مجرد رأي

ما بين سياسات د. البدوي الرأسمالية وسياسات د. أكرم الإشتراكية تتضح مؤشرات إنعدام التخطيط الاستراتيجي والتنفيذي بالحكومة الإنتقالية.

 

الإتفاق بين المكونين المدني والعسكري الذي أفضى إلى توقيع الوثيقة الدستورية وتم على أساسه تكوين هياكل الحكم الإنتقالي بشقيها السيادي والتنفيذي لم يهتم بجانب التخطيط أو حسم توجه الدولة السياسي والاقتصادي، كما أنه لم يؤسس لإجراء أي عملية تغيير وإصلاح قانوني وإداري حقيقي وجذري بل وكعادة العقل السياسي السوداني المتهافت على السلطة والحكم لم يكن يعني للذين وقعوه سوى تقنين مراكز الحكم والقوة والحصانات للعسكر من جهة ولقوى الحرية والتغيير من جهة أخرى.

من الطبيعي أن يكون للحاضنة السياسية والإئتلاف الحاكم في أي نظام حكم برنامجه الذي يحدد توجهاته السياسية والإقتصادية والإجتماعية، ويتم بناءا عليه التخطيط لكيفية تنزيل البرنامج على المدى القريب وعلى المدى البعيد وفق جداول زمنية ومؤشرات لقياس الأداء وتحقيق الأهداف، وماهية الأهداف الرئيسية والأهداف الفرعية.

غياب البرنامج الوطني والخطط الاستراتيجية عن مشهد الحكم الإنتقالي هو السبب الأساسي في التخبط والعجز في الأداء الذي رافق مسيرة الحكومة الإنتقالية في الإحدى عشر شهرا الماضية من عمرها، والمسؤولية هنا تقع على عاتق قوى الحرية والتغيير أولا ومن ثم على عاتق رئيس مجلس الوزراء ثانيا، فعملية الإهتمام بتحقيق أكبر قدر من المكاسب السياسية وفق المحاصصات هي عادة قديمة وراسخة في الممارسة والسلوك السياسي بالسودان، وإنعدام الإهتمام بالتخطيط وصنع السياسات العامة يكاد يكون سمة تلتزم بها كل أحزابنا ونخبنا السياسية، وحتى تلك التي تتبناها وتبشر بها في خطابها السياسي فهي غير جادة وغير حريصة على دفع وتحمل استحقاقاتها في تفكيك مصالحها وسلطتها الرمزية بما تقتضيه من نهج تشاركي واسع داخل الأحزاب نفسها أو على صعيد أصحاب المصلحة في القطاعات الفئوية والمهنية والمجتمع المدني بشكل عام.

وجود برنامج وتخطيط سليم لتنزيله على أرض الواقع هو شرط أساسي وملزم لتقييم أداء الحكومة ووزرائها، وغيابه يعني التخبط والتضارب في الرؤى والمواقف والتوجهات لمختلف الوزارات والهيئات الحكومية، كما أن وجود البرنامج والتخطيط الاستراتيجي للحكومة ككل ليس هو سدرة المنتهى بل في الحقيقة هو ضربة البداية لعملية صنع السياسات العامة للدولة، فالسياسات العامة ببساطة هي الأنشطة الحكومية أو القرارات اللازمة لتنفيذ البرامج التي تهدف إلى تحقيق أهداف سياسية واقتصادية واجتماعية.
وتنفيذ أي برنامج يستدعي تنزيله في شكل مشاريع عمل والتي يتم تنفيذها في شكل أنشطة محددة.

تضارب التوجهات وتناقض الأهداف في السياسات الحكومية بين الوزارات ومؤسسات الدولة نتيجة طبيعية وحتمية لغياب البرنامج العام للحكم فضلا عن غياب التخطيط الاستراتيجي للدولة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى