إلى القارئ الكريممقالات

هشام عبد الملك يكتب : وداعا محمد أحمد طه

نعى الوسط الإعلامي الرياضي، في دولة الإمارات العربية المتحدة، الصحفي السوداني محمد أحمد طه، رئيس تحرير مجلة “العاديات”، المتخصصة في رياضة الخيول، وهو من أبناء قرية الحفيان، ريفي شندي، وإبن خالة رئيس مجلس السيادة الإنتقالي الفريق أول عبد الفتاح البرهان لزم، وشقيق صديق العمر الأستاذ طه أحمد طه، فلهما ولإبنه البكر الدكتور أيمن وإخوانه العزاء، والعزاء موصول أيضا لجميع أفراد الأسرة الكريمة في قرية الحفيان، والخرطوم ودولة الإمارات العربية المتحدة.
تخرج الراحل في جامعة الخرطوم التي درس فيها الاقتصاد، ثم إنتقل للعمل في المنطقة العسكرية الوسطى بدبي، والتحق بمجلة “العاديات” مترجما، ثم صحفيا، ومديرا للتحرير، وانتهى إلى رئاسة تحريرها، قبل أن يلقى ربه، راضيا مرضيا، مساء يوم الأحد الثاني من شهر رمضان المعظم، تقبله الله قبولا حسنا وألهم آله وذويه الصبر الجميل..
الدكتور محمد أحمد طه، حصل مؤخرا على درجة البكالريوس في الطب البيطري، من إحدى الجامعات الأمريكية وذلك، قبل فترة قصيرة من رحيله، وتبقت له ثلاثة أشهر فقط لإكمال الجانب العملي، والحصول على الإجازة العلمية. وكان ذلك بسبب شغفه العلمي وحرصه على أن يرفد معرفته المهنية كصحفي وموثق لرياضة الخيل، بمعرفة علمية، يغوص من خلالها في التفاصيل الجينية والفيسيولوجية لذلك المخلوق النبيل الذي عشقه لدرجة الجنون، وعلمت منه في حياته، أنه ترك مشروع الدراسات العليا الذي كان يخطط له، من أجل المساهمة في تطوير سباقات الخيل، والترويج للجواد العربي، كعضو منظم من خلال جائزة الشيخ حمدان بن راشد آل مكتوم. وهو غيض من فيض في سجله الحافل بالبذل والعطاء والمجاهدة من أجل تحقيق الذات في هذا الزمن الصعب..
وكان فقيدنا الراحل يعمل إلى جانب مجموعة طيبة من الشباب السودانيين في مجال سباقات الخيل، يتقدمهم الأستاذ ياسر مبروك، السكرتير الفني بهيئة الإمارات لسباق الخيل، والأستاذ طه أحمد طه، مدير تحرير العاديات، بالإضافة إلى قائمة طويلة من الأطباء البيطريين والصحفيين والفنيين الذين قد لا يتسع المجال لذكرهم، فلهم منا كل تقدير واحترام..
كأس دبي العالمي والجنرال كورونا..
لكنني لن أغادر هذا المكان قبل أن أذكر أن النسخة الخامسة والعشرين، من بطولة كأس دبي العالمي لسباقات الخيول السريعة، قد تم تأجيلها للعام القادم، بأمر الجنرال كورونا، لأول مرة منذ تأسيس الحدث في عام 1996، وهو العام الذي شهد خروج الأسطورة “سيجار” لأول وآخر مرة من القارة الأمريكية، متوجها إلى مضارب آل مكتوم في ضاحية ند الشبا بمدينة دبي.. فقد تصادف في نسخة 2003 من البطولة الأغنى والأغلى في تاريخ الرياضة، أن شهدت المنطقة نذر حرب تحرير الكويت من الغزو العراقي الغاشم، وذلك بالتزامن مع بطولة العالم للشباب لكرة القدم، التي إستضافتها الإمارات، وتوجس الناس خشية أن يتم إلغاء السباق، فتوجهت نحو الشيخ حمدان بن راشد آل مكتوم، وهو شخص بسيط ومتواضع، عرف بحبه وتقديره للإعلام ورجال الصحافة، وظل الزملاء يتابعون خطواتي الجريئة من على مسافة لم تكن تمكنهم من سماع ما يدور.. فسألته وبصورة مباشرة عن فرص قيام السباق والبطولة، فأجابني بهدوء شديد قائلا، “إن هذا السباق ننظمه نحن، وأؤكد لك أنه سيقوم في موعده، فسباقات الخيل لا تعترف بالحروب، وعليك أن تعلم أن الديربي الإنجليزي لم يتوقف خلال الحربين العالميتين، فكيف يتوقف كأس دبي العالمي بسبب حرب محدودة وبعيدة، هذا إن قامت.. أما بخصوص بطولة الفيفا، يمكنك توجيه هذا السؤال إلى السيد بلاتر!!” وفعلا، قام كأس دبي العالمي وتم تأجيل بطولة العالم للشباب، بعد أن إنفردت بالخبر الذي تناقلته وكالات الأنباء العالمية ونشرته جميع وسائل الإعلام المهتمة بالصناعة نقلا عن (خليج تايمز)..
أما الآن فقد إختلف الوضع، وقررت هيئة سباقات الخيل البريطانية، تأجيل جميع السباقات الكلاسيكية الأربع، وهي الألف والألفي غينيز المقرر لهما الرابع من مايو على مضمار نيوماركت، وكذلك الأوكس والديربي الإنجليزي، المقرر لهما أن يجريا على مضمار إبسوم داونز في أول يومي جمعة وسبت من شهر يونيو، بينما أعلن مضمار أسكوت أنه قد يقيم سباقات مهرجان أسكوت الملكي بدون حضور جماهيري، وذلك كله بفضل الجنرال كورونا.. وحقيقة، يضع سره في أضعف خلقه!!
آخر الكلام..
ربما يكون هذا العمود طويلا على غير العادة بسبب الظروف التي أحاطت به.. فرجاء المعذرة!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى