مقالات

محمد الأمين عبدالعزيز يكتب : علاقات السودان الخارجية

شهدت السياسة الخارجية خلال حكم الإنقاذ الكثير من التشوهات الإدارية التي أضرَّت بعلاقات البلد على المستويين دول الجوار والإقليم من ناحية وعلى المستوى الدولي، والتي استمرت لفترة طويلة مهلكة نمو الاقتصاد والعمل في داخل الدولة، فعلى سبيل المثال لا الحصر، يمثل الحظر المفروض على دولة السودان من الولايات المتحدة أقرب مثال لنتاج تشوهات العلاقات الخارجية للبلاد.

تمثلت تلك التشوهات في الإنغلاق المذهبي والتعصب الآيديولوجي لدى فاعلي السياسة الخارجية، عوضاً عن الإنفتاح و المرونة التى تتطلبها العلاقات الدولية الحديثة.

قام النظام البائد بتجيير العلاقات الخارجية للدولة السودانية لمصالحه الحزبية، ضارباً بالمصالح الوطنية عرض الحائط، وانتهجت الطغمة والاستبداد توجهاً حزبياً صارخاً في تحالفاتها وشراكاتها باسم الدولة، وغرق حزب تلك السلطة في سياسة المحاور وسيادة المصالح الخاصة بدلاً عن التوازن وعدم الإنحياز في الصراعات المكلفة والمستنزفة للبلاد.

قادت تلك السياسات المتخبطة والهوجاء الدولة السودانية حلة يرثى لها وأفقدتها مكانتها المميزة وأغرقتها في بحر العقوبات، وأقحمتها في العزلة الدولية وحاصرتها بفقدان المصداقية.

بناء على ما سبق كان إصلاح العلاقات الخارجية حاضراً في وثيقة “إعلان الحرية والتغيير” في بواكير الحراك الثوري الذي قاده “تجمع المهنيين” بمعية باقي كتل قوى “إعلان الحرية والتغيير” حيث كان الطرح يشير إلى الأتي:
“تحسين علاقات السودان الخارجية وبناؤها على أسس الإستقلالية والمصالح المشتركة والبعد عن المحاور مع إيلاء أهمية خاصة للعلاقة مع أشقاءنا في دولة جنوب السودان”.

لذلك لم تتوانى القيادات الحزبية في قوى إعلان الحرية والتغيير وقيادات تجمع المهنيين من الإستجابة لدعوات أصدقاء السودان والحادبين على استقراره نظراً للمصالح المشتركة لا سيما في دول الخليج العربي، للجلوس والتفاكر حول أهمية التغيير وتحديات المرحلة، لأن يلعب السودان دوراً محورياً في الصراع الإقليمي الدائر بحكم موقعه الجغرافي، وباستعمال وسائل وادوات العمل الديمقراطي خلافاً لسياسات النظام البائد.

كانت زيارتي للدوحة عاصمة قطر متزامنة مع زيارة نفر من القيادات بقوى “إعلان الحرية والتغيير” الى العاصمة القطرية، وكانوا أعضاءاً بالتنسيقية ممثلين لكتلهم الموقعة على الإعلان والمكونة للتحالف (لم تتم ادانتهم أواتهامهم بهذه الزيارة مطلقاً!).

إن الهجمة التي نتعرض لها، وأصابع التخوين التي توجه إلينا متهمة إيانا بالعمالة ليست الأولى من نوعها كما أنها لن تكون الأخيرة، والجدير بالذكر أن هذه الأصابع تتحاشى الإشارة لكل من قام بزيارة محور (الرياض- أبوظبي) مباشرة ومن زار المملكة تحت ذريعة أداء شعيرة العمرة! ومحور القاهرة. غير الزيارات الداخلية للسفارات والذهاب للإدارة الأمريكية بذريعة ندوة وعقد لقاءات للجالية السودانية.

لقد دأبت القوى السياسية المتشبعة بالثقافة السياسية البالية، التي تقوم على الإشاعة والتخوين على مثل هذا السلوك تجاه كل من أرتفع صوته بالإصلاح وعارض إختطاف مراكز اتخاذ القرار في تحالف الحرية و التغيير، هرباً من إعادة تشكيله بحيث يكون شفافاً وممثلاً لكل قوى الشعب الحية والفاعلة في مسيرة الثورة و التغيير، وعلى رأسهم الشباب ولجان المقاومة، فهذه القوى الضئيلة ذات النزوع الشمولي والصوت المرتفع، ما زالت تصر على اتباع نفس سياسات النظام البائد في ملف العلاقات الخارجية.

إن إقامة علاقات متوازنة قائمة على المصالح المشتركة مع دول الجوار والإقليم في محيطينا العربي والإفريقي، أحد أهم مرتكزات الإصلاح في الفترة الإنتقالية، كما أن عقد اللقاءات بين قوى الثورة ودول الجوار الأقليمي التي لعبت و ستلعب دوراً كبيراً في مستقبل السودان باستعمال ادوات السياسة الحديثة هو أمر مشروع لا مناص في ظل الثورة؛ ونعلم ان له قيود في ظل الدولة ولسنا من الذين يكسرون القيود في ظل حكم الدولة المدنية والديمقراطية.

أخيراً: ما يحدث أراه لخير فالثورة مستمرة وسيبقى ما ينفع الناس.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى