مجرد رأي

النور عادل يكتب : جمعية مهندسي الطاقة Going green-sudan

(والله حاجة صغيرة وبتعمل فرق كبير شديد)
هكذا حدثتني المهندسة أسماء زهير مسؤولة لجنة الخدمات المجتمعية بجمعية مهندسي الطاقة فرع جامعة الخرطوم وهم في إطار مشروع لاصحاح البيئة بعمل سلال ملونة لإعادة تدوير النفايات. وهو مشروع ملهم ومحفز ومنقذ للأمل قبل أفوله وسط هذا الصخب العام المنشغل بساسة يسوس أكثر من الصحة والبيئة وهما ركائز الحياة الكريمة قبل كل شيء وبعد كل الأشياء.
الفكرة رغم بساطتها الظاهرية الا أنها عظيمة المضمون خاصة في ظل عاصمة كالخرطوم لن نكون مخطئين لو أسميناها بعاصمة القمامة والصرف الصحي مع أكثر البلدان قذارة واتساخا.
قلت لمحدثتي بعد أن رأيت صور المشروع على الاستوري خاصتها، أنني أعاني كل يوم لأجد سلة ولو وحيدة في زاوية ولو واحدة فقط في ملايين الزوايا من هذا البلد لأرمي كوب القهوة الورقي أو كيس قمامتي وأنا اعمل سائقا في الطريق نحو عشر ساعات ومثلي آلاف، وأكره أن أرمي نفاياتي سدى في أي مكان، فاحتفظ بكيس فيه بقايا طعام وقوارير فارغة واغلفة حلوى… فاحتار صدقا أين أجد سلة في عاصمة تفاخرت أنها قبل سنوات كانت عاصمة الثقافة العربية! وعاصمة للنظافة!
برغم بساطة الفكرة وهي سلال بالاخضر والاصفر والاحمر والأزرق وكل واحدة لنوع معين من القمامة (جافة، سائلة، معدنية، بلاستيكية) لكن حاول أن تشرع الخيال وترى مثل هذه السلال في الشارع حولك، فقط لنبدأ بالشارع أو بأول مئة متر أمام بيتكم. هل تخيلت المشهد؟ قارنه بما تراه الان من قذارة وقل لي بربك كيف هو الشعور.
قبل سنتين من الان قام صديق لي عاش معظم سنوات عمره في الاغتراب ما بين امريكا والإمارات وهو مهتم بالنظافة والبيئة بل ومهتم حتى بالحيوانات التي يراها في طريقه تعاني المرض والاهمال. انتقل صديقي هذا إلى أرقى أحياء العاصمة، كافوري وكم كانت دهشته وصدمته أنه حتى في أرقى أحياء البلاد كانت القمامة سيدة المنظر في الشوارع والميادين والمكبات العشوائية، قام صديقي بإزالة مكب عشوائي ومن ثم تشجيره وزراعته بالخضر وانواع من أشجار الزينة. لكنه أبدى لي حزنه وأسفه الشديد أن لا أحد من ساكني الحي اهتم بما فعل أو تجاوب معه، برغم أن قناة العربية الأجنبية اهتمت ووثقت للحدث ونشرته عبر موقعها ذائع الصيت.
وهذا يقودونا إلى وحل السياسة السودانية في القديم والجديد التي لا تقيم أدني اهتمام لملف البيئة وتبعاته من احتباس حراري وانبعاث ثاني أكسيد الكربون، كل العالم اليوم يقف متضامنا للحفاظ على سلامة الكوكب الذي نعيش فيه معا الا نحن نأكل ونشرب ونرمي نفاياتنا من شباك السيارة في عرض الطريق في مشهد مألوف ينم عن شديد الأنانية والاستهتار واللاوطنية واللا أخلاق.
Going Green
تقول أسماء عن رؤيتهم المستقبلية:
(مؤمنين انه السودان عنده الإمكانيات عشان يكون تطويره مستدام، ونأمل انه يحقق الاستدامة دي سواء من ناحية بتاعت طاقة في استخدامات الطاقات الصديقة للبيئة renewable energy زي طاقة الشمس والرياح والحمد لله في بدايات جادة للمشاريع دي ولي زيادة الوعي بيها حتى ومن ناحية كمان في استغلال الموارد الزراعية)
يا بني السودان:
يا عالمين:
يا سياسيين:
يا نشطاء:
يا رجالات العلم والفكر والثقافة:
يا جن كلكي مدنيين وعسكريين:
اااااها من وجع وقلق هذا الملف..
يا سكان مثلث برمودا:

هذا مشروع للحفاظ على البيئة يستحق بحق أن يدعم ويتم تبنيه على مستوى الدولة ورجال الأعمال الوطنيين ويستحق الرعايا والاهتمام من منظمات المجتمع المدني التي استهلكت في السياسة والفعل السياسي العام ونسيت أهم مزية في سعيها لإعادة النظام المنهوب، نسيت إعادة النظافة لشوارعنا التي تحولت جميعها إلى مكبات ومجاري تفيض بالماء الآسن والدماء والدمار.
ويا للدهشة وأنا أسطر لوعتي على بيئتنا المتضعضعة المهزومة بأيدينا وسلوكنا الفج.. من أمام خور سوق الموردة من الناحية الشمالية (جنبات القهوة والشيشة) ولن أصف لكم المشهد.
صوت شكر وتقدير ومحبة لجمعية مهندسي الطاقة فرع جامعة الخرطوم مزيد من التقدم والازدهار لكم وابقو الصمود وواصلوا وانظروا لسودان غد أخضر بسواعدكم وعزمكم ولا تيأسوا.
غدا أجمل بالله ثم بكم وانتم تفكرون في غدنا الأخضر.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى