القصة ومافيها

النور عادل يكتب : هل يقال الفريق أول عزالدين الشيخ؟

حراك واضح في الشرطة السودانية لا يخفى على رجل الشارع البسيط هذه الأيام، والكل يثني ويمدح الفريق أول عزالدين الشيخ، واتمنى ان يكون تعيين الرجل من قبل المكون العسكري من باب التنافس لخدمة الوطن، فهم لابد لاحظوا التقاعس الذي كان سمة بارزة إبان الفترة الماضية. وكثيرا ما نردد أن السودان بلد كبير يسع الجميع، فلو اتفق المدنيون والعسكريون لخدمة الوطن ولا شيء غير الوطن فلن استبعد ان نصبح غدا ونرى حلايب وشلاتين والفشقة حررت ونرى الأزمة تتلاشى إلى أن تختفي، فروح نجاح أي شركة ما هو الثقة المتبادلة اولا واخرا.
في أقل من ستة أشهر من تعيين الفريق شرطة عزالدين الشيخ بدأنا نرى روحا تدب من جديد في جهاز الشرطة بعد موت سريري ثلاثين سنة الماضية.
برغم تفاؤل الناس واستحسانهم لما يقوم به الرجل الان في موقع عمليات ميداني بكسلا، وحملاته التي انطلقت ضد العصابات والجريمة المنظمة وغير المنظمة، الا ان سحابة حزن خيمت على قلبي، وانا فيما يتعلق بالسياسة الوطنية اميل للشك وعدم الثقة مني لليقين وحسن الظن. فقد عودتنا النخبة السياسية العلية في هذا البلد المنكوب بنخبة قل فيها ما شئت من شتائم محترمة يمينا ويسارا ووسطا لن تفيها حقها؛ اقول عودتنا هذه النخبة على إبعاد المميزين والكفاءات عادة، وتعيين (الكفوات) لأن الأكفاء غالبا ما يجودون العمل، ويدققون، ويمحصون، ويتابعون قراراتهم حتى التنفيذ النهائي لها على الواقع، ولا يكتفون بالجلوس في المكاتب والتوقيع من خلف مكاتب المهوقني والزجاج الفخمة، أشك أن يستمر الرجل في منصبه أكثر من عامه هذا، فالرجل كما علق احد الناس حقق فعلا شعار الشرطة في خدمة الشعب، وأنها الان تعمل بجد أكثر مما كانت تعمل منذ الاستقلال، بالغ الرجل وقال أن الشرطة باتت تشبه إلى حد ما الشرطة الأمريكية والبريطانية منتشرة في كل مكان، وأضاف أن نشاط كهذا لابد أن يثير حفيظة الحساد والمتسلقين وسيعملوا على ازاحته بكل طاقتهم. الواقع أن الرجل نطق بكل أفكاري وخواطري وانا ارى حملات النجدة في كل التقاطعات في طريقي إلى البيت.
من جانب آخر لابد من التشديد على أنه ليس من المفيد مهاجمة جهاز الشرطة بإطلاق دون موضوعية كما يحلو للبعض أن يفعل، فهذا جهاز كان في حالة اختطاف لأكثر من ربع قرن فمن الطبيعي أن يكون به المتردية والنطيحة من عناصر الإسلامويين الضلاليين الحالمين بالعودة عبر التخريب من داخل الشرطة ليحققوا شعارهم السمج (دي المدنية الدايرنها) ويأججوا الشارع تمهيدا لفوضى يحلمون بها ليل نهار ويخططون لها شرقا وغربا ولكن كلما أوقدوا نارا للحرب أطفأها الله.
من المفيد جدا في هذه المرحلة الحساسة من عمر الفترة الإنتقالية أن نرأب الصدع بين المواطن وشرطته وجيشه، وأن نفوت الفرصة على الفلول وكتائبهم الاسفيرية وان نفوت الفرصة بنفس القدر على الأحزاب السياسية اللاهثة للسلطة من أن تعطى منصب حساس كمنصب قائد عام الشرطة، وأعلم أن هذا الطرح الوفاقي لن يعجب الكثيرين ولكن لابأس فليس من المفيد أن نركب كلنا في مركب النقد ذا الاتجاه الواحد فقط ضد العسكريين أو المدنيين بل نتمنى أن يأتي يوم وننسى هذه التفرقة الفنية في وطن حر معافى الكل فيه أمام القانون سواسية، إن أمانة الكلمة التي في يوم جعلتنا ننتقد نفس الجهاز هي نفس الأمانة التي تجعلنا اليوم نقول أحسنتم ووفقتم.
ولكن كما اسلفت لا أظن الرجل سيستمر في منصبه، فهذه دولة أسست على الفشل واكتاف الفاشلين ولا مكان فيها للكفاءات والوطنيين، اتمنى وادعو وأصلي أن تخيب توقعاتي ومرة فقط في تاريخنا الحديث (نقد عين الشيطان)

رحماك يارب بالسودان وأهله.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى