تقارير سياسية

فك طلاسم التسريبات الصوتية ..”سودان توداي” تكشف الملابسات والوقائع

الحلقة (1)


النذير عبدالرحيم / Sudan2day

الحلقة “1”
كشفت التسريبات الصوتية بين ضابط الإستخبارات العسكرية عبدالعال الأمين وضابط الصف المعاشي من البوليس محمد عثمان ، حجم المؤامرة الكبيرة التي تعرضت لها حكومة الثورة من قبل الأجهزة الأمنية والعسكرية المسيطر عليها بالكامل من قبل ” الكيزان ” وكشفت الخطأ الاستراتيجي لقوى الحرية والتغيير في التفاوض بتركها مهمة إصلاح الأجهزة الأمنية للمكون العسكري والتي كشفت التسجيلات بجلاء أن ” حاميها حراميها ” إذ لم يكن للمكون العسكري من هدفٍ سوى إفشال المدنيين واظهارهم بمظهر العجز وعدم القدرة على إدارة الدولة بخلق الأزمات بصورةٍ يومية مثل خنق العاصمة بتغييب المواصلات ، وقطوعات الكهرباء المصنوعة بل وترهيب وفصل العاملين الذين يعارضون تلك القطوعات كما أوضح التسجيل بجلاء .
الأزمات شملت أيضاً الانفلات الأمني المصنوع واخفاء السلع الإستراتيجية والأهم من ذلك تحريك ” لوبي ” الدواء لاخفاء الأدوية المنقذة للحياة كما شملت الأزمات المصطنعة إخفاء ورق الجوازات وعشرات من هذه النماذج .
الحقيقة تُقال أن حكومة الثورة والفترة الانتقالية استطاعت بمعاونة كبيرة من الشعب تجاوز معظم هذه المطبات ، إذ صبر المواطن على هذا الشح بإعتباره أمر طارئ ريثما تسترد حكومة الثورة أنفاسها وتحكم قبضتها على الأمور وقد بدا هذا جلياً في فترة ” حكومة فبراير ” التي دفعت فيها قوى الحرية والتغيير بكادرٍ من الصف الأول للوزارة لمواجهة هذه التعقيدات وقد بدا للعسكريين مدى الورطة التي وقعوا فيها وهم يواجهون ساسة متمرسين يعرفون ألاعيب العسكر ويضيقون الخناق عليها وتبدلت الأحوال بصورةٍ ملموسة من خلال النقاش اليومي والمواجهات المستمرة وسرعان ما بدأ الوضع في التحسن التدريجي .
استراتيجية الإعلام التي تبناها المكون العسكري تلك الأيام عبر أجهزته الأمنية هي حملة ” حكومة محاصصات ” و(حكومة حزبية) لأن الخطاب الرسمي للمكون العسكري ظل دائماً وأبداً بضرورة ” حكومة تكنوقراط “في ظل واقع سياسي شديد الضراوة وفشلت الحملة نتيجة الأداء المميز لحكومة قوى الحرية والتغيير التي حاصرت تجار العملة واتخذت قرار تحرير الوقود والعملة ودفعت الثمن السياسي بشجاعة وبدأت القرارات الكبيرة تتدفق ثمارها في الاستقرار في سعر الصرف وتوفر السلع التموينية إضافةً للأداء المبهر في الملف الخارجي خصوصاً اعفاء الديون وجذب الاستثمارات التي بلغت توهجها في استقبال العالم لحكومة الثورة في باريس والاحتفاء بقادتها في أكبر مؤتمرٍ وتجمعٍ اقتصادي لدعم السودان وفتح صلاته مع المجتمع الإقليمي والدولي.
أمام كل ذلك لم يجد المكون العسكري من طريق غير المواجهة المباشرة فعمد إلى اغلاق الميناء وشراء زعامات القبائل واغراء ضعاف النفوس من قادة الحركات المسلحة الذين انخرطوا مع الاستخبارات العسكرية في التصعيد للانقلاب حيث كانت الاجتماعات يومية في مقر الترتيبات الأمنية للحركات بقيادة رئيس هيئة الاستخبارات العسكرية شخصياً اللواء صبير وبمتابعةٍ لصيقة من البرهان .
فهمت قيادات قوى الحرية والتغيير المؤامرة وسارعت بتنبيه الشارع بل عمدت لتعبئته مباشرة قبل الانقلاب وكان هذا القرار هو مسمار في نعش الانقلاب الذي ولد ميتاً بإستعداد الشارع لمواجهته وافشاله ماجعل المكون العسكري يتراجع عن الانقلاب ويشرع في حوار سياسي من أجل إنهاء الانقلاب عبر عمليةٍ سياسية شائكة توجت بالإتفاق السياسي الإطاري الذي احيا آمال واسعة بإسترداد المسار الديمقراطي .
موقف عدد من القوى السياسية من الاتفاق السياسي الإطاري المتطابق مع الحركة الإسلامية ، تكشف بوضوح في حديث ضابط الإستخبارات العسكرية عبدالعال في التسريبات الصوتية والذي قال لـ محمد عثمان يطمئنه : (عندنا فيهم ناس) لكن الأهم ألا يكتمل هذا الاتفاق لأن فيه نهايتنا .
عبر خطاب الثورة والمزايدات تلاعبت الاستخبارات العسكرية بالشارع الثوري عبر قلة من( القيادات الحزبية ولجان المقاومة) الذين كرسوا كل جهدهم لتدمير الحرية والتغيير وجهدها السياسي الذي كان سيقود البلاد إلى بر الأمان واستغلت الاستخبارات العسكرية ضعف تجربة الشارع الثوري وعمدت على تغذية الخطاب المناوئ للحرية والتغيير بالعمل الإعلامي حيث كشف ضابط الاستخبارات العسكرية بجلاء مخاوفه من أداء الحرية والتغيير عندما كان محمد عثمان يحثه على اختراق الحركات المسلحة والدعم السريع فأكد له ضابط الاستخبارات العسكرية عبدالعال أن ما يخيفه هو تحرك الحرية والتغيير وليس أي تحرك اخر .


في الحلقة القادمة :

  • من هو العميد عبدالعال وماهي علاقته بحسن البلال نائب رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية ورجل الحركة الإسلامية الأول داخل المؤسسة العسكرية .
  • كيف نسقت الاستخبارات العسكرية تقسيم الشارع والقيادات التي تم شطبها من قائمة الاعتقالات صبيحة انقلاب 25 أكتوبر ومنهم .
  • كيف فتحت المنابر لهذه القيادات من أجل تفكيك قوى الثورة ؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى