مقالات

ق ح ت .. المشيمة اللزجة


بقلم : مجاهد خلف الله
كما هو معلوم للجميع فإن المشيمة هي ذلك العضو فائق الأهمية بالنسبة للجنين، فهي التي تمده بالغذاء والأكسجين كما تعمل أيضا على تثبيت الجنين داخل الرحم ووظائف أخرى بدون أي منها فالموت أمر محتوم للجنين. ويمكننا أن نطلق عليها الحاضنة الحيوية للجنين.
وحينما يخرج الجنين الى حياة مكتمل النمو مطلقا صرخاته الأولى فإن هذه المشيمة تكون قد أكملت مهمتها على خير وجه مشكورة، وفي كثير من الثقافات والمجتمعات تلقى الكثير من التبجيل والاحترام والكثير والعديد من الطقوس تتبع في التعامل معها. ولكن لا يوجد مجتمع واحد في أي مكان بالعالم يعتبر أن المشيمة ضرورية لاستمرار الجنين بعد الولادة، وليس من ضمن أي طقوس أن تظل المشيمة هي الحاضنة الحيوية للجنين بعد الولادة.


عزيزي القارئ ربما عرفت الآن ما الذي أريد قوله، فصيح أن (ق ح ت) أدت دورا كبيرا لجنين الثورة السودانية وقد كانت فعلا نعم الحاضنة، وقد حظيت فعلا بالكثير من التبجيل والتقدير جراء هذا الدور، ولكنها الآن تهدم بيدها ما بنته بإصرارها الغريب على أن تظل حاضنة للحكومة الانتقالية، حيث أنها لا تكتفي فقط بحشر أنفها في جميع تصرفات الجهاز التنفيذي، بل هي فعلا تلتصق بجسد الحكومة بصورة لزجة وتعيق جميع أعمال الحكومة بقصد أو بغير قصد.
إنها مشيمة لزجة فعلا تصر أن تعطي الجنين الأوكسجين بينما الطفل يملك رئته الخاصة وهي حينما تحشر نفسها في أنفه فكل الذي تفعله أنها تمنعه من التنفس، لا يكاد يمر يوم إلا ونسمع باللجنة الفلانية من الحرية والتغيير تفعل وتفعل، لجنة كذا وكذا من الحرية التغيير توقف الموازنة! لجنة كذا وكذا تشجب وتدين ذلك القرار الحكومي، لجنة كذا وكذا توصي بإقالة الوزير الفلاني!
والآن نطالع هذه الأيام آخر تطورات هذه المشيمة التي لم تكتف بتطويق عنق الطفل وخنقه بنية مده بأكسجين هو ليس في حوجة له، فقد زادت ثقتها بنفسها وراودتها نفسها الأمارة بالسوء ذات ليل فقالت: ولماذا لا أكون أنا نفسي طفلا آخرا؟ لماذا لا أكون أنا الحكومة؟ وكان المدخل هو ولاة الولايات، فبدلا عن أن يكون ولاة مدنيين مستقلين ذوي كفاءة إدارية فحسب، قررت أحزاب قوى الحرية والتغيير أن التغيير أن يكونوا هم الولاة! كيف يرضى حزب ينادي بالديمقراطية أن يحصل لنفسه على مناصب سياسية بدون انتخابات؟! هذا هو مربط الفرس، فالحزب الذي يقبل أن يصبح أعضاءه ولاة ولايات بدون انتخابات من المرجح أيضا أنه سيسعى للحفاظ على هذه المناصب بأي طريقة لو لم تسعفه الانتخابات في غرضه، واللبيب بالإشارة يفهم.
في النيبال يعتقد السكان المحليون أن المشيمة هي صديقة الطفل والبعض في ماليزيا يقول أنها شقيقة الطفل الكبرى، أما السكان الأصليون في هاواي فيقولون أنها جزء من الطفل ولذا فهم يزرعونها في الأرض باعتبارها ستنمو مع الطفل وتصبح شجرة، أما في العالم الغربي المتحضر فهم فقط يحرقونها.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى