مجرد رأي

قوى الحرية والتغيير.. بداية النهاية أم تلافي الإنهيار

تعليق على الأحداث

وائل عبدالخالق مالك

تتزايد مؤشرات تصاعد الخلافات وتباين الرؤى والمواقف بين مكونات قوى إعلان الحرية والتغيير على تقاسم مكاسب الثورة والمحاصصات السياسية على حساب الشعب ومستقبل بناء الدولة وتحولها المنشود.

ويتصاعد إنكشاف حقيقة عدم بناء تحالف قوى الحرية والتغيير على أسس واضحة ورؤى وحلول لأزمات ومعضلات الواقع المتردي، هذا العجز الذي لازم تجربة قوى الحرية والتغيير إنكشف جليا عقب سقوط النظام ومنذ الوهلة الأولى لبدء مرحلة التفاوض مع المجلس العسكري آنذاك ثم أصبح سمة ملازمة لأدائها التفاوضي ككل، وليس العديد من التراشقات والشد والجذب الذي كان يظهر للسطح بين الحين والآخر بين مكوناتها إلا رأس جبل الجليد لما ظل يموج داخلها من تناقضات وعدم وضوح الرؤية. وهو ما انعكس لاحقا على طريقة تعاملها مع جريمة فض اعتصام القيادة أولا، ثم الشراكة الغير واضحة المعالم مع المكون العسكري وفقا لوثيقة دستورية تم إخفاء حقيقتها في ظروف غامضة حتى إنها لم تنشر حتى الآن على مستوى الجريدة الرسمية للدولة ( الغازيتا ).

فوق كل ذلك، لم تمتلك قوى الحرية والتغيير سياسات بديلة ناجعة لعملية الإصلاح والتغيير القانوني والإداري بالبلاد وإكتفت بمجرد التغيير السياسي للنظام السابق وعملت على تسكين قواها السياسية ومنسوبيها في كافة مؤسسات الدولة وفقا للمحاصصة بين قواها فقط دونا عن كل السودانيات والسودانيين، هذه العملية كانت تسعى من ضمن أهداف أخرى إلي تجيير مؤسسات الدولة لمصلحة قوى بعينها هي المسيطرة والمقتسمة لغنائم التغيير فيما بينها، في هذه الأثناء فإن المتابع للواقع السياسي سيلحظ تصاعد نبرة الخطاب المناوئ للعسكريين شركاء الحكم الانتقالي تارة والحكومة الانتقالية المدنية تارة أخرى من قيادات حزبية وإعلاميين ومنسوبي قوى الحرية والتغيير نفسها.

إن ما جرى ويجري على الأرض من مواقف ورؤى متناقضة لكافة أطراف قوى الحرية والتغيير، لا يمكن أن ينتج إلا المزيد من حالة التوتر بين مختلف أطرافها، ما قد يؤدي إلى تصدع التحالف، سيما مع إستمرار تهميش دور الكثير من القوى الفاعلة والمؤثرة على أرض الواقع، فلا يمكن أن تفتقر كتحالف إلي الأهداف وكيفية إنجازها ثم تتجاوز العديد من مكوناتك ما تم التوافق حوله داخل التحالف وتعمل على عقد الاتفاقات الثنائية للحفاظ على مواقع السيطرة داخل التحالف ولجانه، ويلجأ البعض إلي عقد الاتفاقات السرية مع المكون العسكري بالحكم الانتقالي ثم تنتظر أن تستمر متماسكا وتدعي أن بإمكانك إنجاز أهداف الثورة التي كنت أول من تحيد عنها.

إن إعلان حزب الأمة القومي بالأمس عن تجميد عضويته بهياكل قوى الحرية والتغيير ليس هو البداية ولن تكون نهاية المطاف في سيناريو ظهور الخلل الهيكلي والنظري لتحالف قوى الحرية والتغيير، وهو خلل انسحب ليس فقط على مكونات قوى الحرية والتغيير وإنما أيضا يؤثر سلبا على أداء الحكومة الإنتقالية وما يرتبط بها من هموم وقضايا الشعب الخدمية والمعيشية، وهنا لا بد من التأكيد أن تناقضات قوى الحرية والتغيير هي المسؤولة أولا وأخيرا عن تباطؤ الأداء الحكومي وكل ما يرتبط به من ملفات وإجراءات على مختلف أصعدة الدولة، وحزب الأمة القومي ليس بإستثناء أو معفى من المسؤولية فكل هذه الأوضاع التي صرح بالشكوى عنها في بيانه لإعلان تجميد عضويته بقوى الحرية والتغيير هو من القوى التي أنتجتها وعملت على ترسيخها أسوة ببقية مكونات قوى الحرية والتغيير.

المحصلة هي أن العجز والضعف البائن في أداء قوى الحرية والتغيير وعدم امتلاكها للرؤى يؤثر سلبا على أداء مؤسسات الحكم الانتقالي وعلى حياة وقضايا الشعب السوداني، وإن إستمرار تجيير مؤسسات الدولة لأي قوى سياسية يهدد إستقرار وإستمرار التغيير نفسه، وهو ما يبدو جليا أن مراكز القوى الجديدة حول الحكومة الإنتقالية قد أدركته وبدأت في العمل على تلافيه والتأسيس لمعادلة سياسية جديدة بفاعلين سياسيين جدد.

حزب الأمة القومي يبدو مرشحا بقوة للإستمرار كفاعل أساسي ضمن المعادلة الجديدة، فهل تجميده لعضويته بقوى الحرية والتغيير هو مقدمة لخطوات أخرى مرتبطة بالسيناريو الجديد؟!

هذا ما ستكشف حقيقته الأيام وربما الأسابيع القادمة..

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى