بلا حدود

هنادي الصديق تكتب : شراكة مفخخة

بالأمس علقنا على حوار رئيس مجلس السيادة الفريق أول عبدالفتاح البرهان على تلفزيون السودان القومي، وكيف أننا نسير نحو المجهول إن كان هذا حديث رأس الدولة.
نواصل اليوم في الوقوف على حقيقة حديث الفريق البرهان حول شراكتهم التي يباهي بها مع المكون المدني كما ذكر هو وأراد إيهامنا بها، وهي في حقيقة الأمر مجرد حديث (للطبطبة) فقط على حقيقة العلاقة مع المكون المدني أو لنقل مع الشعب الذي تمثله ثوى إعلان الحرية والتغيير، إلا إن كان حديث سيادته يصب في علاقته الطيبة مع بعض الأفراد داخل الحكومة أو هياكلها.
فإذا كانت النوايا سليمة ما بين المكون العسكري وحكومة الثورة لرأينا وضعا مختلف تماما عما نشاهده اليوم في الشارع العام من فوضى وغياب لسلطة القانون، ولما شاهدنا إشتباكات وإعتداءات يومية بين القوات الشرطية وأطباء ووزراء وموظفين دولة أثناء تأدية واجبهم.
ولما ضجَت وسائل التواصل الإجتماعي على رأس كل ساعة بتجاوز هنا وهناك بسبب غياب الرقابة الأمنية على الأسواق، ولإستطاعت مباحث التموين الغائبة كبح جماح الأسعار التي تتصاعد بجنون خلال ساعات، ولكان جميع التجار والسمسارة المضاربين في قوت المواطن قابعين داخل السجون.
ولا أحد ينكر أن تفعيل الشراكة بين العسكر والمدنيين كما ظل يردد سعادة الفريق، من شأنه أن يغير تفاصيل الحياة اليومية للشعب، ولن يحتاج معها وزراء الحكومة الإستعانة بلجان المقاومة والخدمات لتنظيم وترتيب السوق، خاصة فيما يتعلق بأزمات الخبز والوقود والغاز، لأن هذا الدور في مثل هذه الظروف والأوضاع هو دور رقابة أمنية لأن العدو القابض على (رقبة المواطن) معلوم لديهم، وهو ليس المواطن المطحون بأي حال من الأحوال.
وجدية العسكر كنا سنلحظها في فتح مطاحن ومسالخ الجيش لتكون تحت تصرف وزارات التجارة والثروة الحيوانية لحل الضائقة المعيشية التي أوشكت على إسقاط الحكومة.
ولو كان البرهان جادا في شراكته مع الشقَ المدني، لفتح سكن وإستراحات وفنادق الجيش والأمن والشرطة بالعاصمة والولايات والتي تتجاوز غرفها أكثر من 2000 غرفة، ووضعها تحت تصرف وزارة الصحة ولجنة طوارئ جائحة كورونا، لتكون مراكز عزل للمشتبه بهم، بدلا عن إختلاطهم بالمرضى، ولعالج بها ظاهرة هروب العديد منهم من المستشفيات ومراكز العزل المكتظة.
تفاعل القوات النظامية مع الثورة لم يكن على مستوى الحدث، رغم محاولات إخفاؤه من قبل المكون العسكري كثيرا، تهاونت السلطات الأمنية في إطلاق العنان لتجار السوق الموازي يتحكمون في سعر الدولار، ويتعمدون خفض قيمة الجنيه السوداني أمامه حتى وصل لاسوأ مستوى له. وكذا الحال في السلع التموينية والوقود بأنواعه.
لم يسهم المكون العسكري في حل أزمة المواصلات وهو يملك أسطولا من السيارات المختلفة والتي كان بإمكانها تخفيف الأزمة على المواطن بعد إنتهاء ساعات دوام المؤسسات العسكرية.
الفريق البرهان ومن معه، وحدهم يعلمون مكان تواجد القطط السمان، من منهم داخل السجون ومن منهم مطلق السراح، ومن منهم يدخل ويخرج من حبسه لقضاء حاجته، ومن منهم يحتفظ بهاتفه داخل الزنزانة ويدير به أعماله ويخطط به لإفشال الحكومة الإنتقالية.
ووحده يعلم مدى سيطرة نظام الثلاثين من يونيو حتى الآن داخل مؤسسات الخدمة العامة بالولايات، بعد أن منح ولاة الولاياة من العسكر كامل الصلاحيات في تسيير الأمور بمن يرونه مناسبا، وإعفاء وتعيين من يروق لهم في المرافق الخدمية، رغم علمه بتردي الخدمات في الولايات أكثر من ذي قبل، حتى بات شعار المواطنين الدائم (لساها ما سقطت)، والثورة لسة نيَة.
تركوا سلاح التمكين مشهرا حتى الآن في وجه لصوص المال العام وقيادات المؤتمر الوطني، وإبقاء الثوار وقوى إعلان الحرية والتغيير بالولايات في الخطوط الخلفية بعد أن ظلوا مسيطرين على الخطوط الأمامية وإستأثروا بالسلطة والثروة.
هذا قليل جدا من كثير، فهل منحنا سعادة الفريق برهان دليلا واحدا على ما قدموه حتى الآن للثورة؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى