إلى القارئ الكريم

هشام عبد الملك يكتب : بعيدا عن السياسة.. حكاية الديربي!!

مع تزايد شعبية كرة القدم الجارفة، أصبحت كلمة ديربي تقترن بمباريات تجري بين فريقين متنافسين من مدينة واحدة مثل تشلسي والآرسنال، أو في دولة واحدة مثل ريال مدريد وبرشلونة، ثم إتسعت لتشمل المباريات التي تجري بين أي دولتين في القارة الواحدة مثل الأرجنتين والبرازيل، أو على مستوى العالم، وما إلى ذلك.. وهكذا سرقت كرة القدم الإسم من أصحابه الأصليين… فما هو أصل ومعنى كلمة ديربي، وإلى ماذا تشير؟
أطلقت كلمة ديربي لأول مرة، على سباق للخيول المهجنة الأصيلة، مخصص للمهور والمهرات عمر ثلاث سنوات فقط، تأسس في 4 مايو 1780، ويستضيفه مضمار إبسوم داونز، بمنطقة ثري، في العاصمة البريطانية لندن. ويجري في أول يوم سبت من شهر يونيو من كل عام، ويمثل الجولة الرابعة من السباقات الكلاسيكية الخمس.
إشتق السباق إسمه من مدينة ديربي، عاصمة مقاطعة ديربي البريطانية، ولذلك قصة.. وكان من المقرر أن تنطلق النسخة رقم241 منه مساء اليوم السبت 6 مايو2020، ولكنه تأجل لأول مرة في تاريخه، بسبب فيروس كورونا.. وسوف يقام خلال شهر يوليو القادم، بينما تعود هذا المساء، الحركة للمضامير البريطانية بدون جماهير، بعد توقف دام ثلاثة أشهر، من مضمار نيوماركت، الذي يستضيف سباقي الألف والألفي غينيز، بعد أن تأجلا بسبب الفيروس من موعدهما الأصلي المقرر له في أول يومي سبت وأحد من شهر مايو.
المعروف أن الديربي الإنجليزي، تحدى خلال تاريخه الطويل، الحرب الأهلية، والطاعون، والحريق والمجاعة، كما تحدى صلصلة جنازير الدبابات وهدير الطائرات، وأزيز المدافع، خلال الحربين العالميتين، اللتين هددتا البشرية بالفناء.. ولكنه تراجع في هذا العام، أمام تهديد جرثومة مجهرية، فتأخر عن موعده، لأول مرة في تاريخه الطويل، خلال قرنين ونصف من الزمان تقريبا!! وإنه حقا يضع سره في أضعف خلقه..
أما عندنا في السودان، وبعيدا عن هلال مريخ، تظل ذكرياتنا حاضرة في الديربي السوداني، مع سباقات الخيل، خاصة اللقاء المشهود بين المهر بعشوم المملوك للسيد عبد القادر مضوي، وكان مهرا صغيرا وهزيلا، وفرسة السيد عبد الرحمن المهدي العاتية، التي أحضروها من الفاشر بالطائرة، لتصبح المرشحة الأولى للفوز بالسباق، لقوتها وجمالها وسرعتها العالية.. وقد هنأ رواد المضمار السيد عبد الرحمن بالنتيجة حتى قبل أن يبدأ السباق، لكن بعشوم (الشين) قلب لهم ظهر المجن، وقدم عرضا رائعا خلده شاعر العليفون أحمد محمد الشيخ الجاغريو بأبيات من الشعر جاء فيها:
بعشـوم البصهلن يوم رهان الأمـة * خلى العالمين في يجوز وإلا وإما
رفض (نمر البليس) والناس بقت في مهمة * وقال للسرعة عندي أقيفي أجلك تم
سـؤال بالله يا بعشوم ووضح لي * بي وين طرت ومافيش سكة بالكلية
فتـحوا ليك طريقاً يتكس البلية * ياجنى الخيول سبقـك حقيقة بليـة
ونلاحظ هنا ثقافة الشاعر ومعرفته بسباقات الخيل في عبارة رفض (نمر البليس)، أي أرقام المراكز الثانوية (الثاني فما فوق)، وهي الكلمة الإنجليزية Place أي مركز، المستخدمة في الرهانات إلى اليوم.. وبقي فقط أن نعرف من هو إبن العيلفون عبد القادر مضوي صاحب بعشوم، وهل هو الذي ورد ذكره في أغنية بنت النيل (ده الجنن عبد القادر) أم شخص آخر؟
السؤال موجه إلى الخال الأستاذ الباقر علي الطيب، إبن العيلفون، وأحد رواد سباقات الخيل أيام زمان، والأستاذ سعد أحمد المصطفى، مالك الخيل المعروف، وإبن العميد الراحل وأستاذ الجيل أحمد المصطفى..
آخر كلام..
شيء مؤلم أن تمر عبر نادي سباق الخيل، الذي كان ملتقى لوجهاء المدينة وحسانها، فتجده قد تحول إلى مكب للزبالة، وزريبة للمواشي!! اللهم لا نسألك رد القضاء ولكن نسألك اللطف فيه.. فبعد كل الخراب والدمار الذي أحدثوه، مازال الكيزان لا يستحون!!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى