سياسة محلية

لجنة أطباء السودان المركزية تؤكد موقفها المهني الرافض لمواكب (30) يونيو

بــيــــان مــهــــم

((موقفنا المهني الرافض لمواكب الثلاثين من يونيو وموقفنا المبدئي من مطالبها))

مع قدوم ذكرى 30 من يونيو يوم الحدث العظيم الذي ركَّع فيه شعبنا الأبي في المُدن والقرى والأرياف والحوارِى المجلس العسكري القائم حينها، ليرضخ مُرغماً بتسليم السلطة. وبعد نحو عام كامل من هذه الذكرى العظيمة نشعر بعدم الرضى من أداءِ حكومة الثورة، كما نُحسُ بخيبة الآمال من تشتت الحاضنة السياسية لحكومة الثورة، التي لم يرتقِ أداؤها لمستوى المسؤولية، ونأسف أن بعد كل التضحيات الجِسَام التي قدمها هذا الشعب العظيم ممهورةً بدماء الغوالي من بناته وأبنائه، أن يجدٌ نفسه مرغماً لتجديد ذكرى 30 من يونيو في ظلٌ جائحةِ كورونا في الشوارع مطالباً بتحقيق ذات الشعارات التي خرج من أجل تحقيقها ضدّ نظام الطاغية، في وقتٍ تسعى فيه وزارة الصحة والطواقم الطبية والصحية لتقليل الآثار المترتبة على انتشار الوباء.

جماهير شعبنا الأبية؛ رفاقنا ورفيقاتنا في لجانِ المُقاومة

إننا نؤكد دعمنا الكامل لكل مطالب جماهير شعبنا الأدبية، ولجان مقاومتنا الباسل، ولكننا بذاتِ القدر نجد أنفُسنا أمام مأزق أخلاقي ومهني كبير، ونحن نتابع دعوات المواكب المعلنة في الثلاثين من يونيو، فالظروف الصحية الآن تضع الجميع أمام مسئوليات جمّة والالتزام بها واجب، فالتغيير حدث ولازال مستمراً، ويستوجب المزيد من الالتزام اتجاه أنفسنا والآخرين، فجائحة كورونا ليست خُرافة بل واقع، سقطت أمامه أعتى النُّظُم الصحية العالمية، وتشير آخر تحديثات وزارة الصحة التي تمثل قمة جبل الجليد العائم 8889 حالة، والوفيات 548 حالة، (وفي واقع الأمر فإن الأرقام أكثر بكثير من المعلن لاسيما مع الأعداد الضعيفة للفحوصات اليومية في الخرطوم والولايات)، عليه فإننا كأطباء في المقام الأول ومن باب المسؤولية المهنية والأخلاقي، نرفض التجمعات على شاكلة المواكب، والمظاهرات، والمسيرات، لأنها ستؤدي إلى كوارث صحية لا يمكن تلافيها مع سوء النظام الصحي القائم.

إننا نتفهم الدوافع الوطنية، والغِيرة الثورية، التي دفعت الثوار الذين ما زالوا يتطوَّعُون في العمل لمجابهة فايروس كورونا، والتوعية بخطورته في أغلب المناطق، ولكن ما تُشِير إليه التقارير العلمية من داخل وخارج السودان أمرّ لا يمكن الاستهانه به أو التقليل من خطورته، لذلك جاء رفضنا للمواكب والتجمعات.
أخيراً فإن لم يكن كل ماسبق كافياً لتغيير الموقف من الخروج، فإننا نرجو ألا نجعل من مثل هذه الذكرى سبباً في تفجر الأوضاع الصحية، وإصابة الثوار أو أذية الآخرين، فالطريق أمام الثورة مايزال طويلاً وسنحتاج فيه إلى كل ثائرة وثائر، وعليه فإننا في لجنة أطباء السودان المركزية وعلى الرغم من موقفنا من الخروج في الثلاثين من يونيو سنقوم بنشر عدد من اجراءات الوقاية والسلامة للمواكب والتجمعات المختلفة للمساهمة في الحد من انتشار جائحة كورونا.

إننا إذ نتفهم التعقيدات السياسية، والاقتصادية، والأمنية التي تمرُّ بها البلاد، ونوّقِنَ بأن هنالك قضايا مصيرية لا يمكن أن تستمر حكومة الثورة دون أن توليها الاهتمام الكافي وتضع لها الحلول الذرية، نؤكد أن:

أولاً: العدالة
تمثل العدالة قيمة إنسانية سامية في أدب الثورة وشعاراتها، فالعدالة في مواجهة من قتَل، وجرحَ، وأخفى، وأمرَ ،ونفذَ، ونهبَ، وسرقَ، وأباد، تُمثل شفاءُ الجراحِ وصفاءِ النفوس، الذي سيضع الأمة في خُطواتِ العدالة الإنتقالية.
بعد أكثر من ثمانية أشهر على تعيين النائب العام ورئيس القضاء ما زالت خُطواتِ العدالة تسيِّرُ ببطئ كبير، لم نشهد إكمال محاكمة قتلة شهداء الثورة، ولا تقديم رموز النظام للمحاسبة، وما زال عدد كبير من المجرمين مُطْلَقو السراح، وبعض ممن تم القبض عليهم تم الإفراج عنهم بصورة مبهمة، وهذا بالتأكيد يحتاج إلى مراجعات و وضع اداءهما محل تقييم.

ثانياً: السلام
إن فشل الحكوماتِ المتعاقبة على حُكم السودان في تحقيق السلام العادل ساعد كثيراً في عرقلة مسيِرة التحول الديمقراطي، إننا نرى أن هنالك فرصة تاريخية في هذة الثورة لتحقيق السلام إذا ما أظهر شركاء التفاوض إرادةً لتحقيقه، ويجب أن يقدم طرفا التفاوض تنازلات، ويظهرو جديةً في صناعة السلام؛ كما يجب أن تضع حكومة الثورة وقواها الشعبية والسياسية قضية السلام كجندٍ أول في منفستو مسؤوليتهم، دون هوادةٍ أو مزايدة.

ثالثاً: السلطة الانتقالية (السيادي والتنفيذي)
جاءت هذة السلطة بعرقِ النساء والرجال الذين ما بخلو بالأرواحِ والأنفس من أجل قيام السلطة المدنية، الآن لم يرتقِ بعد أداء السلطة التنفيذية والسيادية إلى مستوى الطموح، وقد تراجعت ثقة الكثيرين في حكومتهم مما يستوجب القيام بعملية تقييم شفافة حول أداء كل وزير من الوزراء، ويتم بموجبه إعفاء كل من أخفق، ويكون البقاء للأصلح، وكذلك نفس التقييم يجب أن يتم على مستوى المكون المدني لمجلس السيادة، وأيضاً السلطة المنقوصة لمجلس الوزراء تتطلب استكمال هياكل السلطة الانتقالية(المجلس التشريعي) وتعيين ولاة مدنيين فوراً، وتغييرات وزارية عاجلة فى السلطة التنفيذية، ومجهودات مضاعفة من كل الأطراف للبدء في استعادة هذه الثقة وتعزيزها.

رابعاً: قانون النقابات
التأخير الغير مبرر فى إلغاء قانون نقابة المنشأة وإجازة قانون نقابات فئوية يضمن حرية العمل والتنظيم النقاب، لقيام نقابات وطنية مستقلة، قد يهدد الفترة الانتقالية وحراسه مكتسبات الثورة، مع تأكيدنا على أن البنيان النقابي يبدأ من أسفل، من الوحدات النقابية، وصولاً للنقابة العامة وليس العكس.

خامساً: رفع مستوَى المعيشة، ومُجَابهة خطر انهيار النظام الصحي، بعد اختيار رئيس مجلس الوزراء وأعضاء حكومته.
قد عَقَدَ السودانيّون آمالاً عريضة لرفع أعباء المعيشة، وتوفير السِلع، والوقود، والماء، والكهرباء، فضلاً عن تحسين مستوى النظام الصحي وترقيته، وهو مالم يتحقق مع تصاعد مستمر للأزمات.
كما أن ضُعف استجابة الدولة لمحاصرة جائحة كورونا، وحل أزمة الدواء لا يمكن إخفاءه.

سادساً: فلول النظام البائد، لا مجال لهم للعودة من جديد، فمتاريس الثوار تغلق جميع الطرق المؤدية إلى السلطة، ما تقومون به الآن سيضاف إلى فاتورتكم المُثْقلة، والتي ستدفعونها بالقانون، لن ننسى ولن نغفر، مخططاتكم لخلق حالة الفوضى واستهداف الثوار في الـ30 من يونيو القادم وتحركاتكم في الخفاءِ والعلن معلومة لدينا ولدى الجميع، ونؤكد بأن مساعيكم ستخيب وستكون إرادة الشعب باقيةً وشامخة.

سابعاً: هيكلة القوات النظامية والمؤسسة العدلية
نؤكد على أن هيكلة القوات الأمنية، وإقالة مدير عام الشرطة، وإزالة كل فلول النظام المتواطئين داخل الأجهزة الأمنية والعدلية هو واجب ثورى.

الشعبُ أقوى والرِدةُ مُستحيلة ..

إعلام اللجنة
25 يونيو 2020

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى