السودان اليوم

الطيب عبد السلام يكتب : لماذا لا بد من التاريخ..

التاريخ ليس قصصا تحكى للتسلية،إنه أثمن و أغنى من ذلك ،إنه إطلالة على الذات من علِ،إطلالة على تموقع لحظتها في سيرة الزمن.
في التاريخ نستكشف النهر الخفي الهادر في كأس الواقع التي يبدو لوهلة أنها ساكنة.
إن كامل الحضارة البشرية كانت إستكشافا لمعنى “الزمن”، و فهم له،فهل هو زمن خطي يبدأ بإشراق الشمس على ناحية و غيابها خلف جبل الاولمب لتستريح؟،ام أنه زمن دائري ينتج عن دوران الأرض حول محورها؟ ام أنه حر نسبي لا يرتبط بدورة كوكب حول نجمه؟ زمن قابل للتحرك في الماضي و المستقبل؟
أم أنه زمن متشظي و متداخل و منفلت و متعدد،يكون فيه الزمن هنا و هناك في ذات الوقت؟
و ذات الأمر ينطبق على التاريخ،فهل هو تأريخ خطي جامد و ثابت يمضي دون عودة،ام أنه تاريخ يدور مع الأرض مكررا حدوثه دون أن يتغير حدوثه عن كونه تاريخ دائري؟ صراع أبدي بين من يملك و من لا يملك؟ أم أنه تأريخ نسبي تقرر أيامه بقوى الجاذبية؟ أم أنه تاريخ متشظي و متعدد،فتكون حوادثه متجددة و متمردة،حوادث شديدة الإنفلات من المراكز و قادرة على الظهور فيما نظن أنه أقصى الحوادث المتباعدة زمنيا.
إننا في زمن “ميكنيكا الكم” نتنسم التأريخ أكثر حركية و توترا، زمن قد تقرأ فيه نصا او كلمات لشخص بعيد فتحس أنك قائلها و أنك شاهد بدمك و لحمك على هذه الحادثة.
إن التاريخ اليوم ” بات أكثر قربا”، لإنه تأريخ أشبه بالخريطة الجينية التي نتنبأ حينما نراها بكامل سيرة صاحبها البايولوجية، و التأريخ كذلك..التاريخ الذي هو شفرتنا العقلية و المعرفية التي حينما نتأملها نعيد فهم واقعنا و الإقتراب منه من لحظة سابقة..اللحظة السابقة لسقوط التفاحة على رأس نيوتن و أكتشاف الجاذبية..إكتشاف لشئ كان دوما قريبا منا لكنا لم نره.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى