إلى القارئ الكريم

هشام عبدالملك يكتب : والله بناتنا أحلى.. لكن تلفزيوناتنا مفلسة!

هل يمكن أن يسمح المشاهد السوداني، لمذيعة أخبار في قناة السودان الفضائية، أو أية قناة محلية أخرى، أن تجلس كما جلست المذيعة العراقية ليلى الشيخلي، وهي ترتدي البنطلون الشيك، وتضع رجلا على رجل، لتروي لنا حكاية أخبار المساء من قناة الجزيرة؟
من المؤكد، أن المشاهدين السودانيين، كيزان كانوا أم ماركسيين، لا يأبهون كثيرا بمظهر المذيعات العربيات في القنوات الفضائية، أثناء متابعاتهم لنشرات الأخبار، أو البرامج الحوارية، التي يدمنون مشاهدتها، وقد يعلنون الإنحياز التام لبعضهن، لسبب أو لغيره، أو ربما بحجة الحضور القوي، بينما هم يتوزعون في حقيقة الأمر بين أوصاف عتيق، “ناس عليها فرحه وناس صريعه جرحى، وناس قلوبها أسرى، وألف ألف عاشق يذوب غرام وحسرة..”
في تقديري الشخصي، أنه لا يوجد أفضل من الثوب السوداني، جمالا وأناقة وحشمة، ولكن كثيرا ما توجه له الإنتقادات، بأنه يعيق حركة المرأة العاملة مثلا، هذا بالإضافة إلى ارتفاع سعره، بحيث أنه أصبح ليس في متناول اليد كما كان في السابق!! ومن يتابع القنوات السودانية، يدرك منذ أول وهلة أن المذيعات اللواتي يرتدين الثوب أمام الكاميرا، في جميع قنواتنا، إما متزوجات من كيزان، أو لديهن مصادر ذاتية أخرى!! فالراتب والحوافز التي يحصلن عليها، لا تكفي!!
لذلك، فنحن إن أردنا إعلاما منافسا ينقل صورتنا الحقيقية إلى العالم، يجب علينا أولا، أن نعيد النظر في أجور الإعلاميين، ونجعل هذه المهنة المعقدة جذابة لجميع من يعملون بها.. فالأمر لا يقتصر على العنصر النسائي وحده، أو المؤسسات الإعلامية المرئية فقط، بل ينسحب على جميع وسائل الإعلام الأخرى..
نحن نقدر ظروف ضيق سوق الإعلان في بلادنا، والذي هو المورد الرئيسي لأية مؤسسة، حتى تستطيع أن تدير نشاطها، وتتدبر رواتب موظفيها، وهي رواتب لا تزيد الفقراء إلا فقرا!! ولك أن تتخيل مقدم برامج تلفزيونية، يراه الناس على الشاشة، ثم يستغربون إستخدامه لوسائل المواصلات العامة، بينما أنهم لا يعلمون أن راتبه لا يتجاوز3 مليون جنيه؟؟
لذلك، يجب على أي مستثمر في الإعلام، إما أن يلتزم بدفع رواتب مجزية للعاملين، أو أن يخرج من السوق.. فلا يمكن أن نتصور أن راتب الصحفي 2 مليون، بينما أصحاب الصحف يمصون دمه ليعيشون في القصور ويركبون الفارهات ويمتلكون الفلل والشقق الراقية في عواصم العالم الكبيرة!!
كما أدعو، وبكل صراحة إلى ثورة حقيقية وسط الإعلاميين، تفرض تعديلات في قوانين الإتحادات المهنية، بحيث تمنع على الأقل الناشرين، وملاك الصحف من الترشح لقيادة العمل النقابي، حتى ولو كانوا عاملين في المجال..
وبنفس القدر، على الدولة، إما أن تخرج من النشاط الإعلامي، أو أن توفر دعما ماليا يحفظ للإعلاميين كرامتهم، ويصون حقوقهم، حتى يخرجوا ما بدواخلهم من إبداع!!
آخر الكلام..
كنا نناقش موضوع الإعلام في لقاء نظمته القنصلية السودانية في دبي، مع الراحل الجاز، فتداخل أحد الظرفاء، وعزا الفشل في جزء منه إلى أشكالنا (حسب رأيه)، فتصدى له واحد من الحضور غاضبا، (ياها خلقنا، نجيب ليك ناس سمحين من وين؟) وأشار ثالث إلى المثل المصري الذي يقول، لبس البوصة تبقى عروسة!! والبوصة هنا ليست المرأة وحدها…

Gizouli52@gmail.com
خليكم بالبيت

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى