مقالات

محمد محمد صالح يكتب : ( تِركْ ) معزوفة الفوضى و مخلّص الكيزان


لا شك أن إعلان هياكل الدولة المدنية في الولايات و المجالس التشريعية لاستكمال مسيرة البناء الأوليّ في المرحلة الانتقالية ظل مطلباً رئيساً للثوار تحقيقاً لأهداف ثورة ديسمبر غير أن هذه المطالب ظلت ملاحقةً من أعداء الثورة و نباتات الظل التي فقدت مناخها الذي تعتاش فيه في عهد النظام البائد فعمدت إلى إحداث الفوضى في الأقاليم المختلفة تارة بين القبائل و أخرى عبر تيارات سياسية حليفة للحزب البائد خصوصا تلك الجماعات التي شعرت بالأمان حين لم تُلاحق قانونيا فيما أفسدته في الولايات فازدهرت ،
و لنا في شرق السودان المثال على ذلك فقد أُنشئت مؤسسات لتنميته كصندوق إعمار شرق السودان الذي أفقر أهل الشرق و مكن دائرة معينة ذات صلات بالصندوق و القائمين عليه بطريقة توحي بالمحسوبية و الفساد و الطرق الملتوية ..
و هنا تتجلى الحاجة المَِسيِسَةُ للمساءلة التي تعيد الحقوق و تحميها ممن يتسورها و تبدوا سيادة القانون أمراً ملحاً و يبقى سن القوانين و عدم إعمالها سبباً لنفيّ جدواها و فضّ إجماع الجماهير على الدولة و هذا ما يُفقدُها طريق مدنيتها الحاكمة و يربك ديمقراطيتها الناشئة و من المؤكد أن لهذا التشويش آثاره الجانبية على المجتمع المحلي و الدولي الذي يتابع ليختبر قدرة السودانيين على تحقيق التحول المنشود و هو ما دعا واشنطن لفرض عقوبات لبعض المنتمين لنظام البشير نُصرةً للتحول الذي يمضي فيه السودان بالسلمية التي لم تسلم فطعنتها أسنة العنصريين و لدغتها أفاعي الهامش و خسرها مجتمع الشرق في فتنة بين النوبة و بني عامر فتنة لو أن القانون طوى مشعليها لماتت في مهدها و لكن التقصير عن إخماد الشرارة وسع رقعة الحريق الذي قد يمتد في جسد البلاد كلها على ذات الشاكلة .
إن العهد الذي قامت عليه الإدارات الأهلية في شرق للسودان يتمثل في الحفاظ على التعايش السلمي و إغلاق أبواب الفتنة و الابتعاد عن الملعب السياسي حفاظا على سلام المجتمعات و هذا ما خرج عنه ترك و شيعة من النظار حينما ظنوا أن القبيلة لا زالت الكرت الرابح للحصول على المكاسب فعمدوا لصنع واجهة اسموها بالمجلس الأعلى لنظارات البجا و هو ما يتعارف به القبائل في الشرق و لكنه يعكس حالة جنون العظمة أو ما يعرف بالبارانويا و لعل هذا يكشف عن أن الهامش لازال يمشي في أزقة نظام الإنقاذ المطوي و تجهل فئة منه المغزى من قيام ثورة ديسمبر المجيدة و هذا يتبدى بجلاء في محاولة دخول ترك المشهد السياسي مستندا على حفنة من الناشطين و رئيس مؤتمر البجا الذي أصبح معزولا بعدما أطاحت الثورة بكرسيه الذي كان مساعدا للديكتاتور.
ترك دخل الملعب السياسي دون مؤهلات و لذلك قرر أن يراهن بالقبيلة فإن نجح فشلت الدولة المدنية و ربحت الفلول هذا المعطى يؤطر توصيف الصراع القائم الآن ليصبح صراعاً بين قوى الحداثة و الرجعية بل قوى الثورة و قوى الباطل و هنا لا أفتأ أذكرُ مفردة ( الباطل ) إلا و تسلل الحزب العجوز إلى مخيلتي بفعله البائس حينما فتح بابه لعودة القبيلة للسيطرة على المشهد السياسي فقط لأنه يريد مكسبا بذلك و بتعليل مفاده أنه يريد أن يستمع لأطراف مشكلة شرق السودان ما أتعس الفعل و العلة.

لو أن القانون هو السائد لغُلّقت أبواب الفتنة و لساد السلام بين الناس و هم أمامه سواسية يحتكمون إليه و يرضون به في دولة تنبذ العنصرية و العنف دولة تعيد القانون لدائرة تحقيق العدالة بعدما كان القانون أداة في العهد البائس يمكن القوي و يقهر الضعيف
هذا هو التحدي الآن أن نُعمل القانون و نحاكم الظالمين و نفتح عقولنا و قلوبنا للآخر و أن نقبل على صيرورتنا الجديدة في سودان جديد بثقة و إخلاص فإلى الأمام يا حمدوك و ليبارك الله السودان و يكفيه شر الفلول و الكيزان

لو أن القانون هو السائد لغُلّقت أبواب الفتنة و لساد السلام بين الناس و هم أمامه سواسية يحتكمون إليه و يرضون به في دولة تنبذ العنصرية و العنف دولة تعيد القانون لدائرة تحقيق العدالة بعدما كان القانون أداة في العهد البائس يمكن القوي و يقهر الضعيف
هذا هو التحدي الآن أن نُعمل القانون و نحاكم الظالمين و نفتح عقولنا و قلوبنا للآخر و أن نقبل على صيرورتنا الجديدة في سودان جديد بثقة و إخلاص فإلى الأمام يا حمدوك و ليبارك الله السودان و يكفيه شر الفلول و الكيزان

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى