناقشاتها في اللقاءات المشتركة؟

بالطبع كانت القضايا التي تواجه السودانيين الموجودين في مصر من أهم أجندة اللقاءات، حيث وضعنا على طاولة المسؤولين المصريين قضايا إجراءات الإقامة والتعليم والعلاج وغيرها، ووعدوا بمعالجتها بالصورة الأمثل والسرعة اللازمة، وستُتَابَع معالجة هذه القضايا عبر اللجنة المشتركة المتفق عليها بين الطرفين.

هل من المتوقع أن تستأنف مصر جهودها في تيسير الحوار بين القوات المسلحة والدعم السريع على نحو ما جرى في المنامة؟

القيادة المصرية أكدت حرصها على مواصلة مساعيها بين الطرفين لوقف الحرب واللجوء إلى الخيار السياسي السلمي، وأعتقد أن مصر – بحكم خصوصية علاقتها مع السودان – مؤهلة للقيام بدور فعال ضمن الجهود الدولية والإقليمية الساعية لذات الأهداف.

بعد توقف منبر المنامة، ماذا بشأن منبر جدة؟

أعتقد أن الحوار الذي جرى في منبر المنامة بين ممثلي الجيش والدعم السريع – بتيسير من مصر والإمارات – لم يكن بعيداً عن ما تم خلال جولات التفاوض في منبر جدة، والأرجح أن يُستأنَف التفاوض بين ممثلي الطرفين، خلال الأيام القادمة، في منبر جدة مع توسعته بإضافة مصر والإمارات لجهود التيسير.

في تقديرك ما هو تأثير التطورات الميدانية المتمثلة في دخول قوات الدعم السريع لولاية الجزيرة وتقدم الجيش في أمدرمان على أي جولة تفاوض قادمة؟

موقفنا الداعي لوقف الحرب عبر التفاوض لا يرتبط بتقدم هذا الطرف، أو ذاك في ميدان المواجهة العسكرية، بل هو موقف مبدئي يتأسس على حقيقة أن الحرب الحالية منتشرة في أجزاء متعددة من بلادنا، وأن الحرب – حتى لو كان مسرحها ولاية واحدة – تعني الموت والتدمير والانتهاكات والجوع، وكل أشكال المعاناة الإنسانية، وهي تَمظهُر للأزمة الوطنية المتراكمة التي لا يمكن حلها إلا بمخاطبتها بعقل جماعي عبر مسار سلمي تفاوضي يفضي للتوافق على برنامج بناء وطني ديمقراطي تنموي يطوي صفحة الحروب، ويحافظ على وحدة بلادنا واستقرارها، ويحقق العدالة والتعافي الوطني، ويعيد هيكلة البنيان الاقتصادي لمصلحة الجميع، ويُعلي من شأن القانون، ويعيد لمؤسسات الدولة فعاليتها ومضامينها النبيلة، ويعلن قطيعة نهائية مع ثنائية الاستبداد

والفساد.

موقفنا الداعي لوقف الحرب عبر التفاوض لا يرتبط بتقدم هذا الطرف، أو ذاك في ميدان المواجهة العسكرية

ينظر البعض إلى تجربة «تنسيقية تقدم» باعتبارها امتداداً لفشل تجارب التحالفات السياسية السابقة، وأنها لم تضف أي جديد.. ما هو تعليقكم؟

من المبكر الحكم على تجربة «تقدم» بالفشل وعمرها لم يتجاوز الخمسة أشهر، وفي الوقت نفسه لا يمكن القول بأنها كيان جبهوي مكتمل البناء، وهي تعي ذلك، وتدرك أنها تعمل بهياكل تنظيمية مؤقتة.. ؟أتت كمحاولة جادة للاستجابة لمطلب توحيد قوى السلام الديمقراطية باعتباره أحد أهم شروط النجاح في انتشال بلادنا من مستنقع أزمتها الحالية، كما أن الحكم على «تقدم» يجب أن يراعي كونها ولدت في فوهة بركان الحرب التي زعزعت استقرار ملايين السودانيين، وأجبرتهم على النزوح الداخلي والخارجي، وأنهكتهم بالمعاناة النفسية والجسدية وضنك العيش، وضَيّقت الحيز المدني، وصادرت مساحات الكلمة لمصلحة الرصاصة.

ما هي التحديات الرئيسية التي تواجه «تقدم» في ظل الظروف السياسية والاجتماعية الراهنة في السودان؟

واقع القوى الديموقراطية يقول أنها ظلت – منذ قبل اندلاع الحرب – في حالة انقسام واستقطاب فيما بينها على خلفية قضايا هامشية وحسابات صغرى أفقدتها وجودها الجماعي في الخندق الموحد الذي أنجز ثورة ديسمبر المجيدة، ما أتاح الفرصة لقوى الشد العكسي أن تقطع طريق الثورة، وتقود البلاد إلى ما آلت إليه.. كل هذا ليس دفاعاً عن«تقدم» وإنما هو تقرير لواقع، كما أن هذا لا ينفي أن هناك قصور في أداءها وبطء حركتها، وأنها تحتاج إلى مزيدٍ من الجهد التنظيمي والسياسي لتجويد تجربتها وتطويرها، حتى يستوي عودها، وتكون بمنجاةٍ عن

الهشاشة.

«تقدم» تعاني قصور في الأداء وبطء في الحركة، وتحتاج إلى جهد تنظيمي وسياسي، حتى يستوي عودها

كيف تخطط «تقدم» للتعامل مع التحديات المستقبلية والعمل على تحقيق الأهداف المشتركة للسودانيين؟

الإنصاف يقتضي القول بأنها – رغم الهجوم الضاري عليها من جهات عديدة منذ لحظة ميلادها – استطاعت أن تسهم في حضور الصوت المدني الديمقراطي، داخلياً وخارجياً، رغم دويِّ القنابل ودخانها الذي يغمر فضاء الوطن، وأنها تسعى للانفتاح على الآخرين كي يتم تكوين أوسع جبهة ممكنة لقوى السلام والديمقراطية، وهذه مهمة تقع على عاتق الجميع وليس «تقدم» وحدها، وشروط إنجازها ليست مستحيلة، فهي تتطلب امتلاك “الوعي المشحون بالاستقامة” والترفع عن الشجون الصغرى وتقديم ما هو جوهري على ما هو ثانوي والتخلي عن مزاعم احتكار الحقيقة والموقف النظيف، وإدراك المتغيرات التي أفرزتها الحرب، وفي مقدمتها تفاقم التذرُّر المجتمعي وخلخلة النسيج الوطني إلى جانب تداخل الظلال الذي أتاح لقوى الشد العكسي أن تنشر سرديات مضللة، وتُسوِّق خطابها المضاد لثورة ديسمبر المجيدة لدرجة التجرؤ على وصفها بأنها انقلاب!!

ولكن؛ مما يجعل نافذة الأمل مشرعة أن إرادة التغيير عند السودانيين لم تفتر، وتطلعهم إلى حياةٍ كريمة في وطنٍ معافى لم تَنَلْ منه أشْهُر الحرب الضروس.. كل ما هو مطلوب توحيد هذه الإرادة والسعي لتحقيق التطلعات عبر العمل الجماعي والمثابرة بلا كللٍ ولا ملل.

ما هو تعليقك على المذكرة التي دفع بها حزب الأمة القومي لقيادة «تقدم» وماذا تم بشأنها؟

بدءاً أنا من أنصار إعلاء شأن الروح النقدية داخل أية منظومة سياسية أو اجتماعية؛ لأن ذلك هو مصدر حيويتها، ومرتكز تطورها بتلافي السلبيات وتعظيم الإيجابيات، ومن هذا المنطلق يجب النظر إلى مذكرة حزب الأمة والتعاطي معها بصورة موضوعية، نُوقِشَت المذكرة في لجنة الاتصال بـ «تنسيقية تقدم» وتقرر تكوين لجنة للتواصل مع حزب الأمة بشأنها، وأعتقد أننا عبر الحوار الموضوعي والالتزام بالواجب الوطني نستطيع التوافق على ما هو أقوم وأرشد لمصلحة شعبنا.

  • نقلا عن صحيفة التغيير الإلكترونية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى