إلى القارئ الكريم

هشام عبد الملك يكتب : هل يرحل العسكريون؟؟

بعد أن تابع أعضاء المنظومة العسكرية، الذين يحتلون مواقع إدارية في الهيكل السياسي للدولة، الطريقة التي أدار بها الدكتور حمدوك، حوار السودان مع العالم، هل أدركوا أن الوطن لم يكن أصلا بحاجة لخدماتهم في المجال السياسي، وإنما يحتاجهم فقط في المجال الذي تم إعدادهم له وتأهيلهم فيه وتدريبهم عليه؟
لماذا يريد عسكريونا أن يصبحوا مثل الذين ذهبوا لدراسة الهندسة والطب ثم تخصصوا في السياسة؟؟ ولماذا دخلوا تلك الكليات المكلفة أساسا، وأفقدوا البلاد فرصة تأهيل ضباط وأطباء ومهندسين جيدين، من خلال المقاعد التي شغلوها ودفعت الدولة تكاليفها الباهظة من أموال الفقراء والكادحين؟
ثم ما هي قيمة الدبابير والنياشين التي لا تحصى ولا تعد والتي ظل أصحاب الرتب العليا يتبخترون بها في الشوارع، ويدخلون بها إلى الممنوع دون أن يجرؤ أحد على أن يقف أمامهم؟
في مصر القريبة، كان كبار ضباط الجيش يركضون خلف الأتوبيس ليجد الواحد منهم مقعدا أو شماعة يمسك بها، وظلوا كذلك إلى أن حرروا أرضهم، أو قل تنازلوا عن جزء منها ثمنا لسلام الشجعان، ثم تمددوا بعد ذلك لعسكرة الدولة، إلى أن أصبح بائع الخضار يحمل رتبة عسكرية!!
فهل هذا هو التطور المنطقي الذي يريده لنا دعاة الهبوط الناعم؟؟ العالم كله قرأ جيدا مآلات ثورة شباب ديسمبر، وقرروا أنها ماضية إلى أهدافها، ما عدا بعض الأغبياء.. فقد كان الكيزان في أيام أحمد عثمان مكي، يكيلون السباب والشتائم للقوات المسلحة، ويتهمون النميري بالغباء، ويصفونه بطيش حنتوب، إلى أن تمكنوا منه ثم قضوا عليه بمزاج.. والآن يريدون أن يكرروا التجربة مع أعضاء المجلس العسكري، في وقت نسي فيه بشير آدم رحمة تلك الأيام، ونسي هتافات لن يحكمنا (حمار زي ده) في إشارة إلى النميري عليه رحمه الله!! وهل نسي محمد الحسن الأمين في خطابه للرائد أبو القاسم محمد إبراهيم، عند ما قال (الجامعة بدخلوها بالشهادات مش بالدبابات؟)
نحن نحترم جيشنا العظيم، ونعطيه حقه وزيادة، وقد أرسلنا أبناءنا إلى كلياته العسكرية، حتى لا يزايد علينا أحد، ولكننا لم نتوقع أن يتخرجوا إلينا كسياسيين، وإنما كخبراء في مجالات العلوم العسكرية، ويشاركوا في تحرير أراضينا التي يسرح ويمرح فيها العدو المصري والشفتة الأثيوبي، ونحن لا نستطيع أن ننبس ببنت شفة؟
آخر الكلام..
كان الفريق أول الكباشي صادقا حين قال لسياسيينا، إنكم عندما تريدون عمل إنقلاب عسكري تأتون إلينا!! يسلم فمك!!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى