إلى القارئ الكريممقالات

هشام عبد الملك يكتب : الحداية ما تحدفش كتاكيت

لدى المجتمع الفسيفسائي، الذي تشكل بعد غزو الهكسوس لأقصى شمال السودان، قدرة عجيبة على تشطير الأمثال، فهم يقولون لك مثلا عندما يتذكرون أيام الاستعمار التركي، إن الدنيا كانت بخير، “لمن كان جوز الفراخ، تلاتة فرد”، ويقولون أيضا، “الحداية ما تحدفش كتاكيت”، ولعل هذا من أروع الأمثلة الحية التي تنطبق على حالة “الدعم المصري للشعب السوداني الشقيق!!”
من يغشى مواقع التواصل الاجتماعي المصرية، يجدهم يصرخون بالصوت العالي في وجه حكومتهم، التي تتجاهل إحتياجاتهم الفعلية، لتهتم بالشأن السوداني، وهم محقون في ذلك، في ظل الواقع الأليم الذي يعيشه أبناؤهم في الخارج والداخل، بما في ذلك الأطقم الطبية التي تعمل في مكافحة وباء الكورونا!!
لكننا بإسقاط المثل الشعبي المذكور، نجد أن الشعب السوداني، قد إنقسم على نفسه، بخصوص الطائرات العسكرية التي أمر رئيس مصر بإرسالها إلى السودان، والتي قيل إنها محملة بمساعدات طبية لدعم جهود الحكومة السودانية في مجابهة الوباء، فالأغلبية العظمى توجست خشية من أن تحمل تلك المساعدات بذور أوبئة جديدة، أشد فتكا من الكورونا نفسها، وفي الذاكرة دائما، المدخلات والأسمدة، التي فعلت ما فعلت بأحد المواسم الزراعية في مشروع الجزيرة!!
وقال آخرون، كيف للطائرات العسكرية المصرية، التي حملت الجنود والقنابل التي قتلت أهلنا في مثلث حلايب الحدودي، أن تحمل لنا خيرا؟؟ بينما ذهبت قلة قليلة إلى القول بأن المصريين لا يعطونا شيئا من عندهم، وإنما كل ذلك من خيرات بلادنا التي نهبوها من الأراضي المحتلة، وزادوا عليها بالتوغل جنوبا في أراضي الولاية الشمالية!!
أما الذين كانوا يعيشون في دول الخليج، فلا تزال ذاكرتهم تختزن كمية المعاناة والألم الذي سببه لهم المصريون، بحيث لم يعد لديهم أدنى إستعداد لقبول أية تسوية في هذا الصدد.. فقد كانوا كويتيون أكثر من أهل الوجعة أنفسهم!! إذ بالإضافة إلى ما كانت تكتبه الصحف المصرية من إساءة للشعب السوداني، دون غيره مما سميت بدول الضد، تخصص كبار الكتاب في تحريض الخليجيين، إذ كيف أن السودانيين مميزون ومحبوبون ومدللون في دول الخليج، وتلك هي مواقفهم، بينما أن المصريين مكروهون، وهذه هي مواقفهم.. هذا ما كتبه بالتحديد عباس الطرابيلي، في صحيفة الوفد.. نواصل!!
آخر الكلام
قال له ضربني يا بيه سكت.. شتمني يا بيه، سكت.. شتم مصر يا بيه، سكت، بس لمن شتم (طال عمره)، ما قدرتش!! فرد عليه قائلا، والله لن تكون أكرم منا.. فما دمت قد عفوت له عن كل ذلك، فقد عفونا نحن أيضا عما أصاب (طال عمره) . إذهبوا أنتم الطلقاء!!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى