الشرق الأوسط

بدء مؤتمر باريس الدولي حول الأزمة السودانية اليوم

يفتتح، اليوم الاثنين في العاصمة الفرنسية باريس، مؤتمر دولي حول السودان، بالتزامن مع الذكرى السنوية الأولى لبدء الحرب، والذي سبق ونددت به الحكومة السودانية لتجاهلها من قِبَل القائمين على المؤتمر.

ويتضمن الاجتماع الذي تشارك ألمانيا في رئاسته، شقا سياسيا على المستوى الوزاري، لمحاولة إيجاد مخارج للنزاع، وشقا إنسانيا هدفه تعبئة التبرعات وتقديم معونة للسودان، كما يضم اجتماعا لنحو 40 شخصية من المجتمع المدني.

وقال نائب الناطق باسم وزارة الخارجية الفرنسية، كريستوف لوموان، “الفكرة هي إعادة الأزمة إلى صدارة جدول الأعمال. يجب ألا يُسمح بأن يصبح السودان أزمة منسية”.

وشددت الخارجية الفرنسية على أن “الاهتمام الدولي ينصب على  قطاع غزة وأوكرانيا أكثر من السودان”، مشيرة إلى أن الأزمة السودانية “إنسانية ولكن جيوسياسية أيضا”. وقالت إن “خطر تفكك السودان وزعزعة استقرار القرن الأفريقي بكامله كبير جدا”.

وأوضحت الخارجية الفرنسية أن “تمويل النداء الانساني للأمم المتحدة في العام الماضي لم يبلغ سوى النصف. هذا العام، لم تتخط نسبة التمويل 5%”، مؤكدة أنها لا تتوقع سدّ هذا العجز خلال مؤتمر باريس “لكن نأمل في أن يستيقظ المجتمع الدولي”.

وسيسعى مؤتمر “المانحين” في باريس إلى معالجة ضعف تمويل الطوارئ في السودان والدول المجاورة والنقص الذي يبلغ أكثر من 2.5 مليار دولار.

وعلى المستوى السياسي، من المقرر أن تعقد اجتماعات سياسية تشارك فيها دول الجوار تشاد، وليبيا، وكينيا، وجيبوتي، وكذلك جنوب السودان، ومصر وإثيوبيا، إضافة إلى السعودية والإمارات، والولايات المتحدة وبريطانيا والنرويج.

كما ستحضر المؤتمر منظمات إقليمية مثل جامعة الدول العربية، والاتحاد الأفريقي، والهيئة الحكومية للتنمية “إيغاد”، إضافة إلى وكالات للأمم المتحدة. ويأمل المجتمعون في “الاتفاق على إعلان مبادئ وإجراء تقييم لمختلف مبادرات إحلال السلام” في السودان، وفق الخارجية الفرنسية.

وتزامنا مع انعقاد المؤتمر يجتمع نحو 40 شخصا يمثلون المجتمع المدني السوداني في معهد العالم العربي في باريس. وأكدت الخارجية الفرنسية أنه ستتوافر لهؤلاء، وبينهم ناشطون ونقابيون وباحثون وصحفيون ورجال أعمال وغيرهم، “مساحة للتحدث عن مسار السلام ومرحلة ما بعد الحرب”.

وحضت مديرة القرن الأفريقي في منظمة هيومن رايتس ووتش ليتيسا بدر على صدور “رسالة صارمة” وعقوبات دولية ضد طرفي الحرب الذين “حالوا دون وصول المساعدات الإنسانية” وقاموا بنهب ما وصل منها، وخططوا لعمليات “قتل العاملين الإنسانيين”، إضافة إلى سلسلة من الانتهاكات بحق المدنيين.

وشددت على أنه “من الضروري أن يعقد هذا المؤتمر، لكنه لا يجب أن يصبح ذريعة… لنيسان السودان مرة جديدة”.

وتستضيف باريس المؤتمر الدولي من أجل السودان بعد مرور عام على بدء الحرب بين الجيش بقيادة الجنرال عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة نائبه السابق الجنرال محمد حمدان دقلو المعروف بحميدتي.

الخرطوم تستنكر

وقبل 3 أيام من انعقاد المؤتمر أصدرت وزارة الخارجية السودانية بيانا أعربت فيه عن دهشتها واستنكارها، “لأن ينعقد هذا المؤتمر حول شأن من شؤون السودان، الدولة المستقلة وذات السيادة والعضو بالأمم المتحدة، دون التشاور أو التنسيق مع حكومتها ودون مشاركتها، رغم أنها هي حصريا التي تمثل البلاد دوليا وفي شتى الهيئات والمنظمات والمحافل الإقليمية والدولية، وتتبادل التمثيل الدبلوماسي مع مختلف دول العالم بما فيها فرنسا نفسها”.

وفي بيان لها يوم الجمعة الماضي اعتبرت الخارجية السودانية هذه الخطوة الفرنسية “مسلكا يمثل استخفافا بالغا بالقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة ومبدأ سيادة الدول”، مضيفة أن “الاختباء وراء ذريعة الحياد بين من يسميهما المنظمون طرفي نزاع  لتبرير تجاهل السودان حجة لا قيمة لها وأمر مرفوض ويمثل سابقة خطيرة في العلاقات الدولية”.

واعتبر البيان “المساواة بين الحكومة الشرعية، والجيش الوطني، من جهة، ومليشيا إرهابية متعددة الجنسيات تستهدف مؤسسة الدولة نفسها وتمارس الإبادة الجماعية وأسوأ انتهاكات حقوق الإنسان، من الجهة الأخرى، من شأنها تقويض أسس الأمن الإقليمي والدولي”.

ورأت الخارجية السودانية، في بيانها، أن هذا المسلك” يشجع الحركات الإرهابية الشبيهة في أفريقيا والشرق الأوسط على تصعيد أنشطتها الإجرامية لأنها ستكون ذريعة لقوى غربية لتجاهل سيادة الدول المتضررة وحكوماتها الشرعية بدعوي الحياد”، مشيرة إلى أن “رعاة المليشيا الإقليميين وجناحها السياسي سيشاركون في الاجتماع”.

مخيم الكفرون للاجئين السودانيين شرق تشاد (الفرنسية)

مأساة إنسانية

يذكر أنه خلال عام واحد، أدت الحرب في السودان إلى سقوط آلاف القتلى، بينهم ما يصل إلى 15 ألف شخص في إحدى مدن غرب دارفور، وفق خبراء الأمم المتحدة. كما دفعت الحرب البلاد البالغ عدد سكانها 48 مليون نسمة إلى حافة المجاعة، ودمرت البنى التحتية المتهالكة أصلا، وتسبّبت بتشريد أكثر من 8.5 ملايين شخص، بحسب الأمم المتحدة.

وشددت منظمة “العمل لمكافحة الجوع” غير الحكومية، على الحاجة إلى تحرك “عاجل” في تشاد لتوفير المساعدات للاجئين الذين يتدفقون عبر الحدود من السودان المجاور.

من جهته، أكد مدير السودان في المجلس النروجي للاجئين وليام كارتر أن “المدنيين يعانون الجوع، والعنف الجنسي الهائل، والمجازر العرقية على نطاق واسع، والإعدامات، ورغم ذلك، يواصل العالم الإشاحة بنظره”.

وشدد في بيان على أن “اليوم الذكرى السنوية للحرب يمثل محطة مخزية للطرفين المتحاربين في السودان، بالإضافة إلى المجتمع الدولي الذي ترك هذه الكارثة تزداد سوءا”.

وفي حين يحتاج نحو 25 مليون شخص في السودان، أي نحو نصف عدد السكان، إلى المساعدة، حذر رئيس بعثة منظمة أطباء بلا حدود جان ستويل في بيان له من “فراغ إنساني يثير القلق للغاية”.

وقال “إضافة إلى الوفيات المرتبطة بأعمال العنف، نرى الأطفال يتوفون جراء سوء التغذية ونقص اللقاحات، ونساء يعانين مضاعفات بعد ولادات خطرة”.

وتعثرت جهود الوساطة التي تبذلها الولايات المتحدة والسعودية منذ أشهر. وأعرب المبعوث الأميركي الخاص إلى السودان توم بيرييلو الخميس الماضي عن أمله في أن يساعد مؤتمر باريس على استئناف المحادثات.

إعلان

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى