معتز البدري يكتب : فئات البلابسة.. و(سائقي الحافلات)
اذكر ونحن طلاب بالجامعة كنت احرص على الجلوس بالمواصلات العامة في المقعد الأمامي أو خلف السائق مباشرةً ذهابا وايابا، مزاج بس..
في مرة وانا جالسا خلف السائق كان على يمينه في المقعد الأمامي يجلس زميلا له يبدو أنه (طاير) بلغة السواقين.. المهم كانا يتجاذبان أطراف الحديث بخصوص الركاب والشارع وحركة المرور وهكذا (كل زول بونسو غرضه)، قام سائق الحافلة بعمل حركة تسمى (قرصة) لصاحب عربة ملاكي فضحكا معا وعلق زميله بقصة له (انت عارف مرة انا ماشي والحافلة مقفلة جاء بتاع ملاكي وهم كدا عاوز يتخطى، خليتو ليك لمن دخل التخطي وقرصتو ليك، ياخ الزول دا دخل في التلتوار ومشى بهناك صدم عربية لمن عرف حاجة) وضحكا معا علي القصة وواصل الآخر في سرد قصة أخرى تشبه قصة صاحبه.. وهكذا حتى وصلت الحافلة السوق العربي وانا “نزلت” مندهشا من الصدمة لهذا السلوك الغريب..
هذه القصة هي سلوك متبع عند سائقي المركبات العامة بالعاصمة، وإذا أخطأ صاحب الحافلة على اخر يقف جميع الركاب في صفه ضد الآخر بالرغم من تصرفه الخاطئ.
وعند حدوث حادث يأتي إليك كل من هو بالشارع ليجبرك على العفو وترك السائق الذي أحدث ضررا بسيارتك مرددين لك (عفى الله عما سلف) و (ياخ الحمد لله جات في الحديد) يا زول البركة في روحك.. ياخ الزول دا ما عنده تأمين وراجل مسكين وووو والمرور جرجرة ساي والعوض في الحديد ما كويس..
انت تسمع هذه النغمات من عدد من الأشخاص دون أن يحدثك احد عن حقك الذي من أجله دفعت أموال لتأمين سيارتك لتخسر تأمينك وتترك الآخر يذهب ثم تذهب لإصلاح سيارتك بنفسك ومن مالك..
هذا السلوك السوداني هو ترجمة لخلل كبير في سلوكياتنا فنحن ندعي الطيبة، والشهامة التي تتسبب في إضرار الغير دون وعي، وهذا ما اظهرته الحرب فينا، وتبنى البعض شعار (بل بس) بكل غباء لمساعدة أصحاب الاجندة التي اشعلت الحرب دون وعي، يقول لك أحدهم بكل جهل (سلام شنو بعد ما سرقوا مالنا وشردونا) واخر تسمعه ينبح (تفاوض شنو بعد ما اغتصبوا وقتلوا وفسدوا)..
هذه العقليات لم تفكر في أن هنالك آمنين يجب أن نعمل على عدم وصول الحرب والنزوح والقتل إليهم، ولا يجب أن نصر بكل بلاهة وعدم اخلاق على وصول الحرب إليهم ليتذوقوا طعم الحرب ويحدث لهم ما حدث للاخرين.. يقول لك (بل بس) ولا للتفاوض بكل غباء دون أن يقدم لك دليلا على القدرة في تحقيق الانتصار وبل الآخر..
ينظر “البلابسة” لمعاناة الآخر بعين التجارة لتثبيت مواقف تدعم خطهم في دغدعة مشاعر الشعب ليتبنى معهم خط الحريق واستمرار الحرب لتحقيق غايات تخصهم لا علاقة اها بكرامة الجيش ولا الشعب..
البلابسة الحربجية هم قطيع ينقسم إلى فئات /
الفئة الأولى هم أعضاء تنظيم الحركة الإسلامية وهي حربهم من أجل العودة إلى الحكم.. لذلك يرفضون اي إتجاه لإنهاء الحرب حتى لو استمرت مية عام كما قالوا..
الفئة الثانية هي فئة المنتفعين من الحرب لأنها وفرت لهم مأوى مريح في إحدى العواصم هم واسرهم ويثقون في التعويض بعد إنتهاء الحرب كما منحوا سابقا سيارات واراضي وأموال فإن التعويض مضمون أيضا..
الفئة الثالثة هي فئة الاغبياء الذين يصدقون قول الفئة الثانية ويرددون شعاراتها بكل غباء وهم لا يعلمون..
الفئة الرابعة هي فئة المشاهير من فنانين وصحفيين ورجال أعمال منهم من هو يخاف الرأي العام فركب الموجة حتى يحافظ على وضعه دون قناعة منه لكن ضعف شخصيته وهشاشة تركيبته وعدم ثقة في ما يقدمه..
الفئة الخامسة هي فئة (الزعلانين) من الحرية والتغيير لأسباب شخصية ذات مصالح لم تتحقق لهم إبان حكمها ويعتبرون مخالفتها ستحقق لهم أرضية سياسية مستقبلية مع الفائز في الحرب.. لذلك يقولون بل بس لأن الحرية والتغيير قالت لا للحرب..
هذه الفئات ليست التي تدعم الجيش فقط بل هي من تدعم الطرفين في هذه الحرب..